الإعلامي والفنان باجنيد.. رحلة إبداع امتدت من عدن إلى هولندا

> «الأيام» محمد فضل مرشد:

> عشق الموسيقى طفلاً وتبع فرقة أحمد قاسم في الأفراح والحفلات حتى بات أحد موسيقييها .. التحق بالإذاعة وأصبح صوتاً إذاعياً لامعاً في تقديم مختلف البرامج ولم يلبث أن أصبح أحد مؤسسي تلفزيون عدن، ومن ثم إذاعة صوت هولندا.. إنه عبدالرحمن باجنيد ضيفنا لهذه الحلقة.

< كيف كانت بدايتكم الجديدة في هولندا؟

- هناك في هولندا عودة من الأعمال التلفزيونية إلى الأعمال الإذاعية، وكنت في خلال الفترة من 1969م كانوا محتاجين إضافة إلى قارئ للأخبار من ينظم المكتبة الموسيقية الخاصة بالإذاعة ويختار الأغاني فكنت أقدم البرامج الموسيقية وبرامج المستمعين مثل ما يطلبه المستمعون وندوة المستمعين وكنا أيضا نقدم برامج نستضيف فيها جمهور الجالية العربية هناك وهي جاليات من مختلف الدول العربية وفي الأعياد والمناسبات نقوم بدعوتهم لزيارة الإذاعة ونطوف بهم باستديوهاتنا ومن ثم نقيم لهم حفلات موسيقية وغنائية فقد قمت بتكوين فرقة موسيقية من عدد من العازفين العرب الموجودين هناك ودربتهم وكنا نقوم بتقديم الأغاني في الإذاعة وكذلك نقوم بإحياء الحفلات التي تقيمها الشركات الكبيرة مثل شركة (فليبس) أو (K.L.M) أو (ديتش بيبي) حيث لديها الكثير من العمال العرب وتقيم لهم الحفلات في الأعياد الإسلامية ويلجأون إلينا لهذا الغرض حيث كنا الفرقة الموسيقية العربية الوحيدة التي تتصل بالسفارات والشركات ويلجأ إليها لإحياء احتفالات الجاليات العربية.

< بماذا تميز العمل في إذاعة هولندا؟

- في هولندا العمل الفني سار جنباً إلى جنب مع العمل الإذاعي في السنوات العشر الأولى ومن ثم اقتصر نشاطي على الإذاعة فقط بسبب سفر بعض أفراد الفرقة واكتفينا بتقديم الحفلات لضيوف الإذاعة.

ومن البرامج التي قدمتها برنامج جديد ابتدعناه اسمه (Top Ten) يقوم باختيار الأغاني العشر الأكثر نجاحا والأكثر مبيعا في أوروبا.

وقد أشبعت في هولندا غريزتي الفنية.

< هل فكرت في تسجيل أعمالك الفنية طالما وأن الإمكانات الفنية متاحة في هولندا؟

- أصدرت في هولندا أسطوانة سيدي للأغاني والتسجيلات الخاصة بي وقامت إذاعة هولندا بتوثيقها وتوزيعها على المكتبات لأن المكتبات الثقافية في هولندا ليست فقط لقراءة الكتب بل وللاستماع إلى الموسيقى أيضا وأنا مثلت نموذجاً تعريفياَ بالموسيقى والغناء في اليمن.

< هل لمستم تفاعل المستمع العربي مع البرامج التي كنتم تقدمونها في القسم العربي بإذاعة هولندا؟

- في التسعينات بدأت الفضائيات تغزو العالم العربي وبحكم أن إذاعة هولندا كانت موجهة إلى العرب فقد كانوا يقومون بعمل مسح بإرسال مندوبين لاستقصاء آراء المستمعين في العالم العربي حول البرامج التي تقدمها الإذاعة والتعرف على مقترحاتهم وآرائهم وقد كان الآلاف من المستمعين للإذاعة يبدون إعجابهم بالبرامج التي نقدمها في إذاعة هولندا ولكن مع ظهور الفضائيات قل الاهتمام بالاستماع للإذاعات خاصة وأنها كانت تبث بالموجة القصيرة وليس موجة متوسطة أو FM يمكن استقبالها بأجهزة الراديو المتوفرة في السيارات، وقد كان هناك تفكير ببث الإذاعة على موجة الـ FM ولكن وجدوا أن الكلفة ستكون مرتفعة إضافة إلى منافسة شديدة من قبل الفضائيات فتم إغلاق القسم العربي في إذاعة هولندا في العام 1996م وأحيل القدماء إلى التقاعد وأنا أحدهم، وآخرون من الزملاء الذين لم تكن لهم فترة طويلة في إذاعة هولندا تم منحهم توصيات إلى إذاعات ووسائل إعلام أخرى.

< بعد سنوات الغربة الطويلة كيف جاءت عودة (الهارب) من جديد إلى الوطن الأم؟

- في فترة ما بعد التقاعد من إذاعة هولندا أتاح لي وقت الفراغ زيارة الأهل والأحباء في عدن، وزيارة الوطن جاءت من بعد 1990م ولولا الوحدة لما كنت جئت لأننا هربنا آنذاك فكنا مطلوبين للعدالة حياً أو ميتاً والهاربون لم يكن يسمح لهم بالعودة، وبعد الوحدة تم الاتصال بي وبزميلي محمد عمر بلجون من قبل السفارة اليمنية في هولندا وقالوا لكم رد اعتبار وشهادات تقدير وقاموا بتكريم أهلنا في داخل الوطن ومنحوهم شهادات تقدير من رئيس الجمهورية ومن وزير الإعلام وعرضوا علينا العودة إلى أعمالنا مع احتساب كل السنوات التي قضيناها في الهجرة وشكرناهم على هذا التقدير ولكن لدينا حياتنا التي بنيناها في وطن الاغتراب وتقبلنا تقديرهم لنا بسعادة، وحاليا أقوم بين الحين والآخر بزيارة الأهل والأصدقاء والزملاء من قدامى الإعلاميين والمذيعين.

< تقييمكم للوضع الراهن للفن اليمني؟

- الآن اذا أردت أن تجمع فرقة موسيقية لن تجد مع أنه في الخارج كل إذاعة وكل تلفزيون وكل مطعم كبير لديه فرقة موسيقية.

على سبيل المثال بعد عودتي عقب الوحدة عرض علي مدير الإذاعة تقديم أغنية للانتخابات واستخدمت لتقديمها فرقة نادي الضباط بعدن وهي فرقة شبه غربية تعتمد على الجيتار والطبول والأورج وقمت بتمرينهم في مبنى الشاليهات وسجلنا الأغنية في مبنى الإذاعة الجديد في التواهي وهذا يثبت بأنه لم تعد توجد الفرق الموسيقية التي كانت موجودة أيامنا أيام أحمد قاسم عندما كنا نجمع حوالي سبعة إلى ثمانية من عازفي الكمان وأربعة من عازفي الطبول والدفوف والكورس نساء ورجال ونقوم بعمل البروفات ومن ثم تقديم الأغنية إما بالإذاعة أو التلفزيون، وعلى الرغم من ذلك كنا نعاني من ظروف الحياة الصعبة التي قد تتسبب في معوقات وصعوبات للفرقة.

الآن تتوفر ميزة التكنولوجيا الحديثة وأصبحت الآلات الموسيقية متطورة للغاية حتى أن الفرقة باتت بالإمكان أن تتكون من عدد قليل من العازفين يستخدمون آلات موسيقية متطورة بل وأحيانا من شخص واحد يقوم بتقديم الموسيقى الرقمية المصاحبة للأغنية باستخدام جهاز واحد فلو أن هذه التقنية كانت متوفرة قديما لكانت شكلت قفزة تضاعف من الطفرة الفنية التي أحدثها الفنانون والموسيقيون من جيلنا فمثلا الفنان الكبير أحمد قاسم كان يجاهد إلى آخر رمق في حياته من أجل أن يتم مشروع فني كبير اسمه (سمفونية اليمن) ويذهب إلى الاتحاد السوفيتي وإلى ألمانيا وإلى لندن من أجل ذلك وأخيراً ساعده أحد المغتربين اليمنيين في ألمانيا وتم إنجاز المرشوع تقريباً هناك ويبدو أنه وافته المنية قبل أن يتم المشروع بمعنى لو أن الإمكانيات كانت متوفرة لأحمد قاسم لكان هذا المشروع الضخم خرج إلى النور، وأحمد قاسم عبقري سبق عصره وعندما شاهده فريد الأطرش خلال زيارته إلى عدن في 1954م واستمع إلى عزفه على العود قال له: «أنت لك مستقبل يا أستاذ أحمد.

وقد التقاه في دار الهناء خلف مدسة البادري الذي كان يمتلكه المرحوم حسين إسماعيل خدابخش الذي كان من ملاك السينما الأهلية، التي هي الآن للأسف مغلقة، وكان يورد أفلام فريد الأطرش وتعرض في السينما الأهلية وكانت أفلام فريد الأطرش دائماً ما تنجح في عدن نجاحاً كبيراً فقام حسين إسماعيل خدابخش باستضافته في عدن وأقام حفلات في ميدان كرة القدم في كريتر وأثناء مكوثه في عدن قدموا له الفنانين ومنهم أحمد قاسم الذي عزف له على العود (حكاية غرامي) وأعجب به وتوقع له النجاح الكبير.

< الفنان والإعلامي عبدالرحمن باجنيد توصية إلى الفنانين الشباب نختتم بها هذا اللقاء الذي حاولنا فيه اختزال رحلة إبداع وعطاء امتدت من اليمن إلى هولندا؟

- لاحظت أمراً في السنوات الأخيرة ارتحت له كثيراً وهو تجديد الألحان التراثية القديمة مثلما قام بذلك الفنان أحمد فتحي وفنانون خليجيون آخرون وهذا التجديد أمر مهم في ربط الأجيال فنياً، وأرجو من الفنانين الجدد الذين لديهم إمكانيات وخصوصاً من منهم في الخارج بسبب توفر الإمكانات الفنية هناك أن يهتموا بالتراث اليمني القديم، والتراث اليمني القديم غني وقد أثبتت دراسة علمية فنية قام بها الدكتور عبدالرب إدريس أن بعض المقامات الموسيقية هي من أصل يمني وبالتحديد من زبيد وقد كرم على ذلك وأهنئه ، وأحمد قاسم ود. عبدالرب إدريس وأحمد فتحي هم فنانون درسوا لموسيقى. والآن على الفنانين الشباب أن يواصل المسيرة التي قطعنا نحن فيها شوطاً وابتدأها من قبلنا حاملو الراية القمندان وإبراهيم الماس وعوض عبدالله المسلمي وأحمد عبيد قعطبي وعبدالله هادي سبيت وغيرهم من أعلام الفن والشعر.

< في الأخير نوجه لك جزيل الشكر أستاذ عبدالرحمن على هذا اللقاء الممتع.

- أنا شاكر لكم على إتاحة هذه الفرصة لي للحديث إلى القراء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى