لماذا «الأيام»؟!

> أحمد محسن أحمد:

> يقال في الأمثال «الأشجار المثمرة وحدها تتلقى أحجار الأيادي العابثة» والمتتبع لمجريات الأحداث في بلادنا اليمن، وخاصة ما يعتمل في المحافظات الجنوبية وما تعكسه الصحف المحلية من صور وآراء وتعليقات جريئة حول هذه الأحداث، وإن تفاوتت مواقف بعض الصحف في أسلوب تناولها لتلك الأحداث فإن المحصلة النهائية لا تبتعد بنتائجها عن ساحة الغليان الجماهيري والرفض القاطع لسياسات السلطة المركزية في صنعاء، وإن كان قد لمس من بعض الصحف الصادرة في صنعاء في الآونة الأخيرة تحمس وتعديل وتغيير في تناولاتها وتحليلاتها لقضية الجنوب وحق أبناء الجنوب في رفضهم لممارسات السلطة ضدهم، وتعلن تلك الصحف تضامنها الواضح مع أبناء الجنوب بل أن هناك بعض الصحف الصادرة من صنعاء تشير في أكثر من عدد إلى خطورة الوضع وتفاقم المشكلة جراء السياسات الخاطئة للسلطة وتمسكها بهذه السياسات رغم الأصوات والتنبيهات التي تحذر السلطة من تجاهلها وإهمالها لحقوق أبناء الجنوب، و«الأيام» المعروفة باتزانها وواقعيتها اعتادت نقل صور الأحداث والأخبار وتعليقات أصحاب الآراء والكتابات المسئولة في خط مستقيم لإظهار حقائق الأمور الجارية وأبعاد منتهاها الأخطر دون زيف أو تضليل، ولأننا نتابع باهتمام ما تتعرض له «الأيام» من حملات مغرضة تهديداً وادعاءات باطلة لأسلوب «الأيام» الشامخة في أرضية الواجب والمسئولية الوطنية في محاولة يائسة للنيل من سمعتها ومكانتها المتعاظمة في قلوب أبناء اليمن والجنوب بالذات.

وقضية الجنوب لم تعد قضية مقصورة على صحيفة واحدة فقط بقدر ما أننا نقرأ ونطلع على آراء جريئة وصريحة في بعض الصحف الصادرة في صنعاء العاصمة.. فلماذا يتم استهداف «الأيام» بالذات؟ ولا نخفي على أحد أننا نعتب على الأخوين العزيزين هشام وتمام باشراحيل لموقفهما من بعض كتاباتنا كتأكيد منهما لسياستهما المتبعة والمرسومة لخط سير الصحيفة، فلهما الحق كل الحق في هذه السياسة المتمثلة في خط الاتزان والهدوء وعدم الانجرار نحو تيار المغامرات والقفز على حبال التلون والتغير وفق ما تبغيه وتطوله لتحقيق مصالح ومآرب ذاتية وخاصة، فلم أقرأ مثلما قرأت في صحف صنعانية مواضيع تفوق في وصفها للأحداث ما تناولته «الأيام»...فهناك مواضيع آخذة في التقرب ومس تلك الخطوط الحمراء التي أُعلن عنها.. حيث تفاجأت وذهلت لوصول تلك الصحف لأبعد من تلك الخطوط الحمراء وكان ذلك في صحيفة (صنعانية) حولت الخطوط الحمراء إلى صفراء ثم جعلتها خضراء ليمر القيادي الكبير في السلطة مروراً مجلجلاً ومتخطياً كل ألوان الخطوط محدثاً اضطراباً في النظرة والتفكير وخلط الأوراق والألوان التي أبهتها وألغى لمعان اللون الأحمر بالكامل! بعد هذا الحدث توقفت في مفترق طرق وتساءلت باستغراب هل هناك ما هو أبعد من ذلك؟ ثم قلت ياترى لو سلكت «الأيام» هذا الطريق نحو هذه الخطوط الحمراء (الباهتة) فماذا سيكون من أمرها؟

نحن الذين جادلنا الأخوين هشام وتمام لموقفهما من بعض كتاباتنا.. واحترمنا رأيهما، ولكن أن تدفع «الأيام» ثمن موقفها العقلاني فإننا نخشى أن تقف «الأيام» الغالية والعزيزة على قلوبنا موقفاً قد لا تحسد عليه.. وقد يكون هو السبب الأوحد لما تتعرض له من عدائية ومحاربة، فلربما أن هؤلاء الذين يناصبون «الأيام» العداء الأعمى قد أزعجتهم مواقفها المسئولة في حين أنهم كانوا يريدون منها الانجرار نحو التخبط هنا وهناك والتنازل عن الثوابت الموضوعية لسياستها المتزنة في عكس قضايا الناس وهموم أبناء الجنوب العادلة بأسلوبها المعروف البعيد عن المزايدة والمضاربة مع التمسك الصادق بالثوابت الوطنية الراسخة في أذهان أبناء عدن والجنوب، ولم يفكروا أنه سيأتي من يذكرهم بما ناضلوا من أجله وما نادوا به، من زمن بعيد لم تكن هذه الثوابت قد عرفت طريقها إلى أذهان من يرددها دون أن يكون لها مكان راسخ في أذهانهم ويعكسون مضامينها كسلوك في تسييرهم لشؤون البلاد والعباد.

تحاورنا وتباعدنا بالرأي مع من لايزال بعيداً عن فهم مضامين ومفاهيم الثوابت الوطنية وبعده يمتد إلى زمن بعيد عندما كانت عدن والمحافظات الجنوبية وعاء المبادئ والأهداف العظيمة لثورتي سبتمبر وأكتوبر، ودور عدن كمنارة للطريق الطويل الذي سلكه الثوار منطلقين من هذه المحافظات الجنوبية التي أصبحت خارج دائرة الاهتمام بحقوق أهلها المسلوبة، فمن عجائب هذا الزمن أن يتحول العارف إلى جاهل، والجاهل يحتل كرسي المعرفة وهو أبعد ما يكون عنها! إن التاريخ- وإن حاول البعض شطب سطوره وتمزيق صفحاته- سيظل في أذهان رجاله الأوفياء ليأتي اليوم الذي يتم فيه إنصاف عدن وأهلها والجنوب ورجاله الأشاوس، وإعادة تدوين التاريخ الخالي من التزييف أو الكذب والافتراء على دور هذه المدينة وهذا الجزء الغالي من الوطن، فيحق الحق ويستقيم ميزان العدل وتسقط مراهنات من يحلم بإسكات صوت الحق ومنارة المسار «الأيام» الغالية.. والله وحده المستعان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى