مأثورات

> «الأيام» خالد الحكم:

> محاسبة النفس ..بينما كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمشي ذات يوم في الهزيع الأخير من الليل سمع بكاء طفل فأفزعه البكاء، فذهب عمر إلى البيت الصادر منه البكاء وقال لأم الطفل: أسكتي طفلك.
ومرت ساعة وعاد ولم يسكت الطفل فقال للأم: اسكتي طفلك لا أراك إلا أم سوء. فقالت له: يا أخا الإسلام لقد جعل عمر الأجر للطفل إذا انفطم، وأنا أعوده الفطام حتى يكون له من بيت المال نصيب ولم تدر انها تكلم عمر بن الخطاب، فذهب عمر يصلي الفجر، فقال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: والله ما استطعت أن اتبين قراءة القرآن من عمر من شدة بكائه في الصلاة. ولما فرغ من الصلاة قلب كفيه حزنا وقال: لك الله يا عمر كما قتلت من أطفال المسلمين. وما ان طلعت الشمس حتى أصدر أمراً بأن من ولد له مولود فبمجرد ولادته يجري له رزقه من بيت مال المسلمين.

الفقر خصم لدود

ركب خالد بن عبدالله القسري في يوم شديد البرد كثير الغيوم، فتعرض له رجل في الطريق، فقال له: ناشدتك الله أن تضرب عنقي، فقال له: أكفرٌ بعد إيمان؟ قال: لا، قال: أفترغب عن طاعة الرحمن؟ قال: لا، قال: افقتلت نفساً؟ قال:لا، قال: فما سبب ذلك؟ قال: لي خصم لجوج لدود قد علق بي ولزمني وقهرني. قال: من هو؟ قال: الفقر، قال: فكم يكفيك لدفعه؟ قال:أربعة آلاف درهم، قال: إني ممدك بأربعة ألاف درهم.

ثم قال خالد: يا غلام، ادفع له أربعة آلاف درهم، والتفت وقال: وهل ربح أحد من التجار كربحي اليوم؟ قالوا: وكيف ذلك؟ قال: عزمت على أن أعطي هذا ثلاثين ألف درهم، فلما طلب أربعة آلاف درهم وفر علي ستة وعشرين الف درهم. فلما سمع الرجل ذلك منه قال: حاشاك وأعيذك بالله أن تربح على فؤملك.فقال: يا غلام أعطه ثلاثين الفا، ثم قال للرجل: اقبض المال، واذهب آمناً إلى خصمك اللدود وواجهه ومتى رجع يعارضك فاستنجد بنا عليه.

من لنا مثل هذا يعين كل من له خصم لا سيما والخصم يتربص بالكثيرين.

أنت وحدك المسؤول عن الناس

كان عبدالله بن عبدالعزيز العمري، وهو حفيد أمير المؤمنين خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز، يسعى في مكة بين الصفا والمروة، وكان هارون الرشيد ممن شهد الموسم ذلك العام، فأقبل الرشيد، فلما رقى درجات الصفا هتف به ابن عمه سليل بني أمية: يا أمير المؤمنين انظر بطرفك إلى البيت، فالتفت الرشيد إلى الحرم المكي وأجاب مخاطبه قائلاً: قد فعلت!.

قال العمري: كم من الناس ترى؟

قال الرشيد: ومن يحصيهم إلا الله؟!

قال العمري: اعلم يا أمير المؤمنين أن كل واحد من هؤلاء يُسأل يوم القيامة عن خاصة نفسه، وأنت وحدك مسؤول عن الناس كلهم، فانظر كيف تكون.

فبكى هارون الرشيد بكاء شديد لم يبك مثله في حياته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى