المستمع الأول والعاشق الأول لفيصل علوي..؟!

> «الأيام» مختار مقطري:

> اعترف بأني من قبل كنت أعيب على فنان اليمن الكبير فيصل علوي أنه فنان تقليدي لاحظ له في التجديد، إلا أنني كنت أتساءل دائماً عن سر مقدرته على الاستمرار متألقاً ومتربعاً عرش الأغنية (الشعبية) وقلوب جمهوره العريق في مختلف بلدان العالم - من اليمن إلى أمريكا - لذلك حرصت منذ مدة قصيرة على الاستماع الحي لفيصل علوي لذلك حضرت- الأسبوع الماضي- (مخدرة) كبيرة في الشيخ عثمان أحياها فيصل علوي وحضرها نحو خمسة آلاف من المدعوين وغير المدعوين مثلي أما غير المدعوين فقد توافدوا إلى (المخدرة) إثر انتشار خبر إحياء فيصل علوي تلك (المخدرة)، والغناء أمام جمهور كبير كهذا مهمة لا يقدر عليها غير فنان كبير كفيصل علوي، لكن الأهم هو مقدرته على استبقاء الجمهور حتى ساعة متأخرة من الليل، وأشهد أن الجمهور (المتواضع) في أكثر من (مخدرة) حضرتها وأحياها فنانون آخرون يبدأ بالمغادرة قبل الساعة التاسعة تقريباً .. فيصل علوي حوّل (مخدرتنا ) هذه إلى حفلة عامة.. أحياها فنان كبير وحضرها جمهور كبير عاشق لسماع أغاني التراث والأغنية (الشعبية) بصوت وعزف فيصل علوي الذي سيطر على القلوب وعلى الحواس بالأداء الراقي الزاخر بالأحاسيس المرهفة صوتاًً وعزفاً وأداء والمتميز بالنطق الواضح والسليم والقدرة على استلاب المشاعر وهدهدتها ثم تفجيرها.. الإمساك بها ثم إطلاقها .. ترويضها ثم تحريرها كيف شاء ومتى شاء لتهيم في ملكوت فن فيصل علوي، وعلى الرغم من أن معظم الجمهور في (المخدرة) كان من الشبان.. الجيل الجديد الذي يتعرض لغسيل فني هابط، إلا أن الشبان كانوا أكثر شغفاً بفيصل علوي وبغنائه التقليدي بمصاحبة عوده- العاشق الأول لفيصل علوي- فأنصت للغناء العذب والعزف المتفن والغني بمهارات أستاذ كبير قادر - وحده - على ابتكار جمل موسيقية مدهشة وعوارض زخرفة كأنها السحر، لا تتعارض مع اللجن القديم أو المسموع لكنها تغنيه وتزيده جمالاً وسحراً.. كل ذلك من وحي اللحظة النشوى المنصهرة باللحن والكلمات إلى حد التوحد، وكأن الأستاذ- تلميذ الأساتذة الرواد- اكتشف نواقص فأكملها وفراغات فملأها ليعيد للغناء الحقيقي توازنه وللطرب الأصيل روحه وتألقه، ليتفوق في توصيله بأمانة وإتقان للجيل الجديد والأجيال القادمة إن شاء الله .

هنا يكمن التجديد في فن فيصل علوي، في مقدرته الكبيرة على تقديم أغنية تراثية وأخرى (شعبية) تقليدية بأداء متجدد غير مقلد، يتدفق حيوية وأصالة إبداع يضفي عليها لمسات مضيئة من روحه الجميلة المحلقة ومشاعره الذائبة وزخارف ذهبية بريشة تجربته الكبيرة على أوتار تاريخه الفني الطويل. لكني وأنا أغادر المخدرة اكتشفت أني لم أكتشف بعد فن فيصل علوي، وأن فنان اليمن الكبير مازال لغزاً أمامي أكبر من أي تفسير، وأن مقدرته الفذة على إذابة مشاعر خمسة آلاف مستمع في كأس واحدة من الغناء المسكر - والغناء خمر حلال- وحشد قلوبهم جميعاً في قلب واحد ينبض على نبضات أوتار عوده، تحتاج لاكتشافات جديدة أخرى يتمكن من خلالها الناقد المتخصص والناقد المهتم من اكتشاف مواطن التجديد ونزعات الابتكار في فن فيصل علوي، ولي عن فيصل علوي أحاديث أخرى قادمة - إن شاء الله - فلتسعفني إمكانياتي المتواضعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى