قطوف من ديمقراطية حضرموت في القرن الماضي (5):حزب الاتحاد الوطني في سيئون يؤسسه مشايخ وعلماء وأدباء وأمراء ..بن وبر وبافقيه من سجناء الرأي

> «الأيام» علوي بن سميط:

>
شرطة شبام أوائل الستينات
شرطة شبام أوائل الستينات
شهدت حضرموت تناميا في عقد الخمسينات ومن ثم أعوام الستينات في إنشاء عدد من الأشكال السياسية المتعددة على أساس مؤسسي تنظيمي وتزايدت منذ الخمسينات أيضاً أعداد الأندية الثقافية والتجمعات الأدبية كتطوير للسابق من هذه الأشكال في الاربعينات، ففي سيئون تأسس حزب الاتحاد الوطني في الخمسينات والذي لم تسلط عليه كتابات عدد من المؤرخين المعاصرين.

ونشير هنا من خلال وثيقة (نسخة) من دعوة للشيخ علي بن شيخ بن علي باحميد (رحمه الله) نائب سكرتير الحزب لعدة سنوات، حررها في 24 ربيع ثاني 1377هـ الموافق 18 /11/ 1957م مضمونها الدعوة لأعضاء الحزب في 25/ 11 «للوقوف أمام أنشطة الحزب خلال عامه الأول وللنظر أمام تأليف هيئة جديدة للحزب» وذكر خطاب باحميد للوقوف أمام أعمال الحزب في عامه الأول.

وهنا يتضح أن الدعوة جاءت بعد عام أي أن الحزب تأسس نهاية 56م أو أن الدعوة بذكرها (عامه الأول) أي انعقاد الاجتماع قبل انتهاء عام كامل فالدعوة نهاية شهر 11 (نوفمبر 57) ويذكر لنا العديد من ابناء سيئون أن الحزب تأسس بداية 1957م.. أعضاء الحزب حينذاك أسماء معروفة من أبناء سيئون فهم من الادباء والكتاب والمؤرخين وأعيان المدينة ومن الامراء بالسلطنة الكثيرية، واتخذ حزب الاتحاد الوطني مقره في بداية الأمر وعقد اجتماعاته بمنزل الشيخ علي بن شيخ باحميد، نائب سكرتير الحزب (الرجل الثاني في قيادة الحزب) ومن إحدى وثائق الحزب التي حصلنا عليها يظهر أن أعضاء الاتحاد الوطني خلال عام 1957م ورواده الأوائل هم: «صالح بن علي الحامد، محمد بن شيخ المساوى، عبدالقادر بن سالم الروش، جعفر محمد السقاف، سالم محمد بن صافي، محمد بن طه السقاف، طه بن عبدالله السقاف، عبدالقادر بن عبدالرحمن الجفري، صافي بن شيخ السقاف، سقاف بن محمد السقاف، عمر بن عبود الدقيل، الأمير محسن بن محمد الكثيري، الأمير عبدالله بن علي الكثيري، سالم عمر بافضل، عبدالرحمن أحمد باكثير، علي بن شيخ بلفقيه، عمر بن أحمد باكثير، محمد علوي السقاف، حبشي بن حسن الكاف، أحمد بن حسن العيدروس، سقاف بن أبي بكر الكاف، علوي بن أبي بكر الكاف، سالم بن ابي بكر بارجاء، أحمد بن هادي جواس، عبدالرحمن باسلامة، الأمير بدر بن عبدالله الكثيري، عبدالقادر بن أحمد السقاف، عبدالرحمن عبود، أحمد بن عبدالقادر باكثير، منصور بن عبيد حنشي، سالم بن محمد الحامد، عوض بن محمد بن وثاب، الأمير حسن بن علي الكثيري، عاشور كعويله، علي بن عوض بن وثاب، عوض بن سالم باصبيع، عمر بن جعفر فلهوم، محمد بن كرامة جواس، عبيد بن محمد بريكات، أحمد محمد محروس.

وبالطبع فإن الانضمام لحزب الاتحاد الوطني تزايد، فيما كان نشاطه يمتد أحياناً وينحسر أحيانا أخرى، وبعض الشباب الذين انضموا إليه بداية الستينات خرجوا منه نحو أحزاب قومية تشكلت على مستوى جنوب اليمن كاملاً ويعتبر مؤسسوه من الرواد على مستوى المنطقة كونهم من العلماء والادباء.. وحصلنا على ترجمة صغيرة للشيخ الجليل علي بن شيخ باحميد الذي تفرغ بعدئذ للقضاء بعد تحمله منصب الزعامة بالحزب.

فالشيخ علي بن شيخ بن علي باحميد من مواليد سيئون 1909م وتوفي في ابريل 1986م ودفن بسيئون، تولى العمل في محكمة سيئون فترة قصيرة إبان السلطنة كما أنه من فضلاء سيئون وأعيانها البارزين، مهتم بالأدب والشعر العربي، بعدئذ عمل بالقضاء في سلطنة العوالق السفلى (أحور) من 1 /6 /66م حتى ديسمبر 66م.

وفي نظام حزب الاتحاد الوطني (لدينا نسخة منه) أكثر من فصل به مواد تنظم الحياة الداخلية للحزب وهيئاته معتمداً على التصويت، وهذا الحزب ليس الحزب الوطني الذي بالمكلا، فكل حزب له توجهاته وسنأتي على حديث الحزب الوطني الذي تأسس في المكلا في وقت آخر.

> كما وعدنا في حلقة سابقة.. نشير لحالات سجناء رأي كنماذج وليس الكل، فمن شبام حضرموت تعرض في 1961م الشاب عبدالعزيز يسلم محفوظ بن وبر للاعتقال والمحاكمة الكيدية لأنه انتقد تباطؤ وأعمال المجلس البلدي بشبام وطرح ملاحظاته الوطنية التي ربما لم تعجب المسؤولين حينذاك، وبن وبر هو من الشخصيات التي ثقفت ذاتها ومن الشباب المتنور (متعه الله بالصحة) يقطن حالياً في عدن، وطيلة عمره لم يتأطر سياسياً في أي حزب إلا أنه من دعاة الخير والعمل للإصلاح والمكاشفة بآرائه ومجاهرته بالحق، وله كتابات صحفية في عدد من الصحف المحلية، وهو من طلبة شبام الذي كافح لنيل أعلى الشهادات حينذاك فقد درس في مسقط رأسه ثم درس بمدرسة الغيل الوسطى وعمل بالمهجر بعدئذ وعمل بعدن واستقر فيها وحتى اليوم، وهو من مواليد شبام حضرموت 1933م.

وللأستاذ عبدالعزيز وبر- كما أعلم - كتب مخطوطة بحاجة إلى الطباعة عن تاريخ شبام وذكريات وثقت للحالات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، كما أصدر كتابا بعنوان (أوراق ومشاهد من حياة الشهيد العلامة باحميش) اشترك في تأليفه مع أ.أمين سعيد عوض باوزير.. نعود إلى قصة اعتقاله الكيدية، وقد أشارت «الأيام» في ذلك الوقت إلى محاكمته وبراءته من تهمة التحريض والتشهير حسب ادعاء السلطات، وللحقيقة فإن بن وبر يعلم جيداً أن الحكم الأولي بشأنه لا يعبر إلا عن كيدية فإن الحكم الذي صدر بالمكلا أمام المحاكم العليا ببراءته يؤكد سلامة أطروحاته ونقده البناء، كما أنه لقي تضامنا كبيرا إذ كتبت عدد من الصحف مدافعة عنه.

> إن أول محاكمة صحفية في حضرموت هي للكاتب الصحفي المعروف علي عبدالرحمن بافقيه، سكرتير تحرير «الرائد» الحضرمية، إذ جاء في خبر لها في العدد 74 في 2 /4 /62م:

«نظرت محكمة الاستئناف بالمكلا يوم الاثنين 26 مارس 62م في دعوى الاستئناف الذي قدمه الزميل علي عبدالرحمن بافقيه ضد حكم محكمة اللواء الجنائية الصادر ضده في القضية الصحفية المعروفة، وقدم البافقيه دفاعه ورده على عريضة المدعي العام». ولعل اعتقاله ومن بعدها محاكمته كان على مقال كتبه في صحيفة «الأيام» في عدن، وعلي عبدالرحمن ايضاً ترأس صحيفة «الرأي العام» الاسبوعية في 63م وقبلها عمل في «الأيام» ايضاً ثم في «الرائد» وعن هذه المحاكمة لصاحب الرأي يذكر د. محمد عبدالقادر بافقيه في 90م في حديث بمنزله نقله ووثقه أ. عبدالرحمن خباره في كتابه (نشوء وتطور الصحافة في عدن 37 - 67م ص 164، 165 ،166).

يقول د. بافقيه عن محاكمة علي بافقيه: «افتعلت الحكومة محاكمة علي بافقيه لنشره في إحدى الصحف بعدن وأظنها «الأيام» اليومية نقلاً عن صحيفة مصرية بأن بريطانيا سددت ديونها للولايات المتحدة الامريكية في الحرب العالمية الثانية من (أورانيوم) حضرموت!!

فتحول الخبر إلى قضية وإلى محاكمة». ويستطرد المؤرخ محمد عبدالقادر بافقيه في نفس الحديث لخبارة ص 165: «تحول الخبر إلى قضية وضج الرأي العام في عدن وحضرموت وطلبنا محاميا من عدن وقدم مرافعة حضرتها شخصياً وقال الحاكم بالحرف لا توجد قضية وأرى أن تحل مع الحاكم، ثم أصدر بدر الكسادي سحب ترخيص «الرأي العام» قبل صدورها».

> ومن نماذج الذين تعرضوا للإشكاليات جراء آرائهم السيد علي عقيل في سيئون، وهو من الشخصيات المعروفة بآرائها وثقافتها الراقية، وقد تعرض للمضايقة والنفي مرات عدة خارج حضرموت كما أنه عُزل من منصبه ووظيفته كمدير لمدرسة النهضة المتوسطة بسيئون بعد أن دعا لعقد اجتماع للناس والهيئات والجمعيات للتعبير عن رأيها حول مؤتمر لندن الدستوري، وأن يعلن الجميع رأيهم بالتمسك بقرارات هيئة الأمم المتحدة الخاصة بحق تقرير مصير الجنوب من قبل مواطنيه.

وجاء عزل تلك الشخصية في يونيو 1964م حينها اتسع التضامن مع عقيل والوقوف إلى جانبه وآرائه.. ونعرض في حلقات قادمة نماذج من فعاليات حضرموت لإنشاء مؤسسات مجتمع مدني وتربوي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى