> «الأيام» علي الذرحاني:

مع حلول شهر رمضان، شهر التوبة والغفران، وشهر الخير والبركات والقرآن، الذي يتطلب منا جميعاً التوبة إلى الله والفرار منه إليه ومحاسبة النفس على ما اقترفت من ذنوب، ينبغي لنا تدبر عودة هذا الشهر علينا سنوياً لكي يذكرنا بالعودة إلى الله في حالة ابتعادنا عنه، فعلى كل مؤمن أن يستجيب لنداء الرءوف الرحيم بعباده القائل في محكم التنزيل: ?{?يا أيها الذين آمنوا اتقوا لله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون?}? (102) آل عمران، وليعلم كل إنسان أنه مهما طال عمره في هذه الحياة الدنيا الزائلة الفانية الحطام فلابد أن يفارق هذه الحياة إلى حياة حقيقية أبدية، إما إلى جنة وإما إلى نار والعياذ بالله.

فعلى ولاة أمورنا أن يتقوا الله في رعاياهم ولا نقول مواطنيهم، وليعلم كل راع أنه سيقف أمام ربه يوم القيامة فيسأله عن رعيته وعما استرعاه، والمسئولية أمانة وهي من الدين، وقد تبرأت منها السموات والأرض والجبال وأشفقن منها وحملها الإنسان الظلوم الجهول، فينبغي في هذا الشهر الكريم أن يتراحم الناس حكومة وأهالي ومعارضة فيما بينهم ويعطف الغني الميسور الشبعان على الفقير المسكين والجوعان، وعلى المعارضة الحقيقية إن وجدت أن تتقي الله في هذا الشهر الكريم خاصة، وأن لا يؤججوا الأمور ويضخموا الويل والثبور، وليراقبوا الله في أعمالهم وأقوالهم في شهر الخير والبركات الذي يتطلب منا استثماره في عمل الصالحات والتواصي بالحق والصبر فيما بيننا، وأن يكون نصحهم لولي الأمر وللنظام بالقول اللين البليغ الذي يهدف إلى مصلحة البلاد والعباد، والبعيد عن المماحكات والمكايدات السياسية غير المجدية، أما الشرائح المختلفة من عامة الشعب الذين خرجوا ألوفاً من أغلب المحافظات وعلى وجه الخصوص من المحافظات الجنوبية والشرقية في مسيرات احتجاجية سلمية واعتصامات مدنية حضارية من أجل تحقيق مطالبهم وحقوقهم المشروعة فنتمنى أن يصبروا ويصابروا ويتقوا الله خاصة في هذا الشهر الكريم المبارك والفضيل الذي ينبغي أن تسود فيه روح الألفة والمحبة والتسامح والتراحم والتلاحم وتزداد فيه الطاعات والقربات والأعمال الصالحات، ولا نلوم المحرومين من حقوقهم الذين خرجوا مجاهرين بالمطالبة بهذه الحقوق فقد طفح الكيل عندهم وملوا من الوعود والشعارات فانطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: ?{?لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم?}? (148) النساء.

وعلى الرغم من أن الصيام فرض من أجل تقوى الله سبحانه وتعالى إلا أن له دلالات وظلالاً أخرى وحكماً من أهمها دعوته إلى مساواة الغني الشبعان مع الفقير الجوعان ودعوته إلى التراحم فيما بينهم، لأن الشبعان لا يعلم ما في بطن الجوعان إلا حين يعيش تجربة الجوع.