عندما تتعدد الولاءات يتأذى الوطن

> علي مهدي عليوه:

> يهتم المفكرون وأساتذة الجامعات والمراكز العلمية على مختلف مآرمهم ومشاربهم السياسية بموضوع الولاء، باعتباره من المواضيع الهامة والمعقدة، لتداخله بولاءات وهويات مختلفة، وقد يتبادر إليك عزيزي القارئ ومن أول وهلة بأن الولاء لا يكون إلا للوطن بعد الله سبحانه وتعالى، الا أن هنالك كثيرا من الولاءات (ولاء للأسرة، ولاء للعشيرة، ولاء للقبيلة، ولاء للحزب الذي تنتمي إليه، ولاء للمؤسسة التي تعمل فيها أو التي تدرس فيها...إلخ).

يقول د. مدحت محمد أبو النصر، أستاذ تنمية وتنظيم المجتمع بجامعة حلوان عن مفهوم الانتماء هو الوفاء والاخلاص والالتزام والمحبة والاندماج الذي يبديه الفرد عن شيء يهمه.

والانتماء هو أن يتشبع الفرد بثقافة وعادات المجتمع (الدين، اللغة، الفنون) أي أن يكون الفرد مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بكل ألوان الطيف الاجتماعي. والانتماء إلى الوطن لا يمكن أن يرتقي مرتقاه النهائي ما لم يكن هناك مسلك لكبح جماح النفس المشدودة للقبيلة أو العشيرة أو الحزب الذي تنتمي اليه، ليظل الانتماء إلى الوطن مسلكا سويا لا تشوبه شائبة وبعيداً عن النفاق والكلام المزخرف.

فالمسلك السوي للفرد يحدد انتماءه إلى الوطن، ويتجسد من خلال تسخير كل الإمكانيات والمقدرات والمواهب التي يتمتع بها لصالح الوطن.

إن تعدد الولاءات لن يجني منه الوطن إلا الشوك والجراح، وتلحق بالوطن خسائر لا طائل بعدها، وحينها يصبح الولاء للوطن ضرباً من الخداع، وأكذوبة كبرى، والأمثلة الحية أمامنا كثيرة، فما يجري في لبنان الجريح خير شاهد على ما نقول (طوائف وأحزاب وعشائر، ولاء خارجي) فالكل يتباهى ويتباكى على الوطن، والوطن يتأذى جراء الحروب والصراعات الداخلية، وكذا الحال في فلسطين الجريحة.. حروب كلامية، واحتقان الشارع الفلسطيني، تطورت إلى حرب بين أبناء الوطن الواحد، وتمخض عن ذلك كله نظام في الضفة الغربية ونظام في قطاع غزة، وكلاهما يدعى الشرعية وهذا ما يسمى بصراع الولاءات conflict of Loyalties . صراع بين الولاء المؤسسي، والولاء الديني وغيرها من الصراعات التي تضعف ولاء الفرد للمجتمع والشيء بالشيء يذكر، ولا نذهب بعيداًً فها هي الدولة العبرية بجانب العرب، فإن انتماء الانسان الاسرائيلي لوطنه من الثوابت التي لا يجب القفز عليها وهذا يقوي ويزيد من صلابة دولتهم.

وفي العالم الآخر شيء يبعث على الإعجاب، فمثلاً في اليابان نجد الانتماء إلى الوطن يعتبر من المقدسات، ويضرب الياباني أروع الأمثلة عندما تتفجر مواهبه لابتكار ما هو جديد من الصناعات التي غزت العالم ودخلت البيوت، هنا يتجسد الانتماء للوطن وعندها تسمو روح الإنسان الياباني وتبلغ مبلغها النهائي، ويتحول الانتماء للوطن إلى اقصى حدود المحبة.

وأخيراً إن زيادة درجة الانتماء للوطن من قبل أبنائه تكمن من خلال شعورهم بالسكينة والارتياح والاستقرار المعيشي والأمان، وهذا يساعد على تقبل المواطنين لأي تغيير يمكن أن يكون لصالح أو ضد الوطن، كما أن زيادة الانتماء للوطن تجعل أفراد المجتمع يشعرون بالرضا التام عن وطنهم، والذود عن حياضه.

والله من وراء القصد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى