الــبـــلاء مــوكل بـالمنطق

> عبدالقوي الأشول:

> على قدر أهل العزم تأتي العزائم. والبلاء موكل بالمنطق.. فما ذهب إليه أمين عام الحزب الحاكم في بلادنا يدل بجلاء على عدم عقلانية التفكير وعدم الشعور بجدية المسؤولية تجاه واقع أكثر ما يحتاج في مثل هذا الظرف إلى منطق العقل والحكمة وسعة أفق السياسة في التعاطي مع قضايا الواقع بتروٍّ وشفافية وصدق.

الأستاذ باجمال كان بليغا وغير حصيف حينما قال وبكل فجاجة سنلجأ إلى الشارع وتسليحه حتى يكون سدا في مواجهة من يعدّهم خطرا على الوحدة، بمعنى أدق أن التفكير وعلى أعلى مستوى بمثل هذه الذهنية التي تعد سلاح المليشيات المسلحة التي لا تكون معنية إلا بسفك الدماء وتعميق الجراح والشقاق، هو أمثل الحلول من وجهة نظر هؤلاء.

كلام في غاية الخطورة ويلخص قصر نفس المتعاطين مع مثل هذه الخيارات الجاهزة.. سلطة لا ترى رابطا بين إمكانية بقاء عهدها مرتبطا بالوئام الاجتماعي والتدبير الاقتصادي الذي يكفل للناس حياة كريمة أو الحدود الدنيا من شروط العيش والحياة الآدمية.

هؤلاء أو هذه الأفواه ليست بحاجة إلى سلاح، فاليمن وبحمد الله ترسانة حربية متحركة وما ينقصهم هو الخبز والماء.. ولكن لا حياة لمن تنادي.

وبالنظر إلى مجمل مثل هذه التصريحات والأفعال القمعية الهستيرية والتصريحات العدوانية، ليس هنالك فرق في نتائج الأعتداء على الحريات، سواء أكان الفاعل معتوهاً مجنونا، أم مجهولا أم متحدثا لبقا ضليعا في السياسة، فالأفعال بمجلمها تدمي وجوه المعارضة تحديدا أو المعارضين بصفة عامة.

ثم إن تصريحات الأستاذ باجمال فيها تهيئة من نوع ما للشارع بفوضى خلاقة تكون فيها مليشيات النظام صاحبة اليد العليا في البطش والتنكيل.. مليشيات قادرة على بث الرعب والهلع وعدم الاستقرار في ربوع وطن أوضاعه أوهن من بيت العنكبوت.. إنها نمط من ديمقراطية النظام التي يبشر بها واحد من أبرز رموز الحزب الحاكم وأرفعها مقاما.. أي ديمقراطية يعترك تحت رحاها الجياع البائسون في ملحمة دموية ترى فيها السلطة خيارا يتقدم على ما سواه من الأولويات.. وعوضا عن الخبز والماء يكون السلاح.

أليس في مثل هذا المنطق الهستيري قفز على الحقائق التي تمثل تهديدا جديا لبقاء السلطة؟ فالفساد الماحق والغلاء بموجاته المتتالية والبطالة العارمة، والاستئثار بالوظيفة والمال العام من قبل ثلة لا ترى في عيش الآخرين حقا ولا لأعراضهم حرمات.. عوامل بمجموعها ستؤدي إلى تحلل الماموث حتما على المدى القريب.

إذاً لا مجال للمغالطة والحديث عن الحريات والديمقراطية لأنها أبعد من أن تكون في مفردات نظام يفكر قادته على هذا النحو العدواني تجاه شعبهم.

فما في جعبة الحزب الحاكم هو إطلاق يد العنان للعبث والفوضى والاقتتال الداخلي وكل حزب يسلح مليشياته حتى تستقيم الثوابت التي لا يمكن أن تظل وتكون وتعيش إلا مرتهنة ببقاء الحزب الحاكم سرمديا.

كل نوازع الشر حركتها تظاهرات سلمية مرتبطة في مجملها بمطالب شرعية، ولا أدري كيف يستقيم تبرير السلطة - في ظل مثل هذه التصريحات التي تطلقها - لما حدث من اعتداءات على الصحفيين كما هو الحال عند الزميل أحمد عمر بن فريد الذي مورست بحقه أعمال خطف واعتداء من مجهول.. وما تلا ذلك من اعتداء وتهديد للزملاء في «الأيام» وللناشرين تحديدا؟ كيف تبرر السلطة مثل هذه الأعمال بأنها حالات فردية وهي بصدد معرفة مرتكبيها إذا كانت هي من تتوعد باللجوء إلى الشارع وتسليحه في وجه الاعتصامات والمسيرات السلمية؟.

أليس كل ما يحدث هو تعبـير جلي وفاضح عن إدمـان القمع الذي تمارسه السلطة في بلادنا بـصـورة مختلفة؟ إلا أنها فـي نـهـايـة المطاف تعـبر عن بصماتها المألوفة في التعاطي مع من لا يعبرون عن رغبتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى