رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> ورد في الموسوعة اليمنية (الصادرة من مؤسسة العفيف- ص 459) مادة عن «غيل باوزير» أعدها الباحث سامي محمد بن شيخان أن «غيل باوزير، مدينة تبعد عن المكلا 30 كيلومتراً وتتميز بكثرة الغيول والجداول والوديان الصغيرة مثل وادي خضيرة ووادي شعيب».

«غيل باوزير أسسه الشيخ عبدالرحمن بن عمر بن محمد بن سالم باوزير عام 706هـ/1306م، أما رباط غيل باوزير فإن المعلومات المتوفرة تفيد أنه بقدوم الشيخ محمد بن عمر بن سلم إلى غيل باوزير واستقراره فيها تفرغ لنشر دعوته فأخذ يلقي دروسه في مسجد الجامع كل ليلة ويجلس إلى الطلبة صباحا في بناية خاصة لهذا الغرض بالقرب من مسجد عمر، وتم بناء معهد جديد يستوعب الأعداد المتزايدة من طلاب العلم عام 1320هـ/ 1902م وأطلق عليه (رباط غيل باوزير)».

الميلاد والنشأة

العلامة الشيخ محمد عوض بن طاهر باوزير مـن مواليد غيل بـاوزير بحضـرموت عام 1330هـ (1912م) ونشأ فيها.

تـلقى دروسه القرآنية على يد الشيخ عبدالله عوض بكير، إمام مسجد اليافعي بالغيل والتحق بعد ذلك برباط الشيخ محمد عمر بن سلم وكان في ربيعه الثالث عشر، حيث درس علوم اللغة العربية على يد الشيخ أحمد محمد باغوزة، الذي يعد أخص أساتذته، كما نهل العلم أيضاً من معين العلامة السيد محسن جعفر بو نمي والشيخ عبدالصادق سالم باوزير والشيخ عبدالله محمد بن طاهر باوزير، وقرأ على الأخير كثيراً من كتب التصوف وتربى على يديه تربية دينية خاصة. (راجع ما كتبه الاستاذ أحمد عوض باوزير عن الشيخ محمد عوض باوزير في مجلة «الفكر» الحضرمية- أبريل/يونيو 2007م).

أول المشوار في المحكمة الشرعية بالمكلا

بعد تخرجه من رباط بن سلم، خرج الشيخ باوزير إلى ميدان العمل، فصدر قرار إداري بتعيينه في وظيفة كتابية بالمحكمة الشرعية بالمكلا، وأسندت إليه بعد ذلك وظيفة القضاء بالعاصمة، وفي أواخر عهد السلطان عمر بن عوض القعيطي تولى قضاء مدينة الشحر وأفرد وقتاً استثنائياً خاصاً لتدريس الطلاب إلى جانب وظيفته في القضاء، كما كان يلقى دروساً عامة في مسجد العيدروس، وتحت وطأة ظروف عارضة، اعتزل رحمه الله القضاء وعاد أدراجه إلى غيل باوزير متفرغاً لتدريس الطلبة وإلقاء الدروس العامة في مسجد النور. (مرجع سابق - الأستاذ أحمد عوض باوزير).

الشيخ باوزير يترك أرض الوطن للحثالات من الوشاة

عاد الشيخ محمد عوض بن طاهر باوزير إلى المكلا عقب تولي السلطان صالح بن غالب القعيطي مقاليد الحكم، وشغل الشيخ باوزير وظيفة رئيس محكمة الاستئناف بالمكلا، وكان بحكم وظيفته تلك على اتصال منتظم برجال الدولة الكبار والشخصيات الاجتماعية والعامة البارزة، وبسبب تلك الجسور تفتقت قرائح المتآمرين فألفوا الروايات ونسجوا الوشايات، وديدن الشرفاء التعفف عن البقاء في أجواء مسمومة فآثر الشيخ النقي التقي محمد عوض بن طاهر باوزير الاستقالة في بداية 1360هـ/1942م وشد الرحال إلى المملكة العربية السعودية عن طريق تعز والمخا والحديدة وزبيد وبيت الفقيه وجيزان، والتقى حيثما حل بعدد من علماء تلك المدن وكذلك كان الحال عند نزوله جدة ومكة والمدينة. (حلقات القرآن الكريم ومجالس العلم في مساجد عدن: أ. أمين سعيد عوض باوزير- ص 49، ومرجع سابق- أ.أحمد عوض باوزير).

الشيخ باوزير وحسن الوفادة في الشيخ عثمان

بعد أن جاب الشيخ محمد عوض باوزير كل الأصقاع التي سبق الإشارة إليها، ألقى عصا ترحاله في مدينة الشيخ عثمان، إحدى ضواحي عدن، وكان أول نزوله بها بمنزل عمه الشيخ سالم أحمد باوزير (والد رجل الأعمال والشخصية الاجتماعية المعروفة عبدالعزيز سالم باوزير، رحمه الله والد الشخصيتين المعروفتين فيصل وجميل باوزير، متعهما الله بالصحة)، وعاش حياة أقرب إلى حياة الزهد والتقشف (مرجعان سابقان- أ. أحمد عوض باوزير وأ. أمين سعيد باوزير).

قرار تاريخي للمشايخ عبدالله عبيد بامطرف وإخوانه

دخل الشيخ محمد عوض بن طاهر باوزير منعطفاً جديداً عندما اتخذ المشايخ الأفاضل عبدالله عبيد بامطرف وإخوانه قراراً تاريخياً باختيار الشيخ محمد عوض باوزير شريكاً لهم في بيتهم التجاري العريق بسوق الاتحاد بكريتر (عدن)، «وقد ساعدته أخلاقه الحسنة وصفاته الحميدة على تطوير عملهم التجاري وإنعاشه، بحيث أصبح في عداد البيوت التجارية الناجحة والشهيرة بعدن» (مرجع سابق-أ.أحمد عوض باوزير).

نظرا لشحة المـواصلات بين الشيخ عثمان وكريتر، كان الشيخ الجليل باوزير يقطع مشواره اليومي ذهاباً وإياباً إلى منزله سيراً على القدمين، وانتهت مشقة المشوار اليومي بعد أن حصل على سكن مناسب في كريتر.

الشيخ الجليل باوزير وأياد بيضاء في مسجد النور ومسجد حسين الأهدل

للشيخ الجليل محمد عوض بن طاهر باوزير أياد بيضاء في عدد من المشاريع الخيرية المصنفة ضمن «الصدقة الجارية» منها المال والجهد الذي بذله في بناء مسجد النور الشهير بمدينة الشيخ عثمان، الذي تم الانتهاء من بنائه عام 1959م وكانت اللجنة المكلفة بالإشراف على بناء ذلك المسجد الكبير مكونة من:

1- الشيخ محمد سالم البيحاني.

2- الشيخ محمد عوض باوزير.

3- الشيخ محمد علي مقطري.

4- هائل سعيد أنعم.

5- عبدالمجيد السلفي.

6- محمد علي عبده.

7- ياسين محمود الدبعي.

8- عبدالملك أسعد أغبري.

9- عبدالرحمن عبدالرب.

10- عبدالقادر علوان.

11- محمد عبدالحليم. (مرجع سابق- أ. أمين باوزير).

عندما طلب إلى الشيخ باوزير القيام بمهام الأمانة والخطابة في مسجد حسين صديق الأهدل بحافة حسين بكريتر (عدن)، لم يتردد عن واجبه الديني واستجاب على الفور للطلب، ودشن عمله الخيّر بتجديد بناء المسجد وتوسيعه وبناء طابق جديد للنساء وذلك بجهده ومساندة أهل الخير له.(مرجع سابق- أ.أحمد عوض باوزير)

الشيخ الجليل باوزير وأياد بيضاء في التعليم والصحة

يحسب للشيخ الجليل محمد عوض بن طاهر باوزير في ميزان أعماله أياديه البيضاء في مجال نشر رسالة التعليم «فقد شارك على سبيل المثال في تأسيس المعهد العلمي الإسلامي بعدن في أكتوبر 1956 والذي كلف بناؤه (149) الفاً و624 ديناراً، حصيلة تبرعات سخية جمعت من الداخل والخارج، وكان من جملة المتبرعين جلالة الإمام أحمد، ملك المملكة المتوكلية اليمنية، كما أشرف رحمه الله على مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية بعدن، التي تأسست عام 1912م وأدخل رحمة الله عليه بعض التحسينات» (مرجع سابق- أ.أحمد عوض باوزير) وقد كان عميد «الأيام» الشيخ محمد علي باشراحيل، أحد أعضاء مجلس الأمناء لمدرسة بازرعة.

كما كان رحمه الله عضواً في جمعية مكافحة مرض السل، التي كان يرأسها الشيخ الفاضل علي اسماعيل تركي، يرحمه الله، وتحمل الشيخ باوزير أيضاً رئاسة الجمعية الخيرية ونيابة رئاسة الجمعية الخيرية الإسلامية للتربية والتعليم، التي كانت تشرف على المعهد العلمي الإسلامي.(مرجع سابق- أ. أحمد عوض باوزير).

يحسب للشيخ محمد عوض بن طاهر باوزير في ميزان أعماله أياديه البيضاء عندما نُكب ركاب الباخرة (كرم العرب) عند ساحل عمران عام 1953م، كانت الجمعية الحضرمية ممثلة في رئيسها الشيخ محمد عوض باوزير على رأس المجاهدين الكرام في إغاثة ضحايا الباخرة المذكورة وإيوائهم في دارها (المؤجرة) (المصدر: كتاب الندوة العلمية الأولى «عدن ثغر اليمن» التي نظمتها جامعة عدن في15 -17 مايو 1999م - نبذة تاريخية عن الجمعية الوطنية الحضرمية بعدن: محمد عوض باوزير - ص 285).

الشيخ الجليل باوزير في قيادة الهيئات العلمية والاجتماعية

انتخب الشيخ محمد عوض بن طاهر باوزير سكرتيراً لهيئة علماء الجنوب في عدن، وإذا وقفنا أمام الوثائق وشهود العصر فيما يخص الجمعية الوطنية الحضرمية بعدن عام 1946م، حيث يشير النظام الأساسي للجمعية، الذي طبع في القاهرة في فبراير 1947م، إلى أن الشيخ سالمين عمر باسنيد (والد المحامي بدر باسنيد) وهي الحقيقة التي أكدها د. محـمد عبدالقادر بافـقيه في إحدى حلقات الذكريات التي نشرتها «الأيام» تحت عنوان «شيء من تلك الأيام» (راجع حلقة 13 يناير، 1993) حيث ورد نصاً: «كما كانت هناك الجمعية الحضرمية في عدن برئاسة الشيخ سالمين باسنيد» وقال إن المذكور زار المكلا عام 1947م. (مرجع سابق- الندوة العلمية الأولى- ص 286).

في سياق الافادة التي قدمها الاستاذ محمد سالم باوزير، الشخصية الوطنية والادبية المعروفة والمقيم حالياً في السعودية، وكان سكرتيراً للجمعية الحضرمية، ورد أن الشيخ سالمين عمر باسنيد كان رئيساً للجمعية عند تأسيسها، وفترت الجمعية بعد ذلك وانتخبت الجمعية العمومية الشيخ محمد طاهر باوزير رئيساً للجمعية خلال الفترة 50/1961م، وانعقدت بعد ذلك في 17 ديسمبر 1961م بمقر الجمعية الاسلامية الكائن في طريق حقات بكريتر.

الشيخ باوزير رئيساً والشيخ محفوظ شماخ سكرتيراً

كان الشيخ الجليل محمد عوض بن طاهر باوزير من ضمن رجال البر والإحسان الذين تكفلوا بشراء الأرض التي أقيمت عليها بناية الجمعية، الكائنة في الخساف بكريتر (عدن)، وجمعت التبرعات من الحضارمة في الداخل والخارج وبلغت حصيلتها (150) ألف شلن، فتم الشروع ببناء المقر وأشرف على العملية الشيخ الجليل باوزير.

سبق الإشارة إلى انعقاد الجمعية العمومية بمقر الجمعية الإسلامية بطريق حقات، وأجريت في ذلك الاجتماع عملية انتخاب هيئة إدارية جديدة للجمعية الحضرمية، حيث توج الشيخ محمد عوض بن طاهر باوزير رئيساً لها، والشيخ محفوظ سالم شماخ (رئيس غرفة صنعاء، ورئيس الجمعية الحضرمية بصنعاء حالياً) سكرتيراً للجمعية، وباشرت الهيئة الإدارية الجديدة أول نشاطها بافتتاح دار الجمعية في احتفال كبير عقد يوم ذكرى المولد النبوي 12 ربيع الأول عام 1382هـ الموافق 12 أغسطس 1962م، وحضره أكثر من ثلاثمائة شخصية حضرمية اجتماعية بينهم السيد أحمد محمد العطاس، نائب وزير السلطنة القعيطية آنذاك. (مرجع سابق- الندوة العلمية الأولى - ص 288).

الشيخ الجليل باوزير ينتقل إلى جدة ومنها إلى جوار ربه

تواصل الشيخ الجليل محمد عوض بن طاهر باوزير مع أعمال البر والإحسان في عدة جبهات حتى جاءت رياح الاستقلال التي حدت من نشاطاته الخيرية، فغادر أرض الوطن إلى جدة في العام 1967م وفتح له مكاناً تجارياً فيها، ومكث بها حتى انتقاله إلى جوار ربه في العام 1973م وأقيم له حفل تأبين في مسجد الشيخ عبدالله العمودي بكريتر (عدن) ودشن الحفل بقصيدة عصماء ألقاها الشاعر الكبير عبدالله هادي سبيت، وألقى الأستاذ محمد عوض باوزير قصيدة أخرى، وكان مسك ختام الحفل كلمة مؤثرة ألقاها فضيلة الشيخ علي محمد باحميش، ورحم الله الجميع.

خلف الشيخ الجليل محمد عوض بن طاهر باوزير سجلاً من الأعمال الجليلة التي دخلت ميزان أعماله، كما خلف ذرية صالحة قوامها: 1) فاطمة (متوفاة). 2) عبدالله (متوفى). 3) سلوى. 4) فوزية.5) وزيرة 6) عبدالإله (متوفى). 7) عوض. 8) طاهر. 9) فايزة. 10) نجيب. 11) جمال. 12) نائلة. 13) وفاء. 14) زكريا. 15)أسامة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى