(هنا المكلا) وصمت الذكرى الأربعين

> «الأيام» صالح حسين الفردي:

> الجمعة الماضية مرت الذكرى الأربعون لميلاد صوت المكلا الإذاعي الذي جاءت بدايته عقب سقوط مدينة المكلا في السابع عشر من سبتمبر بأيدي ثوار الجبهة القومية، فكان البدء في البث التوعوي الجماهيري لمدة ساعتين في النهار تحت مسمى (صوت الجبهة القومية) معلناًً عن زمن إذاعي طويل وثري استطاعت فيه هذه الإذاعة العريقة طوال مشوارها مع ذبذبات الأثير وموجاته في الفضاء المكلاوي أولاً ثم الامتداد إلى العديد من مناطق حضرموت والمهرة أن تكون عنوانا لكل مرحلة من المراحل التي مر بها الوطن عامة، وإن ظلت الكوادر الإذاعية الحضرمية الرائدة محافظة على قوة العطاء وسمو الهدف لرسالة هذه الوسيطة الإعلامية المؤثرة بقوة في مجتمع يعشق الثقافة والتاريخ والتراث حد الثمالة، فبرزت أسماء كبيرة مازالت أصداء نبرات صوتها محلقة في أجواء المكلا وحضرموت (فيصل بن كوير، فيصل باعباد، سالم باعثمان، فيدا حسن) وغيرهم كثير من المبدعين الذين جعلوا من الأداء الصوتي والتثقيف المعرفي طريقهم إلى الاستحواذ على قلوب وأفئدة المستمعين، وهناك الكثير من الأسماء الكبيرة التي أسهمت وشاركت في إعداد برامج متنوعة مثل (الشيخ العلامة عبدالله محفوظ الحداد، عمر أحمد بن ثعلب، محمد عبدالله حسن، عبدالعزيز صالح محمد، محمد زين الكاف، فرج جامع السنوسي)، وآخرين تركوا بصمات في سفر (هنا المكلا) ووضعوا قواعد مهنية سليمة وعميقة تؤسس لقادم أفضل، وتنقش في ذاكرة الأجيال الإذاعية المتعاقبة رسماً يصعب محوه وإن تكالبت عليه أيدي العبث والفهلوة وسلق البيض في تخريج البرامج الذي تعطى لمن يعي ويدرك ومن لا يعي ولا يدرك تحت قاعدة (والعاملون عليها).

وقد كانت الأجيال الإذاعية السابقة المعتمدة إذاعياً والمشاركة لا تضع المردود المادي نصب أعينهم، ويسعون لخلق موقع يحترم في قلوب المستمعين، على الرغم من الظروف المادية التي كان يعانيها الكثير، وهي المشجب الذي يعلق عليه أهل الإذاعة اليوم هذا الغثاء والعبث البرامجي الذي يطمس الرقي المعرفي والقيمي لجيل الرواد، ويعلن عن زمن غريب غير ذي صلة بما مضى من تاريخ عريق لهذا الإذاعة التي تناثر مبدعوها في كل أصقاع المعمورة معلنين عن مدرسة إعلامية تخرج فيها هذه الكوكبة التي أثبتت جدارة في كل موضع عملوا فيه.

واليوم الحال لا يسر حبيباً ولا عدواً ويذهب إلى الانحدار في كل مفاصل هذه الإذاعة العريقة وهي تدلف عامها الحادي والأربعين، ويكفي أن هذه الذكرى قد مرت بصمت مريب لا يليق بها، ولم تسع قيادة الإذاعة لجعل هذا اليوم لحظة توقف مع النفس والآخرين لتقييم الحال الذي تعيشه إذاعة المكلا في كل أقسامها وكوادرها الإدارية والفنية، وتعمل على وضع قيادتي السلطة المحلية والمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون أمام الضمور المخيف الذي تعانيه، خاصة التقنية الحديثة التي دخلت كل إذاعات الوطن التي لم يتجاوز عمرها عدد أصابع اليد، ولكن إذاعة المكلا ليس لديها إلا الجدران الآيلة للسقوط والأجهزة البدائية والاستوديوهات الضيقة غير الصالحة إلا للعمل على الماشي! والمكتبة السمعية التي تحتوي على درر التسجيلات الفنية والثقافية والبرامج الدينية، ولكنها تعاني الأمرين.

وبدأت عوامل التعرية البشرية تفعل فعلها فيها، إذ إن الكثير من الأشرطة (الريل) قد انتهى زمنها الافتراضي وليس لدى الإذاعة إلا هذه النسخة الأصل التي تستخدم دون مراعاة من قبل الكثير، واللاصق (شغال ليل ونهار)، وإذا لم يعد الشريط قادراً على الاستمرار يتم الانتقال إلى آخر.

فها هي الذكرى الأربعون تأتي والحال ليس بخاف على أحد، ولكن الصمت سيد الموقف بدءاً من قيادة الإذاعة مروراً بالسلطة المحلية بالمحافظة دون استثناء، وانتهاء بقيادة المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون.

فهل يتغير الحال، أم ننتظر حتى الذكرى الخمسين؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى