انهم يستقبلون الخيط الابيض في عدن

> «الأيام» عوض بامدهف :

> عدن .. هي هبة البحر .. حباها المولى عز وجل موقعا فريدا تتباهى به بين مدن العالم .. فالبحر يحتضنها من كل جهة .. وهي تهيم به هياما جما .. عدن رابضة بين احضان البحر الدافئة .. لا تمل ولا تتبرم من عناقه الابدي لها وتسعد كثيرا بتلك اللحظات الهانئة من الغزل الدائم حين تغسل الامواج اطراف المدينة ويتجدد اللقاء والعناق على رمال سفوحها الذهبية.

والبحر بالنسبة لعدن هو مصدر الرزق الوفير والسمعة العطرة والمكانة المرموقة.. وقديما اتخذ سكان عدن البحر مصدرا وحيدا للرزق حين أتقنوا هذه المهنة الشريفة (مهنة صيد السمك) التي تناقلوها عبر الاجيال.

وعندما تقلصت ممارسة مهنة الصيد تدريجيا .. ظل البحر متمسكا بمكانته السامية من حيث كونه المرفأ الامين والمتنفس الجميل لأبناء عدن وقبلة الباحثين عن النسمات الرقيقة التي تلطف من قسوة الحر العدني.

وفي شهر رمضان الكريم وعند اللحظة المزدوجة وانتظار انبلاج فجر يوم جديد .. سادت هذه الأيام عادة حميدة حيث توجهت مجموعات من الاسر العدنية صوب شواطئ البحر بعد اداء فريضة صلاة الفجر .. وذلك للاستمتاع بالنسائم اللطيفة وقضاء بعض الوقت في استقبال الخيط الابيض وميلاد يوم رمضاني جديد بلهفة وشوق، ولقد ذكرتني هذه العادة الحميدة والمفيدة بما كنا نقوم به في مراحل مبكرة من ايام الشباب، حين كنا نحرص على التوجه الى شاطئ صيرة عصر كل يوم رمضاني بغرض التنزه وقضاء الوقت في تامل منظر البحر وحركة امواجه الدائبة والدائمة بين المد والجزر .. وكذا الحرص على شراء شراب (الليمايت) و(الزنجليت) من مصنع الثلج للفارسي الواقع في الطرف البعيد لساحل صيرة .. حيث كانت لا تخلو مائدة رمضانية في اي بيت عدني من تواجد هذا الشراب الذي كان يأخذ مكان الصدراة في هذه المآدب الرمضانية في تلك الايام الخوالي.. وهكذا وبمرور الزمن يتجدد اللقاء الودي والحبيب بين اهل عدن والبحر .. فهو الحبيب الاول الذي له المكان الاثير في قلوب اهل عدن .. وهكذا يكون الحب والوفاء والتواصل الجميل والاصيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى