تعددت اللجان.. وتشابهت علينا..والحقيقة واحدة

> أحمد عمر بن فريد:

> ذهب الشيخ ياسر العواضي في مقابلته الصحفية الشهيرة إلى مواقع الخطوط الحمراء بقدميه وإرادته الشجاعة، وقال ما يستوجب على (الحر) أن يقوله.. لم يتردد.. لم يخف.. لم يتوجس.. ولم يرتَب، بل إنه نثر جميع الرماد في الاتجاه المعاكس لما تعودنا عليه، اقترب ولامس (مناطق محرمة) .. وتناول قضايا خطيرة، يعتبر الحديث حولها وعنها أقرب ما يكون إلى المغامرة.. ولكنه غامر وقال ونال احترام الجماهير.. وبعيداً عن نظريات المؤامرة وتعقيداتها وسلبياتها فإنني أعتقد أن الرجل قال ما قاله بحرية وشجاعة وتجرد وذاتية.

وقبلها .. كنا قد طالبنا شخصيات الجنوب، مغادرة ما أسميناه بـ (المناطق الرمادية) تماماً كما فعل العواضي (لا أقل من ذلك ولا أكثر).. والخروج من خلف الكواليس والمجالس المغلقة إلى (النور) جنباً إلى جنب مع الحق والحقيقة، التي ينطق بها (جهاراً نهاراً) كل الشجعان من مختلف محافظات الجنوب، ضد وحدة (الضم والإلحاق).. وضد وحدة (الأصل والفرع).. وضد الاستعباد لنا فوق تراب بلادنا، وبواسطة خيرات وثروات أراضينا وجبالنا السمراء .. ومازالت الآمال معقودة على الكثير ممن نتعشم فيهم الخير، وممن نعتقد أن الإباء والشمم جزء من سماتهم وخصالهم.. مازلنا نرجو منهم الانتصار للتاريخ الذي شوِّه، وللهوية التي طُمست، وللمشاركة السياسية التي ألغيت، وللمواطنة المتساوية التي انتفت، وللأراضي الشاسعة التي نُهبت.. وفوق هذا وذاك للكرامة الجنوبية التي أُهدرت.

إن جميع ما يتحدث عنه أبناء الجنوب حالياً من حقوق سياسية هو (حق مستحق) ويستحق الخروج من المناطق الرمادية إلى مناطق الحرية والكرامة .. وإن خرج علينا أحدهم من (كتائب الوحدة) ومن بين (الخطوط الحمراء) وقال علينا تلك المقولة الشهيرة المهترئة والمعتقة .. بأننا انفصاليون.. فسوف نسألهم في المقابل سؤالاً حصيفاً ومنطقياً يقول «ومتى كان هناك في الأصل (وحدوي حقيقي من بينكم) حتى نكون نحن في الجنوب انفصاليين؟!!».

وفي المقابل .. فليطمئن الجميع، بأننا لسنا بصدد تحويل الساحة إلى مقاتلين من نوعية (عنترة بن شداد).. ولسنا بصدد الدعوة إلى النزال والاصطفاف هنا وهناك في ساحات المواجهة والخنادق والمتاريس، وعلى طريقة إن لم تكن معي فأنت ضدي.. ولكننا نملك الحق الكامل في تحديد الموقف السياسي الذي نختاره ونراه سليماً ووطنياً أيضاً، ولنا أيضاً مطلق الحق في التعبير عن هذا الموقف السياسي بكل السبل السلمية المشروعة، ويجيز لنا الدستور والقانون أن نحث الجماهير على تأييدنا والوقوف إلى جانبنا، بل والخروج معنا إلى الشارع.. لأننا نعتقد بأن ما نطرحه ونقوله، إنما يمثل الحق الذي اغتصب تحت مبررات الثوابت الجديدة المحصنة بالخطوط الحمراء.. كما أننا نعتقد أيضاً أن ما نطرحه يستمد قوته من واقع الحال الذي يطحن مئات الألوف من أبناء الشعب، وخاصة في الجنوب المغدور به في ثنايا الوحدة التي قلنا إنها باتت (وحدتهم) وليست (وحدتنا).

كما أن المراهنة الرسمية على مقدرة (التكتيك السياسي) على احتواء الحراك الكبير في مختلف محافظات الجنوب، هو رهان خاسر بالضرورة .. ونرى أن استخدام (وصفة اللجان) وتشكيلها وتنوعها وتعددها وإنزالها في هذه المحافظة أو تلك هو نوع من أنواع الهروب (المؤقت) عن مواجهة الحقيقة في الميدان والتعاطي معها بطرق التفافية عبر هذه اللجان، التي ثبت لنا بالملموس أنها لا تملك أبسط الصلاحيات حتى لاستعادة (الملكيات المغتصبة) من أراض وعقارات فقط، كما أنني أعتبر أن المشاركة في هذه اللجان هي مشاركة في استمرار واقع (مأزوم ومتأزم) لا يمكن له أن ينفك من عقده الكثيرة والمتعددة إلا بحلول (سياسية) بحتة تقوم في الأساس على قاعدة الاعتراف بـ(قضية الجنوب) والحوار مع أصحابها وأهلها سياسياً وليس مطلبياً.

وحتى نختصر الوقت.. ونوفر الجهد المبذول.. ونحتفظ بالمال الذي سوف يعتمد لهذه اللجان الكثيرة المتنوعة والمتعددة، فإنني أقترح أن يجلس أعضاء هذه اللجان بشفافية ووطنية وشجاعة مع أنفسهم (فقط) وليس مع الآخرين من أصحاب الحق، وليتداولوا (الحقيقة) فيما بينهم، وخاصة مع أخوانهم أعضاء اللجان من أبناء الجنوب.. وليجيبوا عن سؤال واحد لا سواه.. موجهاً إلى كل (جنوبي) في هذه اللجان وهو: هل هذه هي الوحدة التي حلمت بها والتي ناضلت من أجلها أم لا؟.. حينها سيدرك الجميع في داخل اللجان وفي خارجها أن (الحقيقة) التي يعلمونها تماماً، والتي كلفوا بالبحث عنها، هي موجودة في الأساس فيما بينهم ومن ضمنهم وفي ضمائرهم.. وأنها لا تحتاج إلا إلى القليل من الشجاعة والوطنية للصدح بها وعدم التنكر لها.. لأن إنكارها والتعمية عليها هو نوع من أنواع الكذب والتزوير والرياء والافتراء.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى