إغلاق ملف الحرب لا الصحيفة

> محمد علي محسن:

> سألني أحد قيادات أحزاب المعارضة عن سبب الضيق مما تنشره «الأيام» ولماذا يتم استهدافها كلما رفعت من سقف الحريات فيها؟ قلت لصاحبي ودونما فلسفة أو (تزويق) إن السبب الرئيس لهذا الضيق أو الضغط على الناشرين هو صدورها من عدن، ومن ثم خطابها وتأثيرها في المحافظات الجنوبية والشرقية علاوة على هوية أصحابها الجنوبية ونجاحهم مهنياً وصحفياً في سد الفجوة الناتجة عن هزيمة الشريك الآخر في الوحدة بكل ما يعني من فقدان أو ضياع لدولة كانت قائمة وممثلة للجنوب حتى حرب 94م، ولو من الناحية الاعتبارية والمعنوية.. بمعنى أدق وأوجز: «الأيام» من الجنوب ودولة الجنوب وثورة الجنوب وتاريخ الجنوب وصوت الجنوب ولا شيء آخر غير هذه الأشياء المفزعة والمقلقة لمن يحكم اليوم ولمن انتصر في الحرب ولمن يتوجس خشية من عودة الجنوب وأهله ودولتهم المفقودة وحقوقهم المنهوبة والمصادرة بل ومواطنتهم وشراكتهم الحقيقية في الوحدة.

لو أن صحيفة «الأيام» تصدر من صنعاء لكانت وطأة الضغوطات والشبهات أقل بكثير، ولما قال أحد بدعوتها للمناطقية والانفصال، والحال كذلك إذا ما كان ملاكها من خولان أو همدان أو المناطق الوسطى وحتى آخر قرية متاخمة لمحافظات الجنوب، إذ ستكون الصحيفة وحدوية مئة في المئة بحكم الانتماء الجغرافي الشطري وليس لمضمون خطابها وأهدافها، بدليل أننا نكتب في صحف أهلية صادرة في صنعاء ولم يحدث قط أن تعرضت هذه الصحف لضغوطات أو حامت حولها الشبهات والشكوك رغم أن الموضوعات المكتوبة فيها أكثر جرأة وحرية، ولو قدر لرئيس تحرير «الأيام» إجازتها للنشر في جريدته لرأيناه وكتاب هذه المقالات في المحاكم والسجون، صحيح أن تهديدات وأفعالاً أيضاً تطال صحفاً كثيرة وأصحابها في صنعاء لكن ما هو مؤكد أن أياً من هذه المطبوعات لم يطلها العقاب أو الريب في وحدويتها مثلما الأمر مع «الأيام» ولأبسط القضايا والأحداث.

قلت في أكثر من مناسبة وحديث إن المشكلة ليست في الصحيفة المنحازة في الأصل لقضايا محيطها الديموغرافي والوطني بقدر ما هي في ظروف ونتائج الحرب الأهلية، وقبل ذا وذاك في ذهنية وسلوك المنتصر في الحرب وإن بنسبة متفاوتة بين مسؤول وآخر، بين جماعة وحزب، بين محافظة ومنطقة، المشكلة الحقيقية ناجمة عن فقدان الشراكة والتوازن والحقوق والوظائف وكل المكاسب والاعتبارات الأخرى بما فيها الخطاب الإعلامي والسياسي والأحزاب وغيرها من الأشياء التي فقدت وتم مصادرتها، والمشكلة في رؤوس وممارسات هؤلاء المتفيدين من بقاء هاجس الانفصال مهيمناً وحاضراً في كل الأوقات، فلولاه لما بقوا في وظائفهم ولما بقيت لهم سلطة وأهمية ومكاسب واعتبار مثل هذه التي يستمدونها من بقاء الحال على ما هو عليه منذ ما بعد حرب 94م.

ليت القضية الجنوبية ستنتهي بإغلاق الصحيفة بقفل غثيمي، لو كانت كذلك لقلنا للناشرين مثلما قال قوم موسى له ?{?فاذهب أنت وربك فقاتلا?}? ولتكن صحيفتكما جديرة بنضال شعب آخر في البلقان أو قبرص وليس اليمن. ابتسار قضية هذه المحافظات بمحاكمة أو وقف الصحيفة لمجرد صدورها أو تمثيلها هذه المحافظات المقصاة من الشراكة والتمثيل الحقيقيين في وحدة ما بعد الحرب، ربما إجراء من هذا القبيل له مترتبات كارثية على البلد وأهله، ولا نظن الاثنين ينقصهما تأجيج وإثارة المشكلات بقدر ما هما بحاجة لمعالجة وإغلاق ملف الحرب لا الصحيفة، فدونما معالجات جادة لقضايا مطلبية وحقوقية ولدت من رحم الحرب ودونما إزالة لآثار ونتائج وتشوهات أحدثتها هذه الحرب ستبقى للجنوب قضية لا صحيفة .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى