علموهم احترام القانون

> عيدروس نصر ناصر:

> حصل هذا معي ليلة السادس والعشرين من سبتمبر الماضي عندما قدمت إلى ساحة الحرية للمشاركة في اعتصام المبعدين من أعمالهم من العسكريين والمدنيين، هذا الاعتصام الذي يأتي ضمن سلسلة الاعتصامات التي تنظمها جمعيات المتقاعدين بهدف الضغط على السلطات لرفع الظلم عن هؤلاء ومنحهم حقوقهم التي نهبت منهم بعد حرب 1994م المشئومة، كما جاء هذا الاعتصمام تضامناً مع المعتقلين على خلفية اعتصام 1 سبتمبر.

حدث ذلك عندما كان أحد الضباط يحاول اعتقال أحد المعتصمين, الذي كان واقفاً بجواري، وحينما تدخلت محاولاً منعه من الاعتقال وسألته: وفقاً لأي نص قانوني تعتقله؟

قال لي: الاعتصمات ممنوعة. وسألته مرة أخرى: وفقاً لأي نص قانوني تمنعه من الاعتصام. فقال: أنا لا أعرف القانون، أنا أنفذ الأوامر!

هذه الحادثة تلخص جوهر المشكلة القائمة في بلادنا بين الحكم والشعب، فالأخوة في الحكم يتصورون أن القانون هو ملكهم يطبقونه متى يشاؤون ويركلونه متى يشاؤون، بينما نحن المواطنين نفهم القانون على أنه وسيلة لفض النزاع في القضايا الخلافية وأداة لتنظيم العلاقة بين أفراد الشعب حكاماً كانوا أم محكومين.

من مساوئ السلطة القائمة في بلادنا أنها تعتقد أن اللجوء إلى القوة في مواجهة الرافضين لسياساتها غير الرشيدة، وتكميم أفواه المعترضين على هذه السياسات هو الوسيلة الوحيدة لحل المشكلات متكلة على تخويف المعارضين وكسر إرادتهم، وهي لا تعلم أنها بذلك إنما ترحل اندلاع المشكلات بل وتضاعف من تأجيجها، وربما تدفع بضحايا هذه المشكلات باتجاه احتمالات لا يمكن التنبؤ بعواقبها.

ما أقدمت عليه السلطات في 2 أغسطس و1 سبتمبر في كل من عدن والضالع وحضرموت من إطلاق النار على المعتصمين المسالمين وقتل البعض وجرح البعض الآخر واعتقال بعض القيادات إنما يكشف عن نزعة قمعية استبدادية تستوطن نفوس القائمين على شؤون البلد في التعامل مع أصحاب الرأي المعارض.

وقد أظهرت السلطات بهذه التصرفات أنها إما تجهل القانون أو أنها تحتقر هذا القانون، من خلال منعها الناس من ممارسة حقهم في الاحتجاج السلمي، بل وإطلاق النار عليهم والوصول حد القتل وإصابة البعض واعتقال البعض الآخر.

كل هذه التصرفات المتهورة تأتي باسم حماية الوحدة وصيانة الوطن، ولست أدري كيف تطلب السلطة ممن فقد أباه أو ابنه أو أخاه أو ممن بترت رجله أو فقئت عينه باسم الوطن والوحدة أن يكون أكثر وطنية وأكثر وحدوية؟

الذين يديرون بلادنا لا يقدرون عواقب الحماقات التي يرتكبونها ضد هذا الشعب، وهم يعتقدون أنهم بهذه التصرفات يرغمون الناس على الخنوع والاستكانة، والقبول بحياة الظلم والإهانة والذل، ولا يعلمون أنهم عندما يمنعون الناس من المعارضة السلمية يدفعون ضحايا الظلم إلى ردود أفعال قد لا تكون سلمية.

وبدلاً من احتجاز الذين تسببوا في قتل وإصابة المواطنين العزل من السلاح في عدن والضالع والمكلا ومحاكمتهم ومعاقبتهم على الأفعال غير القانونية التي ارتكبوها تلجأ السلطات إلى اعتقال الضحايا وتقديمهم للمحاكمة بتهم تعرف السلطات قبل غيرها أنها زائفة، في مفارقة هي أقرب إلى قول الشاعر:

تُبرَّأ مُدْية القاتل

وتُشنق جثة المقتول

وأغتنم الفرصة لأقول للسيد محافظ عدن ومدير أمنه: قبل أن توجهوا جنودكم وضباطكم إلى قمع الناس علموهم كيف يحترمون القانون، وبينوا لهم ما يمنعهم القانون، وما يسمح لهم أن يقوموا به.

إن اعتقال قادة المعتصمين لن يحل المشكلة بل سيزيدها اتقاداً، ونخشى أن تتصاعد الأمور إلى الحد الذي يجعلها تخرج عن سيطرة السلطة والمعارضة معاً.

برقيات سريعة:

المناضل حسن باعوم: مازلت كما عهدناك تتقد عزيمة وإرادة، ومايزال سجانوك يشعرون بالرهبة كلما ذكر اسمك.. لستم وحدكم، كل أنصار الحق معكم.

الكاتب أحمد القمع: ستظل قصائدك وكتاباتك وقلمك أقوى من القيود.. وأقوى من هراوات المحققين.

عضو مجلس النواب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى