مخادر الأعراس بين زمنين

> «الأيام» أحمد معوضة العفيفي:

> كما هو معروف أن مخادر الأعراس يبدأ موسمها مع نهاية فصل الشتاء وبداية فصل الصيف وحتى منتصف شهر شعبان كما جرت العادة لدى شعبنا اليمني ومنذ فترة بعيدة على طول وعرض اليمن الحبيب. هذه العادة الطيبة توارثها أبناء اليمن منذ القدم ومازالت على مستوى مختلف الأجيال من الماضي والحاضر، وهذه العادة التي كانت إحدى نتائجها ولادة الطرب اليمني الأصيل وبعبارة أخرى بروز مجموعة من المغنين ولكل مرحلة زمنية معينة يتألق فرسان الغناء اليمني، وبطبيعة الحال يظل الأجود وينتهي الرديء واليمن ولادة وغنية بتراثها الفني والموسيقي، ومبدعوها هم كثر بمختلف مجالات الإبداع في الآداب والفنون بفروع اختصاصاتها المختلفة ومنها فرع الموسيقى والغناء .

فما ليس فيه مجال للشك أن مخادر الأعراس كانت تتم ومازالت بغرض هدفين معينين أولهما مساعدة الناس لبعضهم البعض بغرض حمع المال للعريس .

أما الهدف الثاني فهو يتعلق بصورة مباشرة بمسار الأغنية اليمنية ومؤديها فإن الجمهور المشارك في أفراح العريس له دور كبير ومؤثر في استمرار المغني في الحراك الفني من عدمه .

وبعباره أخرى فإن المخدرة تمثل نقطة الانطلاق ليس للمغني فقط بل للشاعر والملحن وللأغنية بكاملها وهذا ما كان يحدث للأغنية اليمنية ومنتجيها، إن صح التعبير، في الزمن الماضي .

فالجمهور اليمني له أذنه الموسيقية ويتمتع بقدرات فطرية عالية في مجال الغناء والإبداع الثقافي المختلف وبالتالي فإن حكمه نافذ بالصعود واستمرار المغني والأغنية أو العكس .

فعلى الرغم من عدم توفر الإمكانات لوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ومختلف العوامل الذاتية والموضوعية لانشار الأغنية والمغني كما هو حاصل اليوم في زمننا الحالي الذي تحول فيه عالمنا ومن يعيش عليه إلى قرية صغيرة كنتاج طبيعي للتطور العلمي الذي شهدته وسائل الإعلام في مختلف فروعها .

إلا أنه وللأسف وما يحز في النفس .. اذا عملنا مقارنة بين مستوى الأغنية اليمنية ومكوناتها الأساسية (مغن وشاعر وملحن) في ربوع يمننا الحبيب بين زمنين مختلفين لمسار الأغنية اليمنية وأجيال مختلفة ولفترات ومراحل مختلفة سنصل إلى نتيجة غير مرضية، وهذا يوصلنا إلى طرح السؤال التالي: لماذا نحن بعكس الشعوب الأخرى المجاورة والشقيقة والصديقة من السيء إلى الأسوأ في مجال الغناء ؟

فما هو السبب الرئيسي لذلك؟ وماذا يحصل للإبداع والمبدعين ؟

وأين تكمن الهوة وما هو الحل؟ ومن هو المسؤول عن كل ذلك وما يجري للأغنية اليمنية خلال الوقت الحاضر ؟

فعلى سبيل المثال ليس إلا فالماضي القريب أي في زمن الستينات مثل فترة ذهبية للأغنية اليمنية وفرسانها وهم كثر وما زلنا نتغنى بأعمالهم الطربية نحن والأجيال التي أتت بعدنا وهي أعمال أعادت للأغنية اليمنية قوتها ووجها المشرق كما كانت عليه منذ عهد حضارة اليمن السعيد وما بعدها ، فاليمن في الستينات كانت في موقع الصدارة على مستوى جيرانها وأشقائها في الوطن العربي . فأين نحن من أيام يحيى عمر اليافعي والعنتري والقمندان والحارثي والسنيدار والآنسي وغيرهم من الفرسان للحركة الفنية محمد جمعة والحداد والمحضار والعطروش والمرشدي وبن سعد وخليل محمد خليل وغيرهم وانتهاء بالفنان الشعبي الكبير ملك الفن المخدري إن صح التعبير فيصل علوي ومن قبله الفنان فضل محمد اللحجي .

فهل أصبح فنانو اليوم من هذا الجيل هم أبواق فقط يرددون أغاني فرسان الغناء لما بعد الستينات كما هو حاصل لمعظمهم فلم يثبتوا هويتهم الفنية كما أثبتها من قبلهم ولم يخلقوا لهم طابعهم الفني الخاص ولا مدرستهم الفنية الخاصة بهم كما فعل فرسان الأغنية اليمنية في الستينات ولم يتمكنوا من أداء الأغاني التي يرددوها في أعراس المخادر بالصورة المطلوبة ولم يصلوا حتى إلى نسبة %20 من أداء أصحابها الأصليين.. وهذا ما يحصل للأغنية اليمنية اليوم وكلنا مسئولون عن ركودها فتجارة الفن قضت على كل جميل فيه وحاميها حراميها ويا فصيح لمن تصيح!!.. وأصبح حال الأغنية اليمنية يرثى له.. صحيح أن اليمن ولادة وغنية بتراثها الفني والموسيقي ولكن (الزلط) وأشرار الفن طغوا على الفن وكل جميل فيه .. وهذا هو الفساد الفني بعينه فهل من محارب ؟

والإبداع الفني مسئولية وطنية تقع على عاتق الجميع وهي قضية نطرحها للنقاش على كل المهتمين بالأغنية اليمنية .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى