رجال في ذاكرة التاريخ ..محمد عمر بلجون: مشوار مثمر في الإعلام المرئي والمسموع

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
بلجون في ذاكرة عبدالرحمن باجنيد ..الوالد عمر عبدالرحمن بلجون:الوالد عمر عبدالرحمن بلجون من مواليد حافة حسين العريقة بعراقة مدينة كريتر المحروسة في الفاتح من ابريل 1906م وهو من اصول حضرمية من مدينة الغرف وكان رحمه الله واحدا من الموظفين البارزين في ميناء عدن وتشير بطاقته الشخصية الى ان مهنته كانت «مفتش رصيف أول».. توفي عمر عبدالرحمن بلجون عام 1981م وله من الاولاد 12 ولدا، الذكور منهم اثنان محمد وعبدالرحمن، والاناث منهن 10 أصغرهن الاعلامية المتألقة أمل بلجون وبذلك يكون الوالد عمر عبدالرحمن بلجون قد أنجب ثلاثة من الاعلاميين المرموقين محمد وعبدالرحمن وأمل.

الميلاد والنشأة:

محمد عمر بلجون من مواليد حافة حسين بكريتر في 26 يوليو 1938م وتلقى مراحل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في عدن وخرج بعد ذلك الى ميدان العمل وكان اطال الله عمره ومتعه بالصحة من الرعيل الاول الذين التحقوا بإذاعة عدن في 14 فبراير 1958م التي تأسست في 7 أغسطس 1954م والذين أسسوا بعد ذلك تلفزيون عدن في 11 سبتمبر 1964م.

في افادة قدمها الاستاذ حسين عمر باسليم في كتابه «اذاعة عدن، 42 عاما في فرحة المستمع، 1954م- 1996م، ص 15» ان الرعيل الاول من الاذاعيين ضم الاساتذة احمد محمد زوقري وحسين الصافي وعمر محمد مدي ومنور الحازمي وعلوي السقاف وابوبكرالعطاس ومحمد عمر بلجون وعبدالحميد سلام واشرف جرجرة ومحمد مدي وعبدالرحمن باجنيد وخالد محيرز وعبدالله عزعزي ومحمد حامد غني، وفي الجانب الفني المهندس رجب عبدالقادر وصالح علي عفارة ومن اللواتي أسهمن في الاعداد والتقديم الاذاعي في المراحل الاولى من عملها الاخوات صفية لقمان وماهية نجيب وسعيدة باشراحيل وعديلة بيومي وفوزية عمر وفوزية غانم وعزيزة عبدالله ونبيهة محمد والبريطانية حسن بيري، ومن اللواتي عملن في مكتبة الاذاعة نوال خدابخش وفوزية جوباني ووصل عدد العاملات في اذاعة عدن في منتصف الستينات الى نحو خمس عشرة فتاة.

بلجون في ذاكرة عبدالرحمن باجنيد

الاستاذ عبدالرحمن باجنيد، أطال الله عمره ومتعه بالصحة، العدني المولد والهوى والحضرمي الاصول الذي سكن ذاكرة الفن والاعلام وهو احد الذين رافقوا الاعلامي المبدع محمد عمر بلجون (وإن كان يصغره سنا وسبق ان تناولنا الاستاذ عبدالرحمن باجنيد في حلقة رجال الذاكرة في 7 اغسطس 2005م) في كلية عدن واذاعة عدن وتلفزيون عدن ناهيكم عن ان كلا القامتين من مدينة كريتر، مولدا ونشأة، وعملا سوياً في اذاعة هولندا.

انتهزت فرصة تواجد الاستاذ باجنيد في عدن فعرضت عليه فكرة «محمد عمر بلجون في ذاكرة عبدالرحمن باجنيد» فاستجاب مشكورا وقدم المادة مكتوبة ومسموعة بصوته الاذاعي الرخيم والدافئ.

ماذا في جعبة باجنيد؟

جاد يراع الاعلامي والفنان العدني المعروف عبدالرحمن باجنيد في تسطير تسع صفحات كمادة مقروءة وافرغها في كاسيت بصوته الرخيم كمادة مسموعة عنوانها: «الاعلامي القدير الاستاذ محمد عمر بلجون في ذاكرة عبدالرحمن باجنيد»:

كلية عدن

قالوا ان الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان واقول ان ذكرياتي مع زميلي في المهنة وصديقي العزيز الذي كنت ومازال اعتبره أخا كبيرا لي، لم تدخل بعد عالم النسيان بل ستظل عالقة في ذهني مدى الحياة لأنها ذكريات متسلسلة ومازالت حتى يومنا هذا مترابطة منذ منتصف الخمسينات عندما تعرفت عليه لأول مرة في كلية عدن.

كنت في السنة الاولى وكان الاستاذ بلجون في السنة الثالثة. كان واحداً من الـ prefects وهؤلاء نخبة من صفوة الطلاب المبرزين الذين فوضتهم ادارة كلية لمساعدة المعلمين في حفظ النظام، او قل انهم كانوا «مراقبو ساحة»، اما القيام بتلك المهمة داخل الفصل الدراسي فهنا تختلف تسمية من يقوم بتلك المهمة وقد كان يعرف بـ «مراقب الصف» أو monitor الذي كان ينوب المدرس في غيابه بعد عودة الطلاب الى الصفوف بعد تناول وجبة الغداء في صالة المدرسة او الـ hall لقضاء بعض الوقت، الذي كان يعرف بالـ prep، أي الاستعداد الدراسي لليوم التالي وتمثل ذلك في حل بعض التمارين التي يحددها مدرس المادة.

كان الاستاذ بلجون يجلس على كرسي المعلم في الصف منكبا على كتبه يقرأ او يكتب شيئا ما وكنا كزملاء له في الصف منهمكين في أداء واجباتنا المدرسية ولأول مرة رأيته صارما جادا لا يبتسم ولا يتكلم كثيرا.. تراه في بعض الاحيان ينظف زجاج نظارته ويرفع رأسه ليجول بناظره على الطلاب دون ان يشعرهم بأنهم مراقبون، فقد كان الاستاذ بلجون بسيطا ومتواضعا وكان صدره مفتوحا لكل من اقترب منه من الطلاب ليسأله في موضوع او مسألة من المقرر الدراسي الذي سبق له ان تعلمه قبل عام او عامين دراسيين، وكان خدوما في هذا الجانب اذ كان يستخدم لوحة الصف لكتابة الحل بعد تقديم شرح كاف.

إذاعة عدن

بعد تخرجي في كلية عدن عام 1960م بحصولي على شهادة الثقافة العامة (G.C.E) من جامعة لندن وتزامن ذلك مع اعلان محطة عدن للاذاعة بالتواهي عن حاجتها لمذيعين ومعدي برامج من خريجي كلية عدن وكنت واحدا ممن اختارتهم الاذاعة وهنا كان لقائي الثاني بالاستاذ بلجون الذي سبقني في الالتحاق بالاذاعة بحكم أسبقيته في التخرج.

ان صورة الجد والصرامة والتواضع اللاصقة في ذاكرتي عن الاستاذ بلجون منذ أيام كلية عدن مازالت تسطع وتلمع في ذهني وأنا أراه متنقلا بين أروقة استديوهات الاذاعة لتسجيل برامج اذاعية جادة اخبارية، ثقافية، ريبورتاجات، مقابلات اذاعية وغيرها وهذا هو مجاله منذ البداية.. أما أنا فقد كنت مهتما بمجالات أخرى: برامج منوعات موسيقية ترفيهية، تمثيلية اضافة الى نشاطاتي في مجال الموسيقى والتلحين والغناء، لكن الشيء الجديد الذي اكتشفته في الاستاذ بلجون منذ ان عملنا معا في اذاعة عدن انه كان صاحب نكتة وانتقاد لاذع مغلف بدعابة، خصوصا عندما كنا نجتمع وبقية الزملاء المذيعين لتناول الشاي او الغذاء او التحدث بشأن البرامج الاذاعية.

تلفزيون عدن

يفيد الاستاذ باجنيد: «في منتصف عام 1963م تم اختياري مع زملائي الاساتذة ابوبكر العطاس ومحمد عمر بلجون واشرف جرجرة لدورة تدريبية على يد فريق من خبراء التلفزيون البريطاني استعدادا لافتتاح أول تلفزيون في الجزيرة العربية في 11 سبتمبر 1964م تحت مسمى تلفزيون الجنوب العربي».

«بالاضافة لقراءة نشرة الاخبار وتقديم البرامج الموسيقية كنت أقوم بإخراج برامج المنوعات وركن الاطفال ودنيا المرأة، أما الزميل الاستاذ بلجون فقد كلف بإدارة شئون التلفزيون (مدير التلفزيون) اضافة لقراءة الاخبار وتقديم برامج اخبارية، أما الزميل أ. ابوبكر العطاس فقد كلف بمهمة التلفزيون المدرسي اضافة لقراءة الاخبار، ومن زملائي أ. اشرف جرجرة الذي كان مسؤولا ومديرا لقسم الاعلام والتصوير الخارجي».

أنا وبلجون ومسلسل «الهارب»

«وفي مبنى التلفزيون توطدت علاقات العمل التي ربطتني بالاستاذ بلجون لكونه مديرا لشئون وبرامج التلفزيون فقد كان يقوم بإعداد جدول العمل «roaster» والميزانية اللازمة للبرامج والاتصال بشركات عربية واجنبية لاستئجار الافلام والمسلسلات وكان الاستاذ بلجون رجل قانون ونظام على الطريقة الانجليزية وكان صارما من حيث التقيد ببنود الاتفاق على برامج الاعلام والمسلسلات ومنها مسلسل القديس the saint او رعاة البقر Bonaza او العبطاء الثلاثة The Three Stooges وكان هناك مشكل مالي اذا رغبت في استئجار مسلسل مترجم الى العربية لأن كلفته اكثر من النسخة بلغتها الاصلية (الانجليزية مثلا)» إلا أن الاستاذ باجنيد أفرد حيزاً أكبر للمسلسل المشهور «الهارب» (The Fogitive) الذي استغرق عرضه اربع سنوات والذي بين الاستاذ بلجون في تصوره بأن يقوم الاستاذ باجنيد بترجمة المسلسل مباشرة على الهواء بأسلوب مبسط مزج بين الفصحى والعامية، وهي توليفة مرغوبة لدى المشاهدين وأورد الاستاذ باجنيد تفاصيل أكثر لا يتسع المجال لذكرها وقدم اقتراحا لمدير عام التلفزيون، الراحل الكبير حسين محمد الصافي والمراقب العام الراحل الألمعي علوي محمد السقاف فأجازاه.

الهجرة إلى هولندا:

يفيد الاستاذ باجنيد «في مطلع عام 1969م بدأنا معشر المذيعين والمخرجين القدامى نشعر بالاحباط نتيجة المضايقات من استخدام عدد من الالفاظ الغريبة على مسامعنا «عقلية استعمارية» «من مخلفات العهد البائد» «قومي حر» «هذا ملتزم» وأحسسنا بقرب خروجنا من النفق وأول الغيث قطرة وكانت بشرى من الزميل الاذاعي والتلفزيوني المرموق الاستاذ عبدالرحمن ثابث عندما أطلعنا على اعلان بحاجة اذاعة هولندا العالمية إلى مذيعين عرب في القسم العربي بالاذاعة في «هلفرسون» وأطلعت زميلي بلجون على الخبر وتقدمنا بطلبنا بصورة سرية. طلبوا منا أداء اختيار سريع للترجمة في مبنى السفارة البريطانية (نيابة عن شركة شل الهولندية وكانت ترعى المصالح الهولندية آنذاك).

نور لاند وبلجون وباجنيد في «فندق الصخرة»:

«وصل إلى عدن السيد جيفاني نور لاند، مدير القسم العربي بالإذاعة الهولندية وأجرى مقابلة معي ومع الزميل بلجون في فندق «الصخرة» Rock Hotel بالتواهي ولكي لا ينفضح الأمر قررنا السفر واحداً تلو الآخر تجنباً لإثارة أي شك».. بدأ الزميل بلجون عمله في القسم العربي بالإذاعة الهولندية في إبريل، 1969م وبدأ زميله باجنيد عمله في أول سبتمبر من نفس العام وتميزت عدن بالاستثناء لأن القسم العربي الهولندي قبل مذيعاً واحداً من كل من فلسطين والأردن ومصر وسوريا والجزائر وتونس والسودان وقبل من عدن مذيعين هما: محمد عمر بلجون وعبدالرحمن باجنيد وكانت فترة العمل مع زملاء عرب من لهجات مختلفة فترة ممتعة تخللها الحرج في بداية الأمر وكانت وطأة الحرج على باجنيد أخف كثيراً، لأن بلجون سبقه إلى هولندا بأربعة أشهر وألم ببعض مفردات قواميس اللهجات العربية.. من زملاء بلجون وباجنيد من المذيعين العرب: المرحوم حسن بكر الاردني والمرحوم عمر الخليفة السوداني وسعدية الجوهري المغربية وفتحي المورا للي التونسي وبقدر ما تعايشت اللهجات فقد نعم بلجون وباجنيد بتبادل الاطباق العربية من هذا البلد أو ذاك.

الشعب الهولندي والتقاعد في مشواري بلجون وباجنيد

يختتم باجنيد صفحات ذكرياته التسع بالقول: «إننا على علاقة ودية حميمة منذ أيام اذاعة عدن عام 1960م وحتى يومنا هذا نعيش في هولندا.. نتكلم ونكتب ونقرأ اللغة الهولندية.. اندمجنا في المجتمع الهولندي المتحرر.. وتأقلمنا مع الشعب الهولندي الطيب المعروف بحبهللأجانب واهتمامه بالغرباء.. ومازلنا نتنقل بين الوطن الثاني هولندا والوطن الأم الأول اليمني.. الاستاذ بلجون حفظه الله ومتعه بالصحة بدأ حياة التقاعد قبل سنوات.. وأنا مازلت في التقاعد المبكر (P.P.P) وسأنضم بإذنه تعالى إلى نادي الاعلاميين المتقاعدين الهولنديين في العالم القادم».

الاستاذ محمد عمر بلجون رجل مضياف ومرهف الحس واستناداً للقاعدة القرآنية ?{?الطيبون للطيبات والطيبات للطيبين?}? فقد أنعم الله عليه بزوجة فاضلة وشريكة عمر خيرة تحسن استقبال وضيافة زوار زوجها القادمين من عدن على وجه الخصوص وأنجبت منه:1) زهير مات مؤخراً في حادث مرور وهو في شرخ الشباب 2) زهراء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى