ممارسات السلطة تساوي التشطير والهيمنة

> محمد علي أحمد:

> في مثل هذه الأيام ونحن نحتفل بالذكرى 44 لثورة 14 أكتوبر المجيدة في الجنوب ، وشعبنا يحتفي بذكرى كفاحه التي حمل روحه فيها على كفه يقارع الاستعمار ويكافح الفقر والجهل ، ويناضل من أجل الحرية والاستقلال ، وضحى من أجل ذلك بدم شهدائه الأبطال ، وحقق النصر وتحرر وبنى دولة النظام والقانون في الجنوب ، بل ووحد سلمياً 22 إمارة ومشيخة ، وأسس دولة النظام والقانون ، وبذلك تمتع شعبنا بحياة كريمة ، وبعد كفاح طويل تحققت الوحدة اليمنية التي كان لدولة الجنوب الفضل الكبير في قيامها ، فالوحدوي الحقيقي هو الذي تخلى عن سلطته ودولته ومهما حاول مزورو التاريخ إلغاء دوره ، فالظلمة المستبدون هم من سرق بريق الوحدة ولو تشدقوا بالكذب ، فسيأتي الزمن المنصف لمن ظلم والوحدة التي كانت ولم تزل هدفاً ومصيراً قومياً ، ولكن خاب هذا الأمل المنشود بسلوكهم .. فقد عطل المتخلفون والمنافقون هذه الوحدة ، سرقوا الثورة الشعبية نتيجة عقدة النقص التي تلاحقهم بسبب عقلية التخلف والاستبداد ، فانقلبوا على الوحدة وأجهضوا المشروع الكبير الوطني .. واليوم يعيد التاريخ نفسه، ومن حقق الاستقلال ضد الغزاة سيحقق الكرامة والعدل والمساواة ، ومن خلال الكفاح النضالي السلمي ، والمطالبة بالحقوق من خلال الاعتصامات والمسيرات و الاضرابات ، وإذا تغطرس هذا النظام بعد هذه الأشكال فإن الشروط البديلة ستكون ضرورية ولابد منها ، ومن بين هذه الاشكال التصعيدية هي العصيان المدني ، وعندها سيرى المتشددون مصيرهم.

وبفضل هذا السلوك الذي يمارسونه بنهب الأرض والثروة والانفراد بالسلطة وإبعاد الكوادر الشريفة والخبرات العلمية في الإدارة والنزيهة ، وبهذا السلوك الذي يمارسونه ضد شعبنا في الجنوب ،فإنهم وبسلوكياتهم يوحدون هذا الشعب المناضل الكريم ، هذا الشعب الذي لم يعرف الرشاوى او السرقة ، بل يتعامل بأخلاق ومسؤولية في الحكم ، والماضي في الجنوب عبرة في حكم ما قبل الوحدة .

وها هو اليوم الذي يبرز ويكشف المقارنة بين سلوك نظامين ، فحكم الفاسدين والمرتشين السيئين بسلوكهم هذا قد خلقوا العزائم والثقة عند أبناء الوطن ، فثار الأبطال الذين سيخوضون الكفاح ضد الظلم حتى يحقق الله النصر !!!

أحيي جميع الأبطال ومناصريهم الذين يقودون العمل ويناهضون الظلم ، أحيي فيهم هذه الروح وأحيي الأبطال المناضلين في المعتقلات والسجون.

ولعلها مناسبة لكي نذكرهم بجزء محدود من النقاط التي فيها نحدد موقفنا ، كما أنها تلتقي مع مواقف إخواننا قيادة إصلاح مسار الوحدة ، فموقفنا من موقفهم ، كما أن ما نتحدث عنه ، فغيرنا ينادي به ، وتطابقت المطالب في ما يجري في الوطن ، ومن هنا نعلن هذا الموقف بتضامننا مع أهلنا وإخواننا الذين يقاومون بأجسام عارية رصاص العسكر ودباباتهم ، أننا معهم قلباً وقالباً ضد الظلم الذي مارس ويمارس من اليوم الأول الذي أعلن فيه الحرب على الجنوب منتقما من الماضي وهذه هي البراهين :

-1 في27 إبريل 1994 فرض علينا الحرب من ميدان السبعين بصنعاء.

-2 فرضت علينا نتائج الحرب من قبل سلطة 7 يوليو 1994م التي أنهت شرعية الوحدة المباركة والطوعية ، وحل محلها سلطة الضم والإلحاق غير المشروع بقبولها.

-3 إن السلطة التي أنهت مشروع الوحدة ، وبفعله القائم فقدت الشرعية منذ 7/7/ 1994م. وبهذا العمل ألغوا شرعية ما تم الاتفاق عليه وألغوا كافة الاتفاقيات ، وما يفعلونه اليوم نعتبره غير شرعي وشعبنا سيقاومه من ذلك التاريخ.

-4 أكد شعبنا الجنوبي جلياً رفضه لنتائج تلك الحرب بسبب الواقع اللا شرعي للسلطة ، ورفضه الاستسلام او الالتزام الطوعي لهذه السلطة ، ومما يعزز فقدان هذه السلطة للشرعية هي السياسات غير الوطنية التي أدارت بها شؤون المجتمع الجنوبي الذي وقع تحت حكمها بالقوة ومن أبرزها:

أولا:- إطلاق اليد لمراكز القوى وعناصر الفساد في العبث بمصير الجنوب ونهب مقدراته بكل حرية وبعقلية استبدادية ، عقلية لا تراعي قواعد الأخلاق والقانون.

ثانيا :- إطلاق اليد لمراكز القوى وعناصر الفساد في رسم السياسات التي تخدم مصالحها وتضر بمصالح الوطن وأهله وسيادته والتمييز في المواطنة ضد الجنوبيين على أرض الجنوب تحديدا ، وأصبح أبناء الجنوب غرباء في وطنهم وفرضوا عليهم كراهية الوحدة والتوحيد!!

ثالثا :- اتباع سياسة ضم وإلحاق للجنوب والبسط والسيطرة على أراضيه وتهميش مواطنيه والتنكيل بهم، ومحاولة طمس هويته من خلال تغيير التركيبة السكانية له.

ونتيجة لذلك النهج الذي يتنافى مع مبدأ الالتزام بالمسؤولية تجاه الوطن وأهله ، فقد تسببت السلطة في إلحاق أسوأ النتائج بالوطن سياسيا اقتصاديا وثقافيا ومن أبرزها:

-1 العبث بمقدرات الجنوب في البر والبحر من قبل النظام والقادة العسكريين وقواهم، ونهب ممتلكات أبناء الجنوب العامة والخاصة ، وطردهم من وظائفهم حيث وصل عدد المبعدين إلى مئات الآلاف من أبناء الجنوب.

-2 إطلاق يد العسكر للعبث بأرواح ومصائر مواطني الجنوب في أراضيهم وممتلكاتهم وبيع مؤسساتهم وتقاسم الفيد فيما بينهم ، وطرد عمال المصانع والمؤسسات ، وتركيز كل السلطات في الجنوب بيد قيادات متنفذة.

-3 الهيمنة على التجارة والاستثمار من قبل مراكز القوى في السلطة والمشاركين بأموال النهب للمتنفذين وأتباعهم ، واستبعاد ومضايقة الرأسمال الجنوبي الذي حلم بالوحدة وتقدم بعزيمة للعمل وبصدق ويريدون بناء وطنهم بكل إخلاص.

-4 إشاعة وممارسة الخوف عند المواطنين عن طريق النظام الأمني الاستخباراتي لقهر المجتمع وطلائعه من مثقفين وكتاب ومالكي صحف ومناضلين يرفضون الاستبداد.

-5 توجيه القضاء لخدمة النظام ومحاصرة النشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والتضييق على الصحف والصحفيين والمثقفين والمواقع الالكترونية وجعل القضاء مكملاً للجهاز الأمني .

-6 حرمان الجنوبيين من دخول الكليات العسكرية والمعاهد والخارجية في ظل وجود تصفية لهم من المؤسسة العسكرية وبشكل منظم واستخدامهم ورقة في حروب عبثية والتخلص منهم على سبيل المثال في حرب صعدة التي يعاني مواطنوها كما نعاني نحن من بطش وظلم واستبداد.

-7 إشاعة الفوضى والاقتتال بين القبائل اليمنية بهدف التخلص منهم ونبش الموروث القبلي في الجنوب وتغذية الصراعات القبلية والثأر بين سكانه بعد أن كان الجنوب قد نجح في تجاوزها لسنوات طويلة تفوق ثلاثين عاما ، واليوم يعيدونا إلى الخلف متناسين أننا في القرن الواحد والعشرين.

-8 إفراغ الديمقراطية من محتواها والاستفادة منها كديكور أمام الدول المانحة والمجتمع الدولي ، وهو الدور الذي ارتضت أن تقوم به مع الأسف المعارضة في تعاونها مع النظام لمحاولة دفن القضية الجنوبية من خلال رفض معالجة آثار حرب 94، قبل المشاركة في الانتخابات المزورة لمنح الشرعية للنظام في أفعاله ضد المحافظات الجنوبية ولا نجحد موقفهم المتأخر بعد الاعتصامات حين عرفوا ونادوا بحق المحافظات الجنوبية.

-9 التفريط في السيادة الوطنية مقابل البقاء في السلطة وعدم المحافظة على الأراضي والحدود اليمنية.

-10 الكذب على القوى الدولية والصناديق المانحة وتعريض مصير البلد للخطر كون السلطة لا تعمل بما يعطى من منح بل توزعها بين المتنفذين بدون القيام بتعهدها، والكذب عليهم حيث أصبح الوطن في نظر العالم من الدول الفاشلة.

-11وما نراه اليوم من تضامن واعتصامات للمتقاعدين في الجنوب والذين يطالبون بحقوقهم بالطرق المشروعة بسبب إهمال السلطة لتلك الحقوق (وتخاذل المعارضة) إلا دليل على العمل المنظم لإفقار الجنوب وتشتيت كوادره. وندعو جميع المحافظات الشمالية للمناصرة .

-12 محاولة النظام المستمرة لاستغلال الأحداث التي مر بها الجنوب لتوسيع الاختلافات بين أبناء الجنوب ومحاولة فتح الجراح وتغذية الصراعات على تلك الخلفية لإبقائهم منشغلين بأنفسهم بعيدا عن ما يجري لأرضهم وشعبهم من نهب وسلب ويعمل على البحث عن الضعفاء لشرائهم بالمال ، ولكن شعبنا عرف خداع ومكر هذه السلطة فالمطلوب الحذر.

إننا ندعو جميع القوى السياسية في الوطن ونحن ننظر بقلق شديد الى المنحى الذي تسير نحوه اليمن منذ ضياع مشروع الوحدة واكتفاء النظام والقوى السياسية التابعين له في الشمال في أن يغيروا من أسلوبهم وتفكيرهم بنتيجة الحرب والضم والإلحاق للجنوب ، فالجنوب دولة وشعب له تاريخه ويتميز عن حليفه في الوحدة ومفهوم أهدافها لكونه هو الذي تنازل عن السلطة ، ومن بعد الحرب تم الانحراف عن هذه الأهداف، فمن حق شعب الجنوب الدفاع عن حقه وأرضه وعرضه ، فإننا بهذا التأكيد ندعو العرب والعالم للتضامن معنا.

إن اليمن يتجه نحو الكارثة ولن يتوقف إلا بعد الوصول إليها وليس هناك ما يمنع أن يلحق بالصومال أو العراق إن لم يكن أسوأ من ذلك إذا أصر النظام ومن يواليه على الظلم وعلى التغاضي عن حقوق أبناء الجنوب.

إن السلطة القائمة فاقدة للشرعية منذ 1994م ، واليوم فإنها استنفدت كل مقومات البقاء للشرعية أو استمرار بقائها أو تجديده بأي صورة من الصور وخاصة في تعاملها مع الجنوب ومن هنا نرفض مشاريع التعطيل المقدمة من الحزب الحاكم .

إن وحدة 22 مايو قد انفرط عقدها بالحرب وضم الجنوب بالقوة، وهو ما يستدعي المعالجات والحلول الشاملة كون الحلول الفردية لا تنهي القضية.. وهي كالآتي:

أ – إزالة كل آثار حرب صيف 94م وإصلاح مسار الوحدة وفقاً لاتفاقيات الوحدة ودستورها وعلى قاعدة وثيقة العهد والاتفاق كحل للحقيقة الصادقة وبموجب قرارات الأمم المتحدة وإيقاف عسكرة الجنوب.

ب - بناء نظام سياسي متفق حوله لدولة الوحدة وتأسيس نظام ديمقراطي اتحادي تعددي حقيقي كونه الحل للمشكة .

جـ – اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التدهور والنزيف الاقتصادي والوطني ووقف نهب ثروات الوطن من قبل الأوصياء عليه وبالذات الجنوب.

د – تشكيل حكومة وحدة وطنية من جميع الأطياف السياسية وإدارة حوار جاد يؤدي الى ازلة آثار حرب 94 وكل أشباهها ومن قبلها وإصلاح مسار الوحدة واتخاذ إجراءات توقف التدهور القائم في كل المجالات وبالذات في الجنوب انطلاقا من القرارات العربية والدولية وبالذات قراري 924 و 931 وتعهدات سلطة 7 يوليو للمجتمعين العربي والدولي بعد الحرب.

هـ - إعادة كامل الحقوق لكل المبعدين من أعمالهم بما يضمن تعويضهم التعويض العادل لفترة إلغائهم من الحياة العامة.

و- إعادة كل ما نهب وسلب من الجنوب بسبب حرب 94 وفتواها المشئومة.

ز- تصحيح جميع الأوضاع الخاطئة المستحدثة في الجنوب بعد الحرب بما يعيد للجنوب حقوقه ويحافظ على هويته في الاطار القومي والاسلامي والعالمي.

حـ - الدعوه الى تعميق التصالح والتسامح والتضامن بين الجميع وتجاوز آثار الصراعات السابقة والاقتتال الشعبي بهدف (افتن تحكم) عقلية الماضي والتخلف .

فإذا لم تتسارع الجهود لوقف التدهور وتحقيق عملية إصلاح لمسار الوحدة ، فإننا نحمل النظام القائم والقوى السياسية المتواجدة في الساحة والمتحالفة معه كامل المسؤولية عن الكارثة التي يقودون الوطن إليها . وانه إذا كان ولابد , فلابد مما ليس منه مفر كخيار مفروض على شعب الجنوب المقهور ، فانه سيقاوم العقول المشطرة والمتعصبة وبالعزيمة والبطولات للمناضلين الذي عرفهم من غزا الجنوب ولا يهمنا إرهابهم بإطلاقهم علينا تهمة الانفصال ، فممارساتهم تساوي التشطير والهيمنة.

يجب ان يعرف من يتهمنا بالانفصال أنه هو السبب الأول للانفصال ، فمن الذي أعلن الحرب التي سبقت الانفصال في 27 أبريل 94م؟ فهل الانفصال سبق الحرب أم الحرب سبقت الانفصال.. ومن هنا يحكم العالم.

إن الواجب يستدعي إنقاذ الوطن والشعب الجائع المضطهد من قبل الظالمين المستبدين .

ألم يدركوا أنه حين تغيب الحقوق وتصادر الحريات يسود التسلط والتحكم والاستبداد السياسي وتفشي الفساد وتنهب الثروة ويتضاعف الفقر والبطالة في المجتمع وبذلك يشكل أعباء على جيرانه والعالم.

ومن أجل إزالة الاستبداد والهيمنة والفقر والبطالة والجهل والمرض والنهب المال العام والخاص وممارسة الفساد والعبث بالمال العام واستغلال إمكانيات الدولة ووظائفها وجيشها وأجهزة الأمن والإعلام والكذب والدجل على الشعب والعالم ، فإن المشاريع النصفية التي تتبناها السلطة تمثل الصداع النصفي وتعطيلاً للمشاريع وللحلول التي تقدم من قبل كل الخيرين والمخلصين للوطن والقوى السياسية، فالذين كذبوا في السابق يكذبون بمشاريعهم التي تأخرت طويلاً ، فإذا كانوا يريدون الحل على الطريقة الأمريكية عبر مشروع رئاسي يصمم على الحل الكامل على قاعدة ما يترتب على مقـترح الرئيس حتى لا يكون ناقصاً ومفصلاً على ما يريدون ، لقد تقدم بالمشروع وعليه استكماله في تقسيم الوطن إلى أقاليم ، فالمخرج الحقيقي للمشاركة الشعبية الواسعة في الحكم ، هو إقامة نظام فيدرالي يأخذ بالحسبان خصوصيات وسيادة الأقاليم الفدرالية وتوزيع الوطن إلى أربعة أقاليم منها في المحافظات الجنوبية إقليمان يوزعان بين عدن وحضرموت محافظات الجنوب.

وفي الشمال إقليمان يوزعان بين تعز وصنعاء محافظات الشمال. ومن هذه الأقاليم تنشأ حكومات الأقاليم بحيث يتم فيها انتخاب رئيس الإقليم من قبل سكان الإقليم ويقوم بتشكيل حكومته المحلية ورقابة ومساءلة برلمان الإقليم.

وعند ذلك يتم انتخاب الرئيس للدولة المركزية من قبل الشعب ككل ويقوم بتشكيل الحكومة الاتحادية الخاضعة للمراقبة والمساءلة البرلمانية الاتحادية الممثلة من الأقاليم المتساوية العدد ويصبح البرلمان والدولة المركزية وتسمى اليمن الفيدرالي الديمقراطي الموحد وتأخذ بتجارب أمريكا والعالم.

مرة أخرى أهنى شعبنا اليمني بخواتم رمضان الكريم واستقبال عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا بالخير وسلام وبهذه المناسبة العظيمة لذكرى الثورة 44 من الكفاح البطولي لثورة أكتوبر ونوفمبر تاريخ شعب الجنوب البطل ، وتحياتي لمن عانى المتاعب في غياهب السجون، وتحياتي لأسر الشهداء ، وتحياتي لمن تعرض للرصاص وجرح وهو يطالب بحقه في العيش والبقاء ،

إننا ندعو كل الخيرين إلى التضامن مع قيادات الجمعيات وإدارات الاعتصامات والمعتقلين في كفاحهم ونضالهم المشروع ضد الجوع، تحياتي لشعبنا البطل المكافح من أجل الحياة في وطن سعيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى