من الذي يهدد الوحدة الوطنية؟

> عيدروس نصر ناصر:

> قرأت ما تناوله الزميل د. عبدالباري الدغيش عضو مجلس النواب في مقالته المنشورة في صحيفة «الأيام» عدد (5189) الصادر يوم الثلاثاء الموافق 2007/9/4م تحت عنوان «التفكير بصوت مسموع» في صفحتها الأخيرة.

وإذ أقدر للزميل د. الدغيش موضوعيته وصدقه أود التعرض لعدد من القضايا المتصلة بما أثاره زميلنا العزيز.

إن ما تشهده المحافظات الجنوبية من حركة احتجاجية هو ردة فعل طبيعية لسياسات خاطئة مضى على تكريسها أكثر من 13 عاماً تمثلت في استباحة كل شيء على أراضي المحافظات الجنوبية بدءًا بالإنسان والوظيفة الحكومية مروراً بالأرض والثروة النفطية والسمكية والزراعية وانتهاءً بسياسة التمييز في المواطنة بحيث أصبح الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية يشعرون بالغربة في أرضهم وبغياب حوافز الانتماء إلى هذا البلد، وهو ما أجج الشعور بالغبن والقهر وأوصل الأمور إلى ما وصلت إليه من ردود الأفعال بأشكال متفاوتة، ولعل أرقى هذه الأشكال وأكثرها تنظيماً ما تمثل في اعتصامات العسكريين والمدنيين المبعدين قسراً من أعمالهم، هؤلاء الذين رغم إتقانهم التعامل مع كل أشكال الأسلحة لم يلجأوا إلا إلى سلاح واحد هو العمل السلمي المنظم والقانوني والمتعارف عليه في كل بلدان العالم التي تتبنى النهج الديمقراطي.

إن المشكلة الأساسية تكمن في تعامل بعض الأجهزة الأمنية مع مطالب المعتصمين بشيء من التشكك والاتهام وفقاً لنظرية المؤامرة، والنظر إلى أي مطالب يطرحها المعتصمون على أنها نزعة انفصالية وتهديد للوحدة الوطنية، وكأن الوحدة الوطنية لا تستمر إلا باستمرار القهر والظلم والنهب والاستيلاء والإقصاء والقمع، ولو أن لدينا سلطة تتمتع بقدر ولو قليل من العقل والحكمة لتركت الناس يعبرون عن مطالبهم بشكل سلمي واتخذت من ذلك مدخلاً لحل المشاكل بدلاً من الأساليب الحمقاء التي تتبعها الأجهزة من خلال القمع والإرهاب والاعتقال وإطلاق النار على المعتصمين معتقدة أنها بذلك سترغم المعتصمين على قبول الظلم والاستكانة للانتهاكات والتفريط بحقوقهم المهدورة.

ومن الغريب أن يتزامن كل ذلك مع حملة من التهديد والقمع والملاحقة والتخويف للشخصيات والواجهات المحترمة في المحافظات الجنوبية، مثل ما حصل مع المحامي محمد محمود ناصر أو مع صحيفة «الأيام» الغراء واعتقال العشرات من المعتصمين وإطلاق النار على المعتصمين سلمياً في مدينة المكلا وقتل وإصابة العديد منهم فضلاً عن اختطاف الأخوين الكاتب والناشط السياسي أحمد بن فريد والعميد ناصر النوبة رئيس مجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين، وهو ما يؤكد تلك الحماقة التي وهبها الله للقائمين على الأجهزة الأمنية ما جعلهم يظنون أن تلك الأساليب سترغم الناس على السكوت والخنوع.

إن هذه الأساليب التي تحمي الظلم والاستبداد ومواصلة سياسية النهب والعبث بالحقوق وقمع الحريات هي التي تدمر الوحدة الوطنية وليس الاعتصامات الرافضة للظلم والنهب وإهدار الحقوق، ولقد قلت مراراً إن الذين ينكرون وجود هذه المظالم تحت شعار الدفاع عن الثوابت الوطنية إنما يشبهون ذلك المريض بداء قاتل ولكنه يتستر على هذا المرض حفاظاً على سمعته دون أن يدرك أنه بهذا سيخسر السمعة والحياة معاً.

ومع تحفظنا على مفهوم «الثوابت الوطنية» نكرر: إن الفقر والظلم والنهب والاستبداد والقمع والاستيلاء ليست من الثوابت الوطنية، بل إنها هي التي تدمر ما يسمونه بـ«الثوابت الوطنية» وتقضي عليها، وإن الثابت الأول والوحيد في هذه الأرض هو عقيدة الإنسان وحريته وكرامته ورفاهيته، وكل ما يتعارض معها ينبغي أن يظل خاضعاً للتغيير والمراجعة الدائمين.

أما الدعوة لعقد جلسة عاجلة لمجلس النواب فقد كانت الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني قد توجهت منذ الثاني من أغسطس بعد الأحداث الدامية في عدن بدعوة لعقد مثل هذه الجلسة، وأعتقد أن قضية كهذه تستحق أكثر من جلسة طارئة للبرلمان، ولذلك نجدد الدعوة بضم صوتنا إلى صوت الزميل د. الدغيش وندعو الزملاء الأعضاء إلى التواصل معنا أو مع الدكتور الدغيش لصياغة الدعوة والتوقيع عليها وفقاً للائحة المجلس، وسنواصل السعي من أجل تحقيق تلك الدعوة إذ إن المجلس في حالة إجازة إلى منتصف أكتوبر.

برقيات

الكاتب أحمد عمر بن فريد والمحامي محمد محمود ناصر والعميد ناصر النوبة:

ما تتعرضون له من ملاحقة وتهديد ومضايقة ليس سوى عنوان من عناوين القمع الذي يراد أن يعامل به هذا الشعب، لكننا نثق بأن صلابتكم وقوة إرادتكم ستهزم كل الصلف والحماقة والهمجية.

النائبان محمد صالح علي وإنصاف مايو:

التهديد والتعبئة التي قام بها أحد القادة الأمنيين ضدكما لن تؤتي ثمارها، فلا أنتم ممن يخشى التهديدات ولا جنود الأمن يمكن أن يصدقوا أقوال الحاقدين على الحق ودعاته.

صحيفة «الأيام»:

تحية حب وتقدير وإعجاب، ونحن على يقين أنكم أكبر من بعض أوراق اللفافة التي تسمى ظلماً صحفاً.

عضو مجلس النواب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى