ارفعوا (عصيكم ) عن أطفالنا

> علي الجبولي:

> انفض سامر الإجازة الصيفية وبدأ أطفالنا يعودون إلى مدارسهم بفرحة البراءة والشوق المفعم بالحب الذي سرعان ما يتلاشى من نفوسهم في معظم مدارسنا، التي لايزال كثير منها ميداناً للعنف بشتى مظاهره، فالكتاب المدرسي المثقل بالأغلاط والتكثيف المرهق أضحى عنفاً يثقل عقل التلميذ لا وسيلة لتنميته، وطرق وأساليب التعليم البالية التي تعتمد على عنف التلقين وأومر الحفظ دون أن يجيد كثير من المعلمين سواها. وثمة عنف ثالث ينتجه إهمال الإدارة المدرسية أنشطة الترفيه التي تجذب الطفل إلى مدرسته. أما عنف المبنى المدرسي وافتقاره للصلاحية أو ازدحام التلاميذ داخل الصفوف فأشد قسوة.. بيد أن هذه الظاهرة العنيفة قد نلتمس لها مبررات بينما من المستحيل تبرير أبشع أشكال العنف والتعذيب الجسدي والنفسي الذي تمارسه بعض الإدارات المدرسية الفاشلة وبعض المعلمين غير السويين ضد أطفالنا تلاميذ وتلميذات المدارس .

إذ نجد كثيراً من المعلمين - ولاسيما العاجزين - يستخدمون العصا ومختلف أدوات العقاب الجسدي، وهم يدرون أو لا يدرون أن الجلد لا يمت بصلة للتربية والتعليم إلا أنهم يتلذذون بجلد تلاميذهم إما لإخفاء عجزهم وضعف إلمامهم بالمادة الدراسية وإما لجهلهم الأساليب التربوية المعاصرة. ولا يتورع صنف منهم عن المحاججة وتوظيف مفاهيم دينية أو عرقية ساذجة، يتوهم أنها تحلل قسوته في تعذيب التلاميذ دون تمييز بين ذكر أو أنثى أو بين فئة عمرية وأخرى .

هذا الصنف من الجلادين لا يأنف عن استخدام العصا حتى ضد تلاميذ الصف الأول دون مرعاة لسنهم أو غربتهم على المدرسة ولا يرحم بقية تلاميذ المرحلة الأساسية الذين يأتي أغلبهم الى المدرسة وبطونهم شبه خالية من الفطور في مثل هذا الوضع المنهك. لا تقف العصا عند جلد مواضع معينة من جسد التلميذ بل يتمادى الجلادون إلى أنحاء كثيرة من الجسد بل وبعضهم لا يتورع عن إهانة التلميذ أو التلميذة بلطم وجوههم وقذفهم بأبشع ألفاظ البذاءة والتحقير وقد تتمادى عصا الجلادين إلى طلاب وطالبات المرحلة الثانوية دون اكتراث لمشاعرهم العمرية الخطرة.

هؤلاء الجلادون يجهلون أن العقوبة الجسدية والنفسية التي تطال التلاميذ والتلميذات كثيراً ما تخلف مصابين وضحايا ومشاكل اجتماعية وتربوية جمة وتغرس سلوك العنف والقسوة في نفوس ضحاياها ليعكسوه كتقليد إرادي خلال لعبهم أو في علاقاتهم بأسرهم والآخرين كما تولد كراهيتهم للمدرسة والدراسة والمعلمين حتى غدت سبباً رئيساً لتدني التحصيل العلمي والتسرب من المدرسة وفق نتائج استبيان الأطفال الذين شردتهم العصا خارج سور المدرسة .

سلوك كهذا ما كان أنصاره تجاسروا على ممارسته لولا جهلهم بخطره وأضراره بنفسيات الأطفال حاضراً ومستقبلاً ومناهضته لاتفاقية حقوق الطفل التي أصدرتها الأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989م والتي تحظر استخدام العنف والمعاملة القاسية ضد الأطفال، إضافة إلى خرقه للقانون اليمني رقم (45) 2002م بشأن حقوق الطفل ومنافاته لرسالة التربية المدرسية وجهود منظمة اليونيسف الهادفة إلى خلق حياة أفضل لأطفال اليمن .

فهل تقلع الفرق المسلحة بالعصي والبذاءة عن ممارسة التعذيب النفسي والجسدي ضد أطفالنا في المدارس ؟

وهل تستطيع استبدالها بالأساليب والطرق التربوية الحديثة التي تجذب الطفل إلى المدرسة لا التي تطرده منها ؟

وعام دراسي جديد وسعيد .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى