حقائق وأحداث غرفة التفتيش الصحي بلحج يرويها أهالي الضحايا وأبناء حارتهم

> «الأيام» هشام عطيري:

>
ثلاثة من خيرة شباب حارة وحيدة في عمر الزهور ورابعهم عامل الصرف الصحي أمسوا ضحايا أحداث فاجعة أليمة هزت حوطة لحج وواديها تبن.

عوامل عديدة كانت وراء هذه الفاجعة منها التسيب والإهمال واللامسؤولية التي سيطرت على عقول من يقودون بعض المرافق التي من مهامها حماية أرواح الناس، مما أدى الى انفلات في تلك المرافق كان سببا في سقوط هؤلاء الضحايا وعدم إنقاذهم في الوقت المناسب، ولم يكن هذاء الحادث هو الأول .

كما أنه لن يكون الأخير.. عن هذا الحادث وسيناريو فاجعته وإهمال وتقصير الجهات المسؤولة في إنقاذ حياة ضحاياه تحدث لـ«الأيام» عدد من أقرباء الضحايا وأهالي الحي .. وإليكم الحصيلة.

> عارف سعيد المعلم، عاقل الحارة، قال:

«تم إبلاغنا من قبل أحد أبناء الحارة بأن عامل الصرف الصحي علي الشميري قد دخل غرفة التفتيش وأغمي عليه، فتحركنا بعد ذلك إلى موقع غرفة التفتيش وقد تطوع الشاب أحمد محمد الروضي بالنزول لإنقاذ عامل الصرف الصحي غير أنه فقد الوعي وظل بجانبه، ثم تطوع شاب آخر يدعى محمد علي صدقة من ابناء الحارة لكن ما لبث أن سقط هو الآخر مغمى عليه بعد أن أطلق صيحة من قاع غرفة التفتيش.

بعد ذلك قام شاب آخر يدعى مجدي علي صدقه، وهو أخو الشاب محمد، بالنزول ونجح في إخراج أخيه من غرفة التفتيش، لكنه عندما رأى صديقه أحمد الروضي في غرفة التفتيش حاول رفعه في أحد الاتجاهات ونجح، غير أنه سقط هو الآخر وهو يحاول رفع صديقه.

بعدها حضر الشاب منصور الروضي وخلع ملابسه ونزل لإنقاذ أخيه أحمد غير أنه لم يستطع وسقط هو أيضاً في غرفة التفتيش. كما وصل فريق من تحسين النظافة بقيادة محمد غانم هارب ونزل غرفة التفتيش ولكن سرعان ما أغمي عليه، وفي هذه اللحظة وصل الدفاع المدني بدون إسعافات أولية وبسيارة إطفاء الحريق ووقفوا متفرجين باستثناء واحد منهم ساعد الأخ إبراهيم المريدي في عملية الإنقاذ، وقام أحد أبناء الحارة ويدعى إبراهيم المريدي ببل كشيدة ولفها حول أنفه وفمه ونطق بالشهادتين ونزل إلى داخل الغرفة، وقام بانتشال عامل الصرف الصحي محمد غانم هارب كما قام بإنقاذ الآخرين الواحد تلو الآخر، بعد أن كان يأخذ نفساً عميقاً لمدة ثلاث دقائق بين كل حالة وأخرى.. وبصفتي عاقل حارة أجريت اتصالين بمدير صندوق النظافة والتحسين وطلبت منه إرسال سيارة وعمالا وحبالا للإنقاذ، لكنه لم يحضر وحضرت سيارة التحسين وعليها عمال بقيادة محمد غانم هارب.

كما قمت بالاتصال بمديرية المديرية ولكن هاتفه لم يرد، وفي الأخير حضر ومعه صلاح الحاج بعد أن تم نقل الحالات إلى المستشفى، كما اتصلت بمدير البحث بلحج وأجابني شخص آخر بدلاً عنه وسألني أين أهل الحارة، قلت له موجودون ولكن من نزل يغمى عليه في أقل من دقيقة. وأيضاً اتصلت بمدير أمن الحوطة لكنه أفادني بأنه في دار سعد فطلبت منه أن يتصل بإدارة الأمن لإرسال طقم عسكري لتفريق الناس.

كما أود القول إن مستشفى ابن خلدون هو الآخر ساهم في التقصير في معالجة المصابين لعدم وجود الاكسجين ولا المساعدين الصحيين وغيرها من الأمور البسيطة».

> حسين علي صدقة مانع، شقيق المتوفى، قال:

«كنت أنا وإخواني مجدي ومحمد وبعض الإخوه (العنب، حامد، حافظ، سميح والفقيدان مجدي وأحمد وعوض سعيد) في دكان عاقل الحارة، وجاء الأخ أنور علي عوض دباء يبلغ عاقل الحارة بأن عامل المجاري قد أغمي عليه داخل غرفة التفتيش، وتوجهنا جميعاً إلى الموقع ونزل أحمد الروضي ومعه أخي الأصغر إلى داخل الغرفة لإنقاذ عامل الصرف الصحي وسرعان ما لاحظت بأن أحمد الروضي أغمي عليه بجانب عامل الصرف الصحي، وخرج أخي الأصغر محمد من داخل الغرفة وقفز حتى أمسكني بيده الأخ العنب وبمساعدة الآخرين أخرجوه من غرفة الصرف الصحي وهو في حالة يرثى لها، وأجريت له الإسعافات الأولية حتى أفاق من غيبوبته، وسرعان ما نزل أخي مجدي محاولاً انقاذ أحمد الروضي ولكن أغمي عليه هو الآخر وأنا أحاول إسعاف أخي الأصغر، وكنت اتصرف بدون شعور وذهبت إلى النجدة ووجدتهم يلعبون بطة (كوتشينة) وقالو لن نتدخل اذهب إلى الأمن السياسي.. لا حول ولا قوة إلا بالله! ضاع ضمير الناس، انتزعت الرحمة من قلوبنا.. وعدت إلى المستشفى لإنقاذ أخي الصغير وهو يعاني من صعوبة التنفس وآلام في جميع أجزاء جسمه وخاصة الصدر.

كنت أتخبط هنا وهناك ولم أحس أو أتألم أو أعلم أن رجلي قد كسرت إلا بعد مواراة جثمان أخي الأكبر الثرى.. انتظرت في المستشفى بجانب أخي محمد ولم أعلم بحال أخي الأكبر اكان حيا أم ميتا، وفي المستشفى أحضروا ممرضتين وثلاث اسطوانات اكسجين للأسف كانت فارغة، ولم نلق عناية منهم ولم يحركوا ساكنا إلا عندما وصلت قريبة لي تعمل في المستشفى، وقد حركت كافة الإخوة في المستشفى لكونها ممرضة على دراية بإمكانيات المستشفى».

وأضاف: «عندما كنت بجانب غرفة التفتيش الصحي أخرجوا أخي الصغير ودخل أخي الاكبر وأغمي عليه، حاولت النزول ولكن منعني الاستاذ العنب.. الذي طلب من الأصدقاء والموجودين عدم الدخول، بالإضافة إلى قيام بعض الإخوة بفتح كافة أغطية غرف التفتيش الأخرى حتى تتسهل عملية التنفس للآخرين. بعدها ذهبت إلى العميد بدر صالح علي وأنا في حالة يرثى لها، واستجاب لي عندما رأى حالتي منهارة جداً وخفف من همي وذهب معي إلى الموقع بالسيارة وقام باللازم.

أما المسؤولون فلم نلق منهم أي تجاوب حتى أنهم لم يقوموا بالمساعدة أبداً ولا حتى بكلمة عزاء باستثناء مدير عام الضرائب الذي قدم واجب ومستلزمات التعزية».

واستطرد قائلاً: «ورجعت إلى المستشفى وأنا لا أعلم عن حالة أخي وما إصابة مجدي الذي تركته في غرفة التفتيش مغمى عليه.. وأحضروه إلى المستشفى الساعة الثانية عشرة والنصف ليلاً بسيارة المواطن فهد الشرمة، وحملته بيديّ (وهو جثة هامدة) إلى غرفة الإنعاش، وعلمت أنه توفي وأظلمت عليّ الدنيا ولم أر شيئاً أمامي.. وسلمت أمري لله عز وجل.

وفي ضوء هذا نطلب من الجهات المسؤولة ما يلي:

أطالب المجلس المحلي بالحوطة بالتحقيق مع صندوق النظافة ومحاسبته على إهمالهم وعدم حضورهم عندما استنجدنا بهم كما أشار عاقل الحارة سعيد المعلم.

أحمل المسؤولية لمستشفى ابن خلدون على إهمالهم وعدم الاستجابة وعدم توفير الاكسجين وكذا عدم إرسالهم لنا سيارة الإسعاف، والتقصير في موقع الحادث والمستشفى فرغم الاتصالات المتكررة معهم إلا أنهم لم يبالوا بأرواح الآخرين.

نسأل الله عز وجل أن يدخل فقداءنا مجدي، وأحمد، ومنصور فسيح جناته.

وفي الأخير نطالب المختصين بتوفير وظيفة لزوجة أخينا الفقيد أحمد محمد منصور الروضي كونها أماً لطفلين ليس لهم بعد الله إلا والدهم المتوفى.. ونطالب للفقيد مجدي علي صدقى بتوظيف أحد إخوته كونه يعول اسرة كبيرة جداً، ومواساة هذه الأسرة ودعمها. إنا لله وإنا إليه راجعون».

> الأخ يسلم العنب، من أهالي الحارة:

«لن أكرر سيناريو الفاجعة، فقد رواه الأخ عاقل الحارة، لكنني أود أن أقول إن ما قمت به يتمثل في منع عدد آخر من الناس الذين كانوا يريدون النزول لإنقاذ الضحايا لأنني وجدت أن من كان ينزل يغمى عليه، وإذا نزل هؤلاء فإن عدد الضحايا كان سيزداد، كما قمت في الوقت نفسه بفتح أغطية غرف التفتيش الاخرى من أجل التهوية.

إننا نحمل المسؤولية الجهات المقصرة متمثلة في صندوق النظافة والدفاع المدني ومستشفى ابن خلدون، ونطالب بمحاسبتهم وإزالة الضرر وتوظيف زوجة الفقيد أحمد منصور الروضي كونها تعيل طفلين ليس لهما أي مصدر دخل، وكذا توظيف أحد أخوان الفقيد مجدي علي صدقة، كما نطالب المحافظة بتعويض الأسر المنكوبة».

> الاخ إبراهيم سالم المريدي، من أهالي الحارة:

«عندما حضرت كان هناك خمسة ضحايا داخل غرفة التفتيش، ثلاثة منهم إخواني وأحبائي واثنان من عمال النظافة، وكثير من الناس ملتفون حول غرفة التفتيش، وعمال الدفاع المدني يقفون مكتوفي الايدي، وتوكلت على الله بعد أن قمت بتبليل الكشيدة بالماء البارد ولففتها حول انفي وفمي ونطقت بالشهادتين ثم نزلت.. بعدها تحرك واحد من عمال الدفاع المدني لمساعدتي ولكن من أعلى الغرفة وبدأت بإخراج عامل الصرف الصحي محمد غانم ثم الأخ منصور الروضي ثم الأخ مجدي.. كنت أرتاح بين الحين والآخر وأتنفس كثيراً.

والآن أشعر بآلام شديدة في صدري وصعوبة في التنفس.. وأرجو من الله الصحة والعافية».

> الاخت خديجة الشميري، شقيقة عامل الصرف الصحي المتوفى، قالت: «أود القول إن أخي يعمل متعاقدا منذ فترة طويلة مع الصندوق وأن المدير العام للصندوق قد قام بتوقيف راتب شهر يوليو، وعندما حضر أخي قبل الحادث وسأل المدير لماذا أوقفت راتبي كان جواب المدير لا يليق بشخص يتحمل المسؤولية ثم قال لأخي إذا كانت تريد راتبك اذهب وافتح انسداد البحيرة.. ذهب أخي بصحبة محمد غانم هارب وقاما بفتح انسداد البحيرة، ثم قال المدير لأخي مرة أخرى هناك انسداد آخر في حارة وحيدة (موقع الحادث) وإذا لم تقم بفتحها فإن راتبك سوف يظل موقفاً .. وذهب أخي حسب التوجيهات المعطاة له من المدير العام إلى غرفة التفتيش التي حصل فيها الحادث، مع العلم أن مدير الصندوق يقوم دائماً باستفزازات مستمرة ضد أخي وآخرين من العمال منهم عبده علي قاسم، ولا يجرى أي تحقيق معه، مع العلم أن أخي ظل متجاوبا في عمله ليل نهار، وعندما يتلقى أي اتصال من أي مسؤول يقوم بواجبه في الحال. نرجو محاسبة المقصرين وتعويض أخي وتثبيت راتب له كونه يعيل ثلاثة أطفال».

> العميد بدر صالح علي العزيبي، من أعيان المنطقة، قال:

«نشكر صحيفة «الأيام» على ملامستها لهذا الحادث المفجع منذ البداية، والذي أظهر الكثير من النواقص والإهمال واللامسؤولية من قبل الجهات المسؤولة، الأمر الذي نجم عنه وفاة ثلاثة من أبناء الحارة في مقتبل العمر، إضافة إلى عامل الصرف الصحي.

ونحن من جانبنا نحمل المسؤولية السلطة المحلية والبلدية وصندوق النظافة والدفاع المدني في المحافظة الذين لم يقدموا أي شيء يذكر في هذا الجانب.. ونطالب بالتحقيق في هذا الموضوع من قبل الجهات المختصة والإسراع بإصلاح كل العيوب التي ظهرت في هذا الحادث حتى لا يتكرر، وتطبيق شعار (الرجل المناسب في المكان المناسب) لأن كل الاختلالات التي تحدث بسبب عدم العمل به، لذا نتعشم في المحافظ والأمين العالم إعادة النظر في تلك الاختلالات».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى