أبناء الوحدة لا عيال الخالة

> علي صالح الخلاقي:

> أطل علينا البروفيسور سيف العسلي في الصفحة الأخيرة من «الأيام» بمقالة وعظية حول طاعة الأبناء لأمهم، مشبهاً الوحدة بالأم التي لولا حنانها لتولدت لدى الأبناء عقد نفسية لا حصر لها وأصبحت حياتهم لا معنى لها. وهذا ما لا خلاف عليه، خاصة حين تعامل الأم جميع أبنائها بمساواة تامة دون تمييز أو تفضيل. ولكن لم أفهم مقصده من قوله إن البعض يحرضون أباهم ضدها- أي الوحدة- ليطلقها ويتزوج غيرها. فمن هو ذلك «الأب» الذي تزوج الوحدة «أمنا» حتى ينقاد لتحريض من أبنائه لطلاق أمهم والارتباط بـ«خالة» بديلة؟!

أقول، رفقاً بالوحدة «الأم» يا بروفيسور، فهي ليست عقد نكاح.. إنها أسمى وأقدس من ذلك وهي محروسة بمهج صانعيها الحقيقيين، وكان الأحرى بك أن تقول كلمة حق، لوجه الله، بحق أولئك الذين يطعنونها في الصميم ويسيئون إليها باسمها، ممن يرون في أشقائهم مجرد «عيال خالة» كما يقول المثل الشعبي الذي أعتقد أنك أردت أن توظفه فيما كتبت فأخفقت، لأنه يذهب عكس ما رميت ويضرب لذم التمييز بين الأبناء.

لم نسمع، ولا في الخيال، عن أبناء يبحثون عن «خالة» بديلة لأمهم الحنون، ناهيك أن يحرضوا والدهم على طلاقها، لأن الخالة لا يمكن أن تعوضهم مكانة الأم وعطفها وحنانها أو تحل محلها في قلوبهم، والشواهد في مأثورنا الشعبي النفيس تؤكد أن الأب هو من يبلي الأبناء بخالة يخلو قلبها من العطف على أبنائه من غيرها، بل وتعاملهم بقسوة فصدق عليها المثل القائل «الخالة خلى» وعن مثل تلك الخالة قال الشاعر يحيى عمر اليافعي في هذا المعنى:

يقول يحيى عمر من ماته أمه تقنع

بايطعم الماء صبر والقوت ما عاد ينفع

يا أح من خالتي خلت فؤادي موجّع

يا ربنا نسألك تنزل بها موت أفجع

رفقاً بالوحدة، ولا تحملها وزر الفساد والمفسدين والمتنفذين الذين جحدوا بأهدافها ويتعاملون معها كمغنم وفيد، وإذا ما ارتفع صوت شجاع لفضح ممارساتهم نعتوه بـ«الانفصالي» الذي يبحث عن خالة.

إن كنتم حريصين على الوحدة فعلاً فلا تعظوا من سُرحوا من أعمالهم قسراً، ولا من نُهبت أرضيهم، ولا من انتهكت كرامتهم بأعقاب بنادق حماة الوحدة في يوم عرس أبنائهم، ولا أولئك الذين استهدفتهم الرصاصات القاتلة والمطاطية وهم يعبرون سلمياً عن مطالبهم العادلة وحقوقهم القانونية، أو من زُج بهم في السجون أو من اختُطفوا وعذبوا وهددوا.. الأجدر بكم أن تنصحوا من يسيئون إلى الوحدة، وباسمها للأسف الشديد، بكل ممارساتهم العنجهية وبطغيانهم وبضربهم عرض الحائط بكل ثوابت الوحدة وقوانينها الكثيرة التي نسمع جعجعتها ولم نر طحينها بعد.. هؤلاء الذين يعتبرون الوحدة بالنسبة لهم مجرد مغنم وفيد ونفوذ واستئثار بالثروة والحكم والبسط على الأراضي التي سيجت بأسوار اسمنتية بمساحات تفوق مساحات بعض الدول العربية صغيرة المساحة، حسب وصف الأستاذ العزيز هشام باشراحيل.. هؤلاء هم أولى بأن توجه إليهم النصائح والمواعظ، فربما يغيّر الله ما في نفوسهم.. هؤلاء هم من يدعون الوحدة قولاً ويمارسون عكسها بسلوكياتهم التي تتعارض مع قيم الوحدة بغاياتها النبيلة.. هؤلاء هم من ينزعون من شفاهنا يوماً بعد يوم فرحتنا بالوحدة الحقيقية التي صنعها شعبنا ورفع علمها (العليّان) في عدن الوحدة، وزغردت لها القلوب قبل الحناجر.. إنها وحدة الأرض والبشر.. وحدة العزة والكرامة والمساواة والعدل بين كل أبنائها، وليس هناك من يروم أن يمسها بضر، فلا تحرثوا في البحر، وقولوا كلمة حق كأضعف الإيمان لحماية الوحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى