القافلة الأدبية

> «الأيام» د. عبده يحيى الدباني:

> أجل كانت ثمة متاعب في إنزال أهل القافلة إلى مساكنهم.. كان المطر قد بدأ يسقط، سرت تحته لحظات.. متأخراً تغديت وسكنت وصليت وعلى غير العادة قيّلت لأنني حرصت على المشاركة في قيادة القافلة وتنظيمها والتفاني في خدمة أعضائها مع زملائي في اللجنة المنظمة، مبارك سالمين، وميفع عبدالرحمن وشوقي شفيق وياسر عبدالباقي، لم أكد أرمي بجسمي متهالكاً على «المدكا» وأبدأ مقيلي المتأخر حتى رن هاتفي الجوال فإذا بصوت صديقي الأثير وزميل دراستي في جامعة الموصل الدكتور عبدالحميد الحسامي ينهمر علي كما انهمر علي المطر قبل قليل.. مرت لحظات فإذا بنا أنا وثلاثة من زملائي الأساتذة في جامعة عدن قاعدون مقيلون في منزل صديقنا الدكتور الحسامي ابن تعز وأحد أساتذة جامعتها ومن أبرز شعرائها ونقادها اليوم، لقد أخبرني أنه ليس عضواً في فرع الاتحاد في تعز، وأن ثمة تعقيداً مفتعلاً في عملية الانتساب إلى عضوية الاتحاد في الفرع هناك، مكتفياً بالإشارة تاركاً ما تبقى لتأويلي وحدسي. كانت جلسة قصيرة ممتعة تخللها الشعر وأسئلة التعارف، أحسست بالراحة لأنني عرّفت صديقي بهؤلاء الزملاء من الأدباء والأساتذة، وأنني عرفتهم به، كانوا ثلاثة من خيرة أساتذتنا وأدبائنا في عدن، الدكتور علوي عبدالله طاهر، والدكتور أبوبكر الحامد والدكتور قاسم المحبشي. ولم يكن رقم هاتف صديقي مبارك سالمين مقروناً باسمه في قائمة هاتفي الجوال لقد بات معروفاً فكثيراً ما كنا نتهاتف ولكن من غير أن نتهافت، كان مبارك يملك بالفطرة مرح الأدباء ولكنه مع ذلك يكتنز رصانة الأستاذ وحزم القائد وإيثاره. هاتفنا من أعلى جبل (صبر) أن اصعدوا فصعدنا، كنا نغادر الأرض باتجاه السماء، شعرت بأن سيارة صديقي تحولت إلى مركبة فضائية.. كان الزملاء في السيارة يتحاورون حول مسألة (الأنا) عند الشاعر الزبيري أما أنا فقد كنت مأخوذاً بما حولي من مطر وضباب وبمنظر المدينة من تحتنا وهناك في رحاب متنزه زايد بدأت فعاليات القافلة، كان الليل قد هبط على المدينة، لكنها تعرف كيف تحيل خيوطه إلى نور ومتعة وأنس. كانت هناك كلمات..قصائد .. ترحيب، مجاملات.. دردشات، في ظل تناول القات، شدني تنوع القصائد في الجلسة نفسها بين الفصحى والعامية والعمومية والتفعيلية والنثرية والقصائد الغنائية، أما هذه الأخيرة فقد تميز بها شعراؤنا الأحباء من لحج القمندان. كنت قد مللت القات وقد ملني، تركته غير مأسوف عليه ففي هذا الجو الممطر العالي مندوحة لي من دونه، وأي مندوحة؟! كان إلى جواري باب ففتحته وولجته فإذا أنا في شرفة ليست كشرفتي هذه، شرفة يطل منها على جانب كبير من المدينة، كان منظراً عجباً كأنما كنت بين سماءين سماء من تحت وأخرى من فوقي.. المدينة بأضوائها، والسماء بنجومها، تذكرت بيت شوقي الشهير في وصف مدينة (زحلة) اللبنانية:

ودخلتُ في ليلين فرعك والدجى

ولثمت كالصبح المنوّر فاكِ

كانت زحلة بليلين أما تعز فكانت بسماءين.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى