شاب من رحاب وقصة فعل الخير بحضرموت

> «الأيام» علي سالم اليزيدي:

> اتسمت فترة السبعينات من القرن الماضي في جنوب الوطن أثناء دولة الاستقلال وتنظيم الدولة الوليدة، بظهور ازمات هنا وهناك أولا لشحة الامكانيات وكذا الانغلاق الذي رسمته السياسة وأغلقت الابواب وعزف الرجال المحسنون عن تقديم العون الاجتماعي والمساهمة في المشاريع الاهلية لخدمة الناس، وضاقت الأرض وهيمنت أفكار السياسة الغبراء الدبراء على الأجواء.

قبل أيام وفي مكتب المهندس محمد عمر باشراحيل، مدير شركة النفط والخبير والوجه الاجتماعي الحضرمي ذائع الصيت، دخل علينا فجأة أحد الجنود المجهولين، الرجال الصالحين الذين شهدت لهم حضرموت وعدن ويافع وشبوة حضورا متميزا في المساعي الخيرية والانسانية ومنفعة الناس..ما يقرب من أربعين عاما قطع هذا الرجل واسمه أحمد سالم بامهدي ابن رحاب دوعن والذي تحمل في مكتب رجل الخير والإحسان الشيخ الفاضل المغفور له بإذن الله تعالى أحمد بغلف، أعمال الخير للمساجدوالمياه في كل القرى والاودية والصحراء بحضرموت ومناطق عديدة، كان هذا في زمن صعب منعت المساعدات واصطدمت النوايا بجبال السياسة العمياء وتدهورت مصالح الريف تقريبا .

ووحده قام الشيخ أحمد بغلف رحمه الله منذ حوالي 1972، بفتح مكتب في المكلا وسيئون ونشط في أعمال الخير ، ووظف بعضا من أمواله لأعمال المساجد وتوصيل المياه والكرفانات والطرق الصغيرة، وذهب إلى بين الجبال وصحراء حضرموت ووادي حجر، لم يتوقف، وتبرم آخرون وتذرعوا بقولهم إن النظام في الجنوب آنذاك شيوعي، فكان هذا الشيخ الفاضل يرد : يا أولادي ادعوا لهم بالهداية فهم اهلنا، ولم تتوقف أعمال الخير عنده عبر موظفيه بالمكلا وعدن، ثم انتقل إلى جوار ربه بعدئذ في صحن الكعبة وهو بثياب الإحرام، وقد نذر بعضا من أمواله كما قالوا لي لأعمال الخير والحمد لله .

نعود إلى صديقنا أحمد با مهدي، جاء لزيارة باشراحيل ووجدني عنده وكنا نعرف بعضنا زمنا طويلا، لكن كما يقولون غابت الصورة وبقي القلب يحفظ المودة، تبادلنا الحديث وعلق الأستاذ محمد باشراحيل على قصة زمن جميل فقال:

كنا نذهب مع الشيخ أحمد بامهدي إلى الوديان، قضينا فترات في وادي حجر ومنطقة يون المعزولة عن العالم نبحث عن الماء للسكان، ندخل الماء إلى المنازل والقرى والبادية.. مع الشيخ أحمد بامهدي قطعنا ما يقرب من نصف حضرموت مشيا على الأقدام حتى تورمت أرجل الرجل إلى اليوم من ضرب الحجارة والعقارب والحشرات، وأمسك الحديث مدير مكتب بغلف أثناء السبعينات وقال: كنا نأكل مع البدو التمر والماء والخبز المرمد، وننام على الطين وأحيانا لا نأكل، لم نكن نبحث عن مكسب ولا مال، إلا فضل الله وخير الناس وفرحهم بالماء والمسجد والطريق، والحمد لله لقد أعاننا الله .. وأعمال الخير والفضل والرحمة تجعل الإنسان سعيدا حقيقيا .

ولأن رحمة المولى لا تنقطع! أخبرني محمد باشراحيل أن ما قام به هذا الرجل أحمد بامهدي الذي يعمل في مساعي الخير في عدن ويافع ومأرب والمحويت والصحراء والجبال مازال! فأعمال الخير لا تنقطع لصاحبها ومن ينتفع بها، وفي رمضان علينا حق الدعوة لهؤلاء، ولنا في كل ما يصلح وينفع الناس، والحسنات يذهبن السيئات، والحمد لله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى