الضالع.. محافظة ناشئة ومدرسة نضالية وحدوية عريقة

> يحيى عبدالله بن عبدالله:

> يعتز المرء كثيراً بانتمائه إلى محافظة الضالع، في إطار الانتماء الوطني اليمني، لأسباب كثيرة، أهمها تلك التي تجعل كل إنسان يعتز بمسقط رأسه، ويتألم المرء كثيراً عندما يجد محافظته وقد تخلفت، وأنها بخلاف سائر المحافظات قد نُسيت ردحاً من الزمن حتى بات التخلف الشامل سمة بارزة لها.

هذا هو ما خرجنا به من الزيارة التي قمنا بها لهذه المحافظة البطلة في بداية الأسبوع الماضي ضمن قوام كلية الدفاع الوطني بالأكاديمية العسكرية العليا.. فإيرادات المحافظة لا تتجاوز الأربعمائة مليون ريال وصرفياتها تزيد على الخمسة مليار ريال تقريباً.

ما سبق يعني أن عملاً كبيراً ومهام جسيمة تنتظر السلطة المحلية وسلطة الدولة العليا تجاه هذه المحافظة.

ولا شك بأن الأمن والاستقرار وتكاتف أبناء المحافظة عاملان أساسيان للعملية التنموية، تضاف إليها مقومات الاستثمار والاعتمادات المالية اللازمة والتخطيط السليم لما يجب عمله.

وهذا شأن أجهزة سلطة الدولة المختلفة.. وعليها القيام بذلك فهو واجبها.

ما لفت انتباهي ونحن في مبنى المحافظة سؤال لأحد الزملاء القدامى بعد أن قال بصوت خافت:

هل سمعت بآخر الشعارات التي رفعها أبطال الزعيق «وفدائيي المقايل» من خارج المحافظة، فأجبته بأنني لم أسمع بذلك، فقال: لقد رفعوا شعار (مواصلة النضال حتى آخر «ضالعي»).

لم يكن لما قاله زميلي وقع النكتة فهي ليست بجديدة.. زد على ذلك أن المقصود بالنضال غير ذلك الذي عرفته محافظة الضالع وصار يمثل معها وجهين لعملة واحدة.

والحقيقة أن محافظة الضالع.. محافظة ناشئة وواعدة.. وهي في الوقت ذاته مدرسة نضالية وحدوية عريقة.

ولقد سجل التاريخ في أنصع صفحاته لمحافظة الضالع شهادات يعتز بها كل مواطن يمني.. حيث كان أبناء هذه المحافظة في صدارة من تصدى للغزاة والمستعمرين.. ومثلت جبهة الضالع نموذجاً لبقية الجبهات في خوض الكفاح المسلح ضد الاستعمار، وفي مؤازرة ثورة الـ26 من سبتمبر وحماية النظام الجمهوري.

وبرز من بين صفوفها أبطال صناديد وضعوا حرية الوطن واستقلاله ووحدته في مقدمة الأهداف التي نذروا حياتهم في سبيلها.

ويذكر كثير من الأخوة «والرفاق» أن المناضل الشهيد علي أحمد ناصر عنتر قد عبر عن حبه اللامحدود للوحدة بقوله: ليس لي يوم ميلاد محدد.. ولكن يوم ميلادي الحقيقي هو اليوم الذي سيستعيد فيه شعبنا وحدته المنشودة.

وتميز الشهيد صالح مصلح قاسم برؤية خاصة به.. فالوحدة بالنسبة له قضية حياة أو موت.. المهم أن تقوم الوحدة.. سلماً أو بأي طريقة كانت.. على أن لا يبقى اليمن مجزأ.. ويظل التشطير اللعين ينخر في جسم وروح اليمنيين.

ومن منا لا يشهد بالحق للمناضل علي شائع هادي وللبيشي والشنفرة وصالح حسين راشد.. وغيرهم بأن الوحدة قد كانت بالنسبة لهم، مثلما هي لكل يمني أسمى وأعظم وأنبل الأهداف.

وحتى لا نجافي الحقيقة فقد وضع الحزب الاشتراكي اليمني مهمة تحقيق الوحدة اليمنية في مقدمة شعاراته.. وجعلها منطلقاً رئيسياً للتربية الوطنية للشعب وللقوات المسلحة قبل تحقيق هذا المنجز التاريخي العظيم.. الذي كان ولا يزال للحزب شرف الاشتراك في تحقيقه إلى جانب المؤتمر الشعبي العام.

وبالعودة إلى شعار «النضال حتى آخر ضالعي» وإن كان دخيلاً على أبناء محافظة الضالع.. فإن الأهم هنا هو أي نضال هو المقصود.. فإن كان على ذات الدرب فكلنا على استعداد للتضحية بكل غالٍ ونفيس في سبيل الانتصار لإرادة شعبنا والوفاء لمناضلينا الأوائل.. صناع فجر الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر.

ترى أي الدروب يجب ان نسلكها لنفي بما تعهدنا به.. وما الذي يقوم به أبناء وأحفاد الشهداء الميامين.. هل هم سائرون على الدرب الذي عبّده آباؤهم؟ في الحفاظ على الوحدة.. هل هم المؤهلون اليوم لصيانتها في حدقات أعينهم؟

لابد أن يكونوا كذلك مهما كانت الظروف.. ومهما عانى المناضلون.. فالأهداف العظيمة تستحق التضحيات.. ولا خلاف على ذلك.

إن الوحدة اليمنية هي مكسب لكل يمني.. أينما كان.. وحمايتها هي مهمة كل من ينتمي بشرف إلى هذا الوطن العزيز.. وهي بالنسبة لأبناء الضالع، مثل غيرهم، تاج شرف رفيع يعتزون به، ويحملونه على هاماتهم طالما ظل الدم اليمني يجري في عروقهم.

ولأن محافظة الضالع من أفقر المحافظات من حيث الموارد، فهي من أغنى المحافظات من حيث الرجال الأوفياء للثورة والوحدة المباركة.. وليس لأبناء الضالع إلاَّ الثورة والجمهورية والوحدة.. وبدون هذه الدعائم الثلاث تفقد الضالع مبررات وجودها الكريم.. ولأن الأمر كذلك فليس بمستطاع أحد أن ينتزع هذا الشرف الرفيع من أبناء محافظة الضالع أبداً.

ولا أستبعد هنا أن ينبري البعض ليقول بأن عهد الشعارات قد ولّى.. وأن مظالم كثيرة قد وقعت بحق أبناء الضالع عسكريين ومدنيين.. مثلما هو حال بقية من حرموا من بعض الحقوق وأحيلوا إلى التقاعد ولكن..؟

لا ينكر أحد ذلك.. فقد وقعت مظالم.. وصبر عليها أبناء الضالع.. وأعرف منهم الكثير.. ممن آثروا الصمت وفضلوا الجوع على الارتزاق.. وتحولوا إلى عمال بناء وبائعي قات وخضروات.. ولم يلجأوا إلى السفارات.. أو يقعوا فريسة للتطرف بالذهاب إلى أفغانستان أو تشكيل الجماعات والتنظيمات الإرهابية في الداخل أو الخارج.

تجاه مثل هذه المواقف الوطنية الحميدة.. ولقاء الالتزام الصارم بالانتماء والولاء الوطني .. فإن أبناء محافظة الضالع يستحقون الإنصاف، ليس وحدهم فقط، بل وكل من وقف نفس الموقف.. ولا يزال يدافع عن الثورة والوحدة اليمنية المباركة والنظام الوطني الديمقراطي.

وهنا لا بد من التعبير عن الامتنان الكبير لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي استشعر حقيقة ما جرى من مظالم، وسلب لبعض الحقوق، فأخذ الموضوع بجدية وجعل قضية المتقاعدين.. قضيته الأولى.. وأشرف ولا يزال بنفسه على تصحيح الأوضاع وإعادة الحقوق لأصحابها..

فكيف سارت الأمور من قبل أصحاب الشعارات البراقة؟.. وما الذي بادر إليه «الرفاق» من أبناء المحافظة أو من غيرها؟

وهل لا تزال قضية الوحدة اليمنية تتصدر شعارات ومطبوعات من لايزال يعتقد بأنه خير ممثل لمحافظة الضالع وأبنائها الشرفاء.. هذا ما سنحاول الإجابة عنه في عدد قادم إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى