الضالع محافظة ناشئة .. ومدرسة نضالية وحدوية عريقة

> يحيى عبدالله بن عبدالله:

> غالية، ولا تقدر بثمن أرواح ودماء اليمنيين .. ومهابة هي أجهزة ومؤسسات الدولة (بما فيها مركز الشرطة) أو مكتب الأمن .. هذه بداية المعادلة التي في ضوئها ينبغي أن نعيش .فالدولة عليها أن تحمي المواطن .. والمواطن عليه أن يحترم الدولة المكلفة بحمايته.

إن أي محاولة للقفز على هذه المعادلة لا تعني إلا الارتماء في المجهول .. وتجاوز كل الخطوط الحمراء والثوابت الوطنية مثلها مثل النظام الجمهوري والديمقراطي والوحدة والتي يحاول البعض القفز عليها وهي شامخة وأرفع من أن يتنطط فوقها أو يتجاوزها أي كان .لا ينبغي أن تتكرر المأساة الأخيرة التي حدثت في عاصمة محافظة الضالع الأبية .. وهذه مهمة الجميع، سلطة وأحزاب معارضة ومشايخ وأعياناً وقادة، الجميع معني بمنع تكرار أي مأساة كانت .. ذلك لأن النتيجة هي أن الجميع قد خسر وسوف يخسر إن تكررت المأساة، وأخص هنا أبناء محافظة الضالع لأسباب كثيرة يعرفها أبناء هذه المحافظة التي عانت من المآسي والويلات والحروب.. وقاست من صراعات أصحاب «النظرات البعيدة والخفية» للكتل والتيارات السياسية قبل الوحدة المباركة وبعدها .. وهي المآسي والآلام التي لابد وأن نتعلم منها .. مثلما تعلمنا بأن المكان الحقيقي لمحافظة الضالع هو في أطار جسم وروح دولة الوحدة، وأنه من المستحيل العودة بهذه المحافظة الأبية إلى محافظة الأطراف والحروب، والمعسكرات الشطرية المتقدمة .. هذا مستحيل ولا يمكن أن يقبل به أبناء محافظة الضالع وكل أبناء الوطن، لأن الوحدة راسخة في عقولهم وضمائرهم ووجدانهم .

ولذلك .. وبعد أن عرفوا الحقائق المرة التي أغفلوها ردحاً من الزمن فإنهم اليوم معنيون بأن لا يظل شعار «مواصلة النضال حتى آخر ضالعي» ساري المفعول وهم معنيون أكثر بأن لا تظل محافظتهم واحة لمن يرغب في أن يركب رأسه، ويأتي إليها من خارجها ليطلق الخطب النارية والشعارات المخلة بمبادئ وأخلاقيات أبناء محافظة الضالع الذين يحملونهم المسؤولية (....) في آخر المطاف ويخرج الآخرون من المسؤولية كما «تسحب الشعرة من العجين».

لقد سأمنا من خطب الزعامات .. التي تعودت أن تزور محافظة الضالع كل خمس اوعشر سنوات مرة لاستعراض عضلات الطيش السياسي ومحاولات القفز على الواقع وإطلاق الشعارات السياسية الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع بل ولا توفر لأبناء الضالع إلا المآسي والآلام التي اعتادوا أن يتحملوها نيابة عن الآخرين .. أما زعامات الخطب العصماء فإنها تغادر ساحة المعركة قبل أن تنتشر رائحة البارود، ولا يبقى في الساحة إلا الذين نذروا بهم.

لقد قاتل أبناء الضالع في حرب 1994م وإن بدون قناعة، وبدون معرفة لما كان يدور خلف الكواليس من مؤامرات ودسائس وبالذات النية المبيتة لإعلان الانفصال.. وهو المشروع الذي رفضوا الاستماتة في الدفاع عنه، لأنه غير مشروعهم، ولأنه فرض عليهم بعد أن أصبحوا في عمق المعركة .. ولأن الأمر كذلك فقد انسحبوا من ساحات القتال التي رأوا بأنه لا يشرفهم البقاء فيها وبالذات بعد إعلان الانفصال على طريق تحقيق الوحدة .

وهنا أتوقف عند ظاهرة برزت في الآونة الأخيرة .. والقريبة جداً وهي ظاهرة تخص أبناء الضالع قبل غيرهم من أبناء وطن الـ22من مايو المجيد.. وتتمثل هذه الظاهرة في أنه قد برز اليوم وبشكل واضح من يحاول تبرئة الزعامات التي أعلنت الانفصال في 1994م، لا بحكم أنه قد جاء نتيجة الحرب كما يدعون، بل بدعوى أنه قد فرض على الزعامات البريئة اتخاذ قرار الانفصال، وأنه قد أرسل إليها نص بيان إعلان الانفصال إلى حضرموت لكي تقوم هي فقط بقراءته .. وليس لها في ذلك من صلة لا من قريب ولا من بعيد لأن القرار كان للعسكر.. وهنا بيت القصيد.. وهنا تكمن الجريمة السياسية التي يراد إلصاقها بأبناء محافظة الضالع وبعض محافظات «مظلومة» بعد أن زجوا بهم في حرب خاسرة.. وتركوهم يلاقون مصيرهم.

إن على الذين انبروا اليوم للترويج لمثل هذه الأفكار الخبيثة أن يعوا بأن حقائق التاريخ لا يمكن تزويرها إلى الأبد وأن السياسة، على تعاستها، قادرة على كشف المستور وإظهار الحق من الباطل، خاصة حينما يسأل المرء من الذي أراد الانفصال، ومن المستفيد من هذا المشروع الذي مات يوم ولادته؟؟

هل هي محافظة الضالع ؟؟ بأبنائها .. المناضلين الوحدويين. ثم ماذا لدى محافظة الضالع من مصلحة في عودة التشطير الملعون؟ هل لتصبح من جديد محافظة أطراف.. ولتعود الحروب والفتن .. ونعود إلى حروب رمضان وإلى خنادق قعطبة وألغام مريس والقهرة .. والعتبات ..؟

إن القضايا المصيرية للأوطان لا تحسم من خلال التصرفات الفردية العنترية، والبطولات التي تجترح في الأزقة والحواري.. والتصريحات الشخصية غير المسئولة التي يطلقها «الهاتفون» الذين لا ينطلقون لا من رؤية استراتيجية، ولا من سياسة محددة لحزب أو تنظيم سياسي أو دولة .. بل من مزاج فردي يتأزم ويعود إلى وضعه الطبيعي بقدر ما في الجيب من «زلط» وفي ضوء توفر أو عدم توفر قات اليوم .

فكيف إذاً ننظر إلى مثل هذه التصرفات الفردية التي تختزل الوطن والأحزاب والتنظيمات السياسية في السلطة كانت، أو أصبحت في المعارضة بشخوصها ومزاجها.. ورغبتها في أن تسمع الناس يقولون (فلان) بطل .. وعمل وعمل وإن كان كل ما عمله ضد الوطن ويجرمه القانون .

وبالمقابل نؤكد بأن قضية المتقاعدين، هي قضية رئيسية لا ينبغي التقليل من أهميتها ولا يحوز مطلقاً التسويف أو المماطلة في معالجتها، معالجة جذرية شاملة ليس هذا فحسب، بل ومن الأكيد أن تكون الدولة، والمقصود سلطتها العليا، قد وقفت عند الأسباب والدوافع التي قادت إلى أن تصبح تلك التراكمات السلبية قضية كبيرة وتشكل أزمة اضطرت رئيس الجمهورية شخصياً إلى أن يديرها بنفسه.. ويقوذ أجهزة سلطة الدولة لضمان المعالجة الشاملة لهذه الأزمة، ويواصل اليوم عملية الإشراف شخصياً على معالجة قضايا الناس (أبناء الوطن من أينما كانوا).. وإعادة حقوقهم التي سلبت منهم بغير حق .. وترتيب أوضاعهم العملية وإعادة إدماجهم في المجتمع الواحد وأجهزة سلطة الدولة المختلفة .

إن الوحدة اليمنية قضية مقدسة لدى كل يمني ولا يمكن أن يندفع البعض للإساءة إلى مثل هذه القضية الوطنية الجوهرية ألا لسببين اثنين . السبب الأول : وهو أن يكون هناك ظلم قد وقع على صاحب الموقف السلبي، ولا أقول المعادي لوحدة الوطن .

والسبب الثاني: هو أن يكون الشخص الذي يستغل وضعاً كهذا للإساءة إلى الوحدة واستهدافها هو موظف لجهة غير يمنية وغير ضالعية ..؟!!

هكذا نقولها بالمفتوح .. لا مصلحة للضالع فيها، ولا في الدعوات الانفصالية القذرة التي لا تعبر عن أبناء الضالع، بل عن وجهات نظر أعدائهم ولا بد أن يبرز الفرق ويحدث الفرز بين من ينطبق عليهم السبب الأول أو الثاني بعد أن تكون الأسباب التي أدت إلى أن يتأثر موقف المظلوم بحقه قد زالت .. وأعيد الحق لصاحبه. وهنا لا يمكن أن يستمر في الموقف المناوئ إلا الذي لم يتخذ موقفه بناء على حق سلب منه أو ظلم وقع عليه، بل لأسباب أخرى .. نتناولها في عدد قادم .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى