لماذا الإجحاف بحق فخامة الرئيس؟

> ياسر اليماني:

> يوماً بعد يوم تتسارع فاعلية الحراك السياسي في المحافظات الجنوبية، وتتسابق بعض القوى التي تدعي بأنها وصية على الجنوب وعلى حقوق أبناء المحافظات الجنوبية، وهنا وكوني مواطناً يمنياً من أبناء هذه المحافظات الجنوبية يراودني سؤال أود أن أوجهه لأولئك الأوصياء- وما هم بأوصياء- الذين يدعون أنهم يطالبون اليوم بالحريات وبحقوق الفقراء والمساكين والمظلومين، أقول لهم قبل أن أبدأ حديثي هذا وأعيد إلى أذهانهم التاريخ فأقول لهم عليكم أن تفهموا وتعوا أن شعب اليوم ليس هو شعب الأمس، فشعب اليوم يدرك حقيقة أكاذيبكم وفحوى مخططاتكم ولم تعد تنطوي عليه ألاعيبكم وحيلكم، كما أن تاريخكم معروف للصغير قبل الكبير، فلا مجال للمزايدات والمغالطات، والتاريخ سيظل شاهداً ويحكي عن مآسي هذا الشعب على أيديكم.

وهنا أقول نعم نحن أبناء المحافظات الجنوبية ظلمنا، ولكن يبرز هنا السؤال متى وكيف؟ وها هي الإجابة بين ثنايا هذه المقارنة في هذه السطور:

في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لماذا لم نسأل أنفسنا نحن أبناء هذه الجمهورية في عهد التشطير بالأمس كيف كنا نحن وكيف نحيا اليوم في عهد الوحدة، فما هي جمهورية اليمن ذلك الوقت؟!

نعم كنا نعي جمهورية اليمن بحالها في ذلك الوقت ولكن لا نعي ما هي الديمقراطية، فكنا لا نعرف سوى الاقتتال من حين إلى آخر وكنا لا نعرف الديمقراطية حتى في إطار الحزب الواحد في ذلك الحين (الحزب الاشتراكي اليمني) وكنا حتى لا نستطيع أن ننتقد عامل الصرف الصحي عندما يطفح المنهل، كنا نعيش ولا نستطيع أن ننتقد أو نعترض على أحد منهم، كنا نردد ونقول «لا صوت يعلو فوق صوت الحزب».

وبالأخص فوق أصواتهم هم، يعني أنه لا يجوز أن يرتفع صوت آخر وإن ارتفع أي صوت آخر فمصيره معروف سلفاً، كانوا يقولون لنا - ومن شدة الرعب كنا نصدقهم- بأن الجدار له آذان، ومن منا يستطيع أن يجادل في شيء من ذلك.

كنا نرى أين مصير الشرفاء والمناضلين ونقف مكتوفي الأيدي، كنا لا ندري ولا نسمع عن القبيلة ومن كان يتكلم باسم القبيلة فكان مصيره معروفاً، فلنسأل أنفسنا ولنتذكر أين مصير المناضلين أمثال فيصل عبداللطيف وسالم ربيع وجاعم صالح والقائمة طويلة، كل ذلك ولا نستطيع أن نتحدث أو ننتقد أو نتظاهر، كانت المساكن تؤمم وأراضي السلاطين والكادحين تؤمم ولا نستطيع أن نتكلم أو نتظاهر.

كنا نرى تكميم الأفواه بل كنا نقول «كل شيء تمام»، قالوا تُخفض الرواتب فقمنا نصرخ نحن الشعب «تخفيض الرواتب واجب»، قالوا تقطع شراشف النساء فقمنا نصرخ «تقطيع الشراشف واجب»، كانوا يقتلون المناضلين بقائمة طويلة على متن الطائرات ونقول «كل شيء تمام»، كانوا يقتلون المعتقلين عن طريق وضعهم في حاويات ويتم دفنهم وهم أحياء فيها، فاسألوا أين معتقلو الصولبان ومعتقلو مدرسة أسماء ومدرسة الحسيني ومعتقلو فتح ومعتقلو الضالع، ومنهم محسن عبدالله حسين والعوش وشيبان وفضل محمود وسعد سالم وكثير هم.

وبالإمكان ذكر أسمائهم إذا تطلب ذلك للرفاق، ونقول «كل شيء تمام»، يتم ترميل النساء وتيتيم الأطفال ونقول «كل شيء تمام»، كنا ندرس أننا خلقنا من الطبيعة وأننا كنا قرودا فتطورنا ونقول «كل شيء تمام» بدون نقاش، كانوا يقولون لنا ماركس وانجلس هما قدوتنا ونقول لهم نحن نعيش في ديمقراطية في هذا الوطن، كنا جميعاً في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فقط وكان «كل شيء تمام»، كنا لا نرى سوى صحف «صوت العمال» و«الثوري» و«14أكتوبر» لأنها تسبّح بحمد الحزب فقط (وكانت صحافة حرة! يمكننا أن ننتقد فيها الحزب الاشتراكي أو أحد قياداته كالأمين العام مثلاً) ولا نرى أي صحيفة أخرى، وهذه هي حرية الصحافة عندهم، كنا نقف في طابور طويل من أجل أن نشتري كيلو تفاح أو نشتري عشر حبات بيض أو نشتري كيلو لحم، وما أطول وما أكبر عدد تلك الطوابير ونقول «كل شيء تمام»، كيف لا نقول «تمام» ونحن نحكم بالحديد والنار؟ ومن يفتح فاه كانوا يقولون له عندكم أسر ربوهم تمام فنقول لهم شكراً.

أما اليوم وفي ظل راية الوحدة اليمنية، في ظل الديمقراطية وفي ظل توجهات هذا القائد ابن اليمن البار الذي قدم لنا نحن أبناء المحافظات الجنوبية أكثر من إخواننا في المحافظات الشمالية من مشاريع في كافة المجالات (التربية، الصحة، الطرقات، المواصلات، الصروح التعليمية حتى التعليم الأكاديمي العالي في عدن وحضرموت وأبين وشبوة والضالع) وتم إعادة الأملاك من أراض وعقارات لأصحابها، وعفا عن أولئك الانفصاليين بعد أن قصفوا صنعاء وتعز بصواريخ اسكود وأعاد لهم حقوقهم، ليس هذا فحسب بل دعاهم للمشاركة بفاعلية في العمل السياسي.

وهذا لم يكن جديدا على مواقف هذا القائد بل إنها كانت من قبل تحقيق الوحدة فنرى أنه استضاف المناضلين الذين هربوا في أحداث يناير 86م.. استضافهم في الوقت الذي كان رفاقهم يذبحون في عدن، وعاشوا شرفاء بكرامتهم يتنقلون بين صنعاء وتعز والبيضاء، فرعى الجميل من رعى للأخ الرئيس وفي مقدمتهم المناضل عبدربه منصور هادي وأحمد مساعد حسين.

جعل لنا الصحافة الحرة ننتقد فيها من نشاء في عهد هذه الديمقراطية وفي ظل الوحدة، كما تم طي صفحة الماضي وتمت الدعوة للعودة إلى الوطن، فعاد الأستاذ سالم صالح والأستاذ أنيس حسن يحيى والأستاذ ياسين سعيد نعمان وعاد آخرون كثر إلى أهليهم وهم اليوم يمارسون حقوقهم كاملة بما فيها حرية العمل السياسي دون تضييق، فمتى كان ذلك من قبل الوحدة؟ إذا يجب علينا أن نكون منصفين في حق هذا الرجل ولما قدمه لنا نحن أبناء المحافظات الجنوبية، وأن نترك المزايدات، وهنا أهمس بكلمة للأخ الرئيس مفادها أن يحذر من ناكري الجميل ممن يتربعون على كراسي السلطة من بعض أبناء المحافظات الجنوبية، الذين يرون ما هو حاصل اليوم من احتقانات وتوترات في هذه المحافظات ويقفون موقف المتفرج البليد وكأنه لا يعنيهم في شيء، بل وقفوا صامتين ولا يحركون ساكناً ولا ترى لهم قلماً يتحرك ولا شفة تهتز، فأولئك يا سيادة الرئيس يجب عليك أن تحذرهم قبل غيرهم فهم يمسكون بالعصا من وسطها يميلون معها حيث مالت.. يميلون مع كل ريح، فهذه الاحتقانات والاعتصامات بقدر ما هي مسيئة للوطن بزعزعة أمنة واستقراره فهي يا سيادة الرئيس امتحان يظهر لك معادن الرجال ويبين لك الذهب من النحاس، فاحذرهم وخذ العبرة من أمثالهم ممن يدعون الزعامة وأنت تعرفهم حق المعرفة، أما أبناء المحافظات الجنوبية فهم يحبونك ويقدرونك ويكنون لك كل الاحترام والتقدير، لأنك نعم الرافد عندما رفعوها عالية «نعم لعلي» أما الذين تراهم اليوم يهتفون ويتطاولون فهم من فقد مصالحه وفقد السلطة والجاه، أما شعب هذه المحافظات فهو كان وسيكون دائماً وأبداً خلفك نعم الرافد ونعم النصير، ومن تراهم اليوم في المسيرة فهم من حكموا شعب الجنوب بالحديد والنار، وهم من أمم ممتلكات الشعب وهم من قتل وسفك الدماء، فهم اليوم متعطشون لدماء الأبرياء .

فلا تأبه بما ترى من شعارات باسم الجنوب فالجنوب بريء منهم ومن أفعالهم براءة الذئب من دم يوسف، فلك كل التقدير والامتنان.

وسنظل (أبناء اليمن كافة) نفخر بك وعلى وجه الخصوص أبناء المحافظات الجنوبية لما قدمته من إنجازات جبارة في جميع محافظات اليمن، وعلى وجه الخصوص محافظات الجنوب.

وأعظم هذه الإنجازات هو تحقيق الوحدة اليمنية ولما تقدمه لنا من تقدير واحترام ومكانة وبما رفعت به عنا الظلم الذي عشناه في عهد أولئك الدمويين الذين كمموا الأفواه وسفكوا الدماء.

ولتعلم أن التاريخ سيخلد ذكراك ويخلد إنجازاتك رغم أنف الحاقدين والحاسدين وستظل رمزا للعروبة والشهامة والكرامة للأبد.. شاء من شاء وأبى من أبى. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى