أكاذيب تكشفها حقائق

> أحمد عمر بن فريد:

> في عدد جريدة «الخليج» الإماراتية الصادر يوم 2007/8/10 كتب الأستاذ نصر طه مصطفى مقالاً بعنوان (معالجة المشكلات اليمنية).. حاول من خلاله استغلال هذه النافذة الخليجية التي يطل من خلالها على القارئ الخليجي ليوضح له أن ما حدث ويحدث من (احتقانات) و(حراك سياسي) في الجنوب ليس سوى (مشاكل بسيطة) ناتجة عن أسباب غاية في السهولة وأنها لا تحتاج كل هذا التهويل والتضخيم.. ومن أجل هذا الطرح غير الواقعي والبعيد كل البعد عن حقيقة الأزمة اضطر صاحبنا إلى تقديم (مبررات) بدت في مجموعها (هزيلة) ومتناقضة مع نفسها في نفس الوقت، وحتى لا نذهب بعيداً في التوضيح دعونا نستعرض بعض (الجمل التكتيكية) التي دبج بها العزيز نصر مقاله وهي وحدها (فقط) قادرة على كشف الأباطيل.. التي يحاول بها مثقفونا حل المشاكل العميقة وتقديم النصح بشأنها للداخل والخارج.

يقول صاحبنا «ما ان انتصرت الإرادة الشعبية لاستمرار وحدة اليمن، حتى شرعت الحكومة في اتخاذ العديد من الإجراءات الرسمية تجاه (المئات) من ضباط وأفراد القوات التي قاتلت مع الحزب الاشتراكي، وذلك بإحالة معظمهم إلى التقاعد (إلا من رغب) في الاستمرار في الخدمة العسكرية وتوالت إجراءات من هذا النوع على مدى السنوات التالية لكنها فيما بعد لم تقم على أساس سياسي، إذ جاءت في إطار برنامج (الإصلاح الإداري) في صفوف الوظائف المدنية والعسكرية».

من هذه الفقرة وحدها يمكن للمرء اكتشاف كم المغالطات والتناقضات الواضحة، وهي مغالطات وضعت حولها أركانها أقواساً لحصرها ولتسليط الضوء حولها ولتنفيها، ففي المغالطة الأولى يقول نصر إن عدد المتقاعدين هم فقط بـ (المئات)!! بينما يعلم القاصي والداني- في داخل الوطن وخارجه- وأولهم كاتب المقال مصطفى أن الضالع وحدها فقط تحوي بين جبالها وسهولها ما لا يقل عن عشرين ألف متقاعد عسكري!! فكيف قبل مصطفى على نفسه وهو رئيس وكالة رسمية للأنباء أن يكذب ويقول إنهم فقط بـ (المئات).. علما أن إجمالي المؤسسة العسكرية لدولة الجنوب التي تم (حلها) وإحالتها للتقاعد (القسري- السياسي) وليس في إطار برنامج الإصلاح الإداري الذي اخترعه لنا مصطفى يتجاوز 80 ألف عسكري.

ثم أي برنامج إصلاح إداري هذا الذي ينتقي فقط أبناء القوات المسلحة من أبناء الجنوب؟!! وأي برنامج إصلاحي هذا الذي يبعد أفضل الكوادر العسكرية المدربة في جيش عرف عنه احترافيته العسكرية؟.. كما أنه (أي صاحبنا) يقول إن الذين لم يرغبوا الإحالة للتقاعد فقط مارسوا عملهم!! وهنا يكمن التناقض بعينه.. فكيف يقبل المتقاعدون قسراً (عدم الاستمرار في الخدمة) ويقررون التقاعد بإرادتهم- بحسب كلام الكاتب- ثم يعتصمون في العام التالي في ساحة الحرية بعدن احتجاجاً على أنفسهم التي استحبت لهم قرار الخروج من الجيش وبرنامج الإصلاح الإداري العظيم؟!!

وفي فقرة أخرى يذكر الكاتب نفسه ما يؤكد هذا التناقض الذي أشرت إليه حينما يقول «من حق الذين تمت إحالتهم إلى التقاعد (قسراً)».. ثم نراه فيما بعد يقدم تهمة (الانتماء السياسي) لأفراد القوات المسلحة الجنوبية كذريعة أو مبرر جديد ولكنه مبرر ضعيف وغير قادر على الصمود أمام حقيقة أخرى ناسفة لها من أساسها وهي أن الألوف ممن أحيلوا للتقاعد (القسري) عقب حرب صيف 94م، من بين صفوف القوات الجنوبية التي قاتلت إلى جانب قوات الشرعية وهي قوات جنوبية معروف عنها خروجها من الجنوب عقب حرب يناير 86م (قوات الزمرة).. فهلا يتقبل الكاتب سؤالي عن ذنب هؤلاء الآخرين في التقاعد؟!! أم أن برنامج الإصلاح الإداري أيضاً سيكون هو الإجابة المثلى لمثل هذا السؤال المنطقي !!

هذا عن جانب المحالين (قسراً) من العسكريين.. فماذا عن المحالين (قسراً) من المدنيين من أبناء الجنوب وهم أكثر بكثير من العسكريين.. ترى ماذا يمكن أن يقدم لنا الكاتب من حجج ومبررات (مقنعة) بشأن إحالتهم للتقاعد؟

عزيزي نصر طه مصطفى وأنت رئيس وكالة سبأ للأنباء ورئيس نقابة الصحفيين اليمنيين.. وأنت تحتل هذه المواقع الرسمية المهمة نرجو أن تتحرى الدقة فيما تقول! وتتقي الله في هؤلاء المساكين.. لأن الحق ولا شيء غير الحق سوف يحصد النصر الأكيد وسوف يسطع نجمه في سماء الأكاذيب والمبررات الوهية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى