أنصفوا هذا الرجل

> د. سمير عبدالرحمن شميري:

> هناك إهانات يصعب ترميمها والسكوت عنها، لأنها تهز كيان الإنسان وتحدث انكسارات روحية واجتماعية وتضعضع القلب والجسد وتحمل في طياتها روائح خبيثة تهدد التساكن الاجتماعي.

المحامي محمد محمود ناصر، مثقف ومهذب وقاطع كالشفرة وقت المحن، حفر اسمه بثقة عالية في مهنة المحاماة، وتحمل بوطنية صادقة رئاسة نقابة المحامين اليمنيين (سابقاً)، لا يتلون كالحرباء ولا يتهادن مع الباطل، ولسان حاله يقول كما قال مونتسكو:

«إن عندي حباً طبيعياً لرخاء وطني وثروته، إني أشعر ببهجة خفية عندما يسن قانون يتمشى مع الصالح العام».

فمن الصعب على رجل قانون عاش حياته مدافعاً عن القانون والحق والمواطنة والإنصاف، واتخذ من القانون سلاحه لكي تستقيم العدالة على قدميها، من الصعب على هذا الرجل وأمثاله أن يخترق القانون، وأن يتحول في غمضة عين إلى ند للقانون.

أوليس من العيب أن تمرغ عزة هذا الرجل المدني في الأوحال؟!! أوليس من العيب أن يذل وأولاده بالركل والضرب المبرح وإشهار الأسلحة في وجوههم بدون وجه حق!! أوليس من العيب أن تمارس البوليسية الغليظة بدون حدود ولا سلطان ضد المحامي محمد محمود ناصر وأبنائه بطريقة مضادة للقانون والضوابط الاجتماعية والأخلاقية على خلفية بلاغ كيدي؟!!

ولا أعتقد أن هذه التصرفات الرعناء ستكسر شوكة هذا الرجل، فما زال متشحاً بالنبل ومزداناً بالكبرياء، فهو على يقين «أن أكبر معركة يجب ءن يخوضها الإنسان هي معركته مع نفسه، معركة ينتصر فيها حب العدالة على شهوة الحقد».

(البير كامو).

إني أعجب أشد العجب عندما يطبق القانون بطريقة غير سوية على أفراد يحافظون على النظام والقانون كما يحافظون على حدقات أعينهم، ومن يعبث بالقانون لا يعاقب ولا تصل إليه يد الحق.

على مؤسسات القوة أن تعرف حدودها طبقاً لما هو مرسوم لها في الدستور والأنظمة والقوانين العادلة، فلا بد أن تحترم الإنسان، وليس من حقها مصادرة حقوق الآخرين، ونشر ثقافة الخوف وخنق حرية التعبير وقمع الأفكار في الصدور، ليس من حقها ممارسة العسف الذي يؤدي إلى جبن الأفراد، وليس من حقها أن تفرض العتمة على النفوس وأن تمارس العنف النفسي والجسدي خارج نطاق المعقول.

فثمة أفراد في مؤسسات العنف لا يحترمون آدمية الإنسان، ويعملون على خنق أنفاس المجتمع ومصادرة نبضاته الحية لتحطيم شكيمة التماسك الاجتماعي، ويلحقون الأذى بالناس بدون مسوغات قانونية، وينطبق عليهم قول الشاعر محمد محمود الزبيري الذي قال:

والعسكري بليد، بالأذى فطن

كان إبليس للطغيان ربّاه

فالمحامي محمد محمود ناصر صرف زهرة شبابه من أجل إحقاق الحق، وتثبيت القانون والمواطنة المتساوية، ودافع عن المظلومين، وأعاد الحق لمن سلبت حقوقهم، وبعد هذا المشوار الطويل في سلك المحاماة ودفاعه عن الحق، كيف نتركه وحيداً تسلب حقوقه وتهان آدميته، كيف نتركه وحيدا فريسة لظلم فاحش وقع عليه؟!!

ستصعد زفرات الخيبة من قلوبنا إن لم ينصف هذا الرجل المفعم بالمدنية والسماحة والانفتاح «وليكن الوطن محلاً للسعادة المشتركة نبنيه بالحرية والعقل والمصنع» (رفاعة رافع الطهطاوي).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى