حوار مع صديقي الرياضي:الدوران الكروي الأعرج.. في انطباعات متابع مخضرم ..ماذا استفادت الكرة اليمنية من إقامة الدوري؟

> «الأيام الرياضي» عوض بامدهف:

>
صديقي الرياضي المخضرم الذي ساقته الصدفة البحتة في طريقي ووجدته أمامي هكذا ودون مقدمات، بعد فترة طويلة من الغياب، صديقي هذا رياضي مخضرم من الزمن الكروي الجميل والأصيل، اعتزل بهدوء وصمت، وأصبحت علاقته بالرياضة بعد اعتزاله عـلى طريقة (يا من على البعـد أهـواها وتهواني).. ولكنه أخبرني بعودته المتجددة مؤخرا لمتابعة أخبار وأحداث الرياضة وخاصة وقائع كرة القدم وعن قرب شديد.

وبعد أداء واجب التحية وتبادل الأشواق وعبارات الود واللقاء بعد طول غياب، بادرني صديقي الرياضي المخضرم القول وبدون مقدمات: لماذا يقام الدوري في بلادنا، وماذا تجني الكرة اليمنية من فوائد وحصاد إيجابي من هذا الدوران الكروي الممل؟

ولم يدع صديقي الرياضي الفرصة أمامي لأرد على تساؤلاته بل انطلق في حديثه هادراً صاخباً لا يلوي على شيء، وتتابعت كلماته كالسيل دون توقف.. وكأنه يفكر بصوت عالٍ أو كأنه يتحدث مع نفسه وبصوت مسموع: شوف يا صديقي، الناس في دنيا الله الواسعة يتعاملون مع الرياضة وفي مقدمتها كرة القدم من خلال التخطيط والبرمجة، فالمواسم الكروية تنظم عندهم بالمسطرة والفرجال، ولا يتركون شيئاً للصدفة أو للظروف الطارئة، فكل شيء بحساب دقيق.. لذا المواسم الكروية عندهم تبدأ وتنتهي في وقتها المحدد سلفاً، وعندنا يبدأ الموسم الكروي عادة متأخرا كثيرا عن بقية المواسم الكروية في العالم من حولنا.. وتنطلق مبارياته في الوقت الضائع لنغرق جميعاً فرقاً وأجهزة فنية ومشجعين ومتابعين وإعلاماً رياضياً في غمار العك الكروي الذي يعززه الصراع الدائر بين الفرق المشاركة في الدوري، وهو صراع أقرب ما يكون إلى صراع الديوك.

يا صديقي إذا كانت البرازيل صاحبة (كرة السامبا) وهولندا صاحبة (الكرة الشاملة) وألمانيا (الكرة الحديدية) والإنجليز أصحاب (اللياقة العالية) فإننا في اليمن أصحاب (كرة العصيد).

أما عن الخطط وطرائق اللعب فحدث ولا حرج فهي متفردة عن كل خطط اللعب الشائعة والمعروفة في أرجاء المعمورة، فخطة اللعب عندنا هي خطة (10-1) بمعنى أن حارس المرمى يقف بين الخشبات الثلاث وعشرة لاعبين ينتشرون ويتوزعون في أرجاء الملعب (كيفما اتفق).

وانتم أهل الإعلام الرياضي أصبتمونا بالحيرة والدوار بفعل سيل الصفات والنعوت التي ملأتم بها سماء الدوري والتي ما أنزل الله بها من سلطان.

والحقيقة أن الفرق كلها في العك الكروي سواء، وكأنهم نسخ مكررة، وكأن الفرق اتفقت علينا نحن جمهور المتابعين (الغلابة) والمساكين للتلاعب بعواطفنا ومشاعرنا وإهدار وقتنا هكذا دون فائدة ترجى، الأمر الذي يدفعنا إلى حافة التشنج والصراخ وبصوت عال مرددين البيت الشهير للشاعر الكبير الراحل بيرم التونسي مع بعض التصرف (يا أهل الكرة دماغنا وجعنا.. كفاية عك بالله).

وفي هذا (المولد) الكروي الغريب والعجيب لا أحد يهتم بغياب المستوى الفني أو حضوره، فالكل سواء ولا شيء يهم هنا مادامت الكرة اليمنية تواصل دورانها الأعرج، فالشباك تهتز بالأهداف والفرق السعيدة الحظ تحصد النقاط، بينما يعاند الحظ الفرق الأخرى التي تحصد الحصرم والندامة، والمسألة كلها في النهاية (حظوظ في حظوظ). كل مرة أقف لأسال نفسي هذا السؤال المحير: لماذا يقام الدوري أصلاً في بلادنا؟ وماذا تجني الكرة اليمنية من فوائد ومردود إيجابي من وراء هذا الدوران الكروي الممل؟.. وفي كل مرة لا أجد الجواب الشافي لهذه التساؤلات المحيرة، وسيمر وقت طويل قبل أن أجد بصيص أمل للبحث المتواصل والدائم عن إجابات لكل ما يدور في داخلي. هذه هي الكرة اليمنية.. حالها عجيب ودروانها غريب، وما حديثي هذا إلا صورة من قريب عن هموم وانطباعات متابع مخضرم لهذا الدوران الأعرج.

ومعذرة يا صديقي العزيز، فلقد صدعت رأسك بحديثي الصاخب هذا، ولكني وجدتها فرصة ثمينة- لقائي بك بعد طول غياب- حرصت على ألا أضيعها قبل أن أفرغ كل ما في صدري لأشعر ببعض الراحة المؤقتة، شاكراً لك سعة الصدر وحسن الإنصات.

ولا عليك يا صديقي العزيز فـ?{?إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم?}? صدق الله العظيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى