القاموس الشمساني للكلمات العدنية

> سعيد عولقي:

> «يختزل أبناء محافظة عدن في لهجتهم كلمات يعتقد كثير منهم أنها ليست من الفصحى وإنما لهجة محلية دخيلة ليس لها مصدر من العربية، حيث يسخر الكثيرون منها ويتحرج البعض حتى من نطقها..» هكذا يبدأ الأخ المحامي الأستاذ أمين شمسان (دراسات عليا شريعة - جمهورية مصر العربية) تقديمه لمشروعه الخاص بإصدار قاموس الكلمات المحلية في محافظة عدن، وخصني مشكوراً بالاطلاع على بعض أوراق تلك المقدمة التي لا أخفي أنها أثارت إعجابي وفتحت أمامي باباً للمعرفة يعدنا بالكثير من الأسرار التي سيكشفها لنا في كنوز كلامنا العامي البليغ الذي لم يحظ حتى الآن بالبحث والتدقيق والتمحيص، ناهيك عن التوثيق والنشر خدمة للعلم وتأصيلاً لثقافتنا الشعبية بإعادة الاعتبار للهجة التي نتكلم بها ونصوغ بها أعمالنا الفنية في الشعر الشعبي وشعر الأغنية والحوار المسرحي والأناشيد والأهازيج والزوامل أو ما شاكلها في مجالس التصوف وأماسي السمر.

لقد طرق الأخ أمين شمسان باباً عسيراً لم يطرقه من قبله أحد، وإن كان قد فعل فإن طرقاته لم تكن مسموعة إلى الحد الكافي.. أو أنها كانت اجتهادات غير مكتملة نتمنى لأصحابها الأجر والثواب ونطالبهم بالإلحاح في الطرق حتى يصلوا إلى بغيتهم.

عن الكلمات المحلية أو العامية أو الدارجة أو العدنية أو قل ما شئت من تسميات، فإنني بادئ ذي بدء أطرح المسألة على الأستاذ أمين للوصول إلى تعريف علمي. يقول الأستاذ شمسان مواصلا استهلالته:«وعليه فقد دفعني الشغف في أول الأمر إلى التحقق من بعضها إلا أنني وجدت نفسي أنغمس في هذا الأمر.. وقمت بجمع أكبر عدد من الكلمات تسعفني بها الذاكرة بل إنني احتفظت في جيبي بمفكرة خاصة لهذا الأمر لعلي أسمع كلمة من شخص ما هنا أو هناك فأقوم بتدوينها ثم أعود إلى المنزل وأبحث عنها في بطون أمهات الكتب من معاجمنا العربية، وقد هالني أن أغلب الكلمات وإن لم تكن كلها تتناوله ألسنتنا لها مراجع في معاجمنا العربية.. وورد بعضها في القرآن الكريم والأحاديث النبوية وآثار الصحابة والتابعين.. وحتى لا تمحى تلك الكلمات الجميلة من ذاكرتنا، وتعوج ألسنتنا في عصر العولمة والتغريب فقد شرعت في جمع الكلمات واستصدار قاموس لها».

بعد هذا يحكي لنا الأستاذ شمسان بكلمات رصينة خطوات بدايته وكيف سارت.. يقول:«وحيث إنه من آداب المؤمن التواضع في طلب العلم واليقين أنه فوق كل ذي علم عليم كان لابد لي من اختيار عالم في اللغة العربية يكون لي مرشداً ومشرفاً ومرجعاً لهذا القاموس، وبعون الله وتوفيقه وجدت ضالتي في هذا العالم الجليل الغني عن التعريف الدكتور مبارك الخليفة السوداني الجنسية أستاذ اللغة العربية في جامعة عدن الذي لم يبخل علي بعلمه الواسع ووقته الثمين، وأفرغ لي ساعات للجلوس معه في مكتبه في كلية التربية.. وفي البدء كان أمامنا تسمية المولود وإطلاق عنوان للكتاب، فكان اقتراحه حفظه الله أن يكون اسمه (قاموس الكلمات المحلية في محافظة عدن) على غرار (قاموس الكلمات المحلية في جمهورية السودان) وقد أمدني أطال الله في عمره بنسخة من هذا القاموس وأرشدني إلى منهج البحث ونظام ترميز الكلمات حتى يميز القارئ الكلمات العامية عن الفصحى، وأدعو الله أن يكون جهده هذا في ميزان عمله، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر».

وهنا يخجل الأستاذ شمسان تواضعنا ونحن نختم ما سمح الحيز باقتطافه من عمله المهم الذي لايزال مكانه في المكتبة اليمنية شاغراً، نأمل أن يملأه قريباً.. كما نأمل أن يكمل مالم يحتمله عمودنا هذا في «الأيام» في أي وقت لاحق باعتبارها صحيفة السياسة والثقافة والفكر، وواحة المأزومين والمهمشين فوق أنها منبر لمن لا منبر له.. يخجل الشمساني تواضعنا وهو يقول:«كما أوجه شكري للصحفي القدير والأديب الكبير الأستاذ سعيد عولقي الذي يتحفنا أطال الله عمره بمقالاته الساخرة عبر صحيفة «الأيام»، فقد كانت مقالاته لي هي الينبوع والمورد الرئيسي الذي أستقي منه كلماتي العدنية.. وفي الأخير لست من دعاة نعرة جاهلية وإثارة مناطقية في أمة محمد (ص) وإنما دافعي هو حبي وغيرتي على لغة القرآن، وأعتز وأفخر أن أكون خادماً للقرآن ومعلماً لمادته في جامعة عدن.. وعزائي (يقول الشمساني) لكل من نظر لمقالتي بعين كليلة ولم يثمن هذا الجهد الأدبي أن أردد على مسامعه قول البحتري:

الدر في لونه البراق والحجر ** سيان إذا حكم في نقده البقر

على نحت القوافي من معادنها ** ولا ذنب لي إذا لم يفهم البقر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى