من يحمي المستهلك؟

> د.سمير عبدالرحمن شميري:

> أجد إيناسي في قراءة الكتب والمجلات والصحف السيارة والدراسات التي تشعل الأنوار وتطرح الأسئلة اللبيبة، وتمد يدها بانبساط إلى المواضيع الجادة والقلقة، فتفتح نافذة للتبصر لتثمر شجرة المعرفة، وتنشر في أفئدتنا وعقولنا قيم الاستنارة وتضيء المناطق المظلمة في مضائق الأذهان، وتشير بسبابتها إلى مواطن الخلل لإصلاح الأخطاء ومعالجة الخروم والمنزلقات، وتكشف روائح العطب والعفونة بطريقة خالية من الطنين الصاخب والتشويش الغاشم .

لقد قرأت بتمعن دراسة تحليلية موسومة بـ:حقوق المستهلك ومستوى حمايتها في السوق اليمنية، للأكاديمي اليمني أ.د.سعيد عوض سعيد الرطيل - رئيس قسم إدارة الأعمال كلية العلوم الإدارية - جامعة عدن، ورئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك (عدن)، فأعجبت بما بسطه الباحث في هذه الدراسة النجيبة.

ولا أبوح سراً للقارى أني منذ حين تثاقلت عن قراءة هذه الدراسة، لأسباب لست حراً في ذكرها وعلى همزة وصل قوية بأشغال أكاديمية صرفتني وحالت بيني وبين قراءة هذه الدراسة المفيدة الذليذة .

ومن غير الإنصاف أن نغمض عيوننا عن البصمات العزيزة التي تركتها هذه الدراسة في عقولنا ووجداننا، حيث عدستها على حقوق المستهلك: «في الأمان والمعرفة والاختيار، وحق سماع رأي المستهلك، وحق التعويض، وحق الحصول على الاحتياجات الأساسية، وحق العيش في بيئة صحية، وحق المقاطعة».

فللمستهلك حقوق في السوق اليمنية لابد من صيانتها فكثيراً - كما يقول الباحث-: «ما يكون المستهلك عرضة للغش والتحايل.. وظهرت ممارسات تسويقية غير مسؤولة اتسمت بالغش والخداع والتضليل وأصابت المستهلكين ومصالحهم بالضرر، حيث يعمد المسوقون عن طريق الإعلان المضلل وغيره إلى القيام بممارسات مضللة تدفع المستهلكين إلى الاعتقاد بأنهم سيحصلون على قيمة للسلع والخدمات أكبر من حقيقتها .. وتظهر تلك الممارسات في فرض أسعار مضللة .. وخدمات أو تسويق سلع رديئة وضارة، أو تعبئة خادعة، أو أوزان ناقصة، وكتابة بيانات غير صحيحة، أو تقدم ضمانات خادعة ..». وهذا ما يلمسه المستهلك بإصبعه وتصافحه عيونه كل يوم، فالمواطن يتحرق شوقاً لفرض سلطة القانون وهيبة الهيئات النظامية لصيانة حقوق المستهلك وضبط إيقاع الحياة اليومية .

لم يستخدم الباحث العبارات الدخانية ولا الكلمات المطاطية ولم يحلق بنا خارج السرب، لقد سرد نماذج من المخالفات اليومية التي تعكر صفو الحياة، وتعرض حياة المواطن للمهالك، والسكينة الاجتماعية للاهتزاز والانكسار .

القارئ الفاطن للدراسة سيجد في صدر البحث غذاء معرفياً وسيشبع نهمه بقاعدة معلومات ثرية تهم المستهلك والهيئات النظامية.

تطلق الدراسة شرارة تنبيه للجميع للمنتج والمسوق والمستهلك وأجهزة الفحص وهيئات الضبط حيث تؤكد على ضرورة الالتزام بالمصداقية والشفافية وتجنب المخادعة والغش للمستهلك الذي تحرقه لهيب الأسعار وتسمم حياته الترجرجات ويلعق مرارات الجشع من بعض التجار وسماسرة التزييف والغش في فضاء تترهل فيه هيئات الضبط وتجعل المستهلك عرضة للنهب والنهش والازدراء، في عالم لا يأبه بالضعفاء الذين مزقتهم الحياة بمخالبها الحادة .

فالحياة حافلة بتيارات متلاطمة من البشر شطر منهم يتميزون بنوازعهم الغريزية الذئبية وعبيد لشهواتهم وأطماعهم الفاحشة، وآخرون يمسلون للوسطية والاعتدال، ولا يتكئون على الحيلة والغش والرياء، ولا تغطي وجوههم المساحيق الدسمة ولا تعشعش في رؤرسهم الخيالات المريضة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى