عندما لبى الجنوب نداء ردفان

> علي هيثم الغريب:

> ما أشبه الليلة بالبارحة.. قبل 44 عاماً لبى جبل فحمان في أبين وكل الجنوب نداء جبال ردفان .. ولكن الفرق شاسع بين نضال الأمس وحشد اليوم .. فالبشاعة تضاعفت اليوم لأن الخصم يكون أخاً ومن أبناء اليمن، والخسارة كانت جارحة جداً .. رصاص تحصد شباباً بعمر الزهور جاءوا يحتفلون بثورة صنعها آباؤهم .. وتخيلوا عشرين شاباً مضرجين بدمائهم في ساحة الاحتفال .. ولا أعتقد أن الحشد العظيم كان سيصل إلى ذلك المدى لولا تلك الحادثة والمجزرة البشعة .. فبعد المجزرة الرابعة في ردفان اقتنع الناس أن قتل أبناء الجنوب أصبح نهجاً وخياراً سياسياً مع الأسف. فحين يدافع أصحاب الأرض والثروة وكل الحقوق المسلوبة عما تبقى لهم وهي «أنفسهم» يصبح إطلاق الرصاص عليهم خياراً جنونياً يدفع الوطن كله إلى الخراب.

إن كل إنسان ذي تفكير موضوعي حين يشاهد تلك المذابح العديمة الجدوى التي يتعرض لها المعتصمون وفق المادة (19) من قانون تنظيم المظاهرات والمسيرات أو المحتفلون بأعيادهم الوطنية غير الحكومية يستخلص استنتاجاً واحداً وهو : أن القتل العشوائي هو سيد الموقف في الجنوب : (عدن 8/2 - 2007/9/1م، حضرموت 2007/9/10م، الضالع 2007/9/10، ردفان - لحج 13 أكتوبر 2007م) وللأسف يتضح بعد فوات الأوان أن تجنب الكثير منها كان ممكناً لو أعيرت الأمور التي تقلق الناس (إعادة الحقوق لأبناء المحافظات الجنوبية) الاهتمام في الوقت المناسب .ولعل الوقت قد حان لتكتفي السلطات بهذه المجازر البشعة وتعيد حقوق الناس وتقدم القتلة وشركاءهم إلى القضاء .. وإعطاء الأوامر بعدم إطلاق الرصاص على المواطنين العزل حتى لو كانوا جنوبيين .. ونعتقد أن الوقت قد حان للتخلي عن الممارسات البالية في التقليد الاتوماتيكي المتخلف باستخدام القوة والعنف والقتل ..فليس بالقتل تبنى الشعوب .. ولا تستقر الوحدة .. ويكفي أن تقيم الحكومة نتائج تلك المجازر التي يندى لها الجبين والتي جرت في أربع محافظات جنوبية.. وماهي الفوائد التي جنتها السلطة منها؟ إن تلك العنجهية بالتعامل مع أبناء الجنوب سواء أكانوا في السلطة أم خارجها وقتل الشباب والمسنين بدم بارد لا تحل مشكلة سياسية ولا اقتصادية، بل أنها زادت من تعقيد حل المشاكل الموجودة، وخلقت مشاكل جديدة، وأضعفت مصداقية معالجة ملفات القضية الجنوبية وأساءت إلى سمعة اليمن خارجياً حتى أمام الأنظمة الإفريقية .. وهكذا فبرغم نجاح السلطات في حصد العشرات من المواطنين العزل وبكل قساوة وعدائية - نتيجة التعبئة الخاطئة - فقد فشلت محاولاتها لفرض «قانون القتل» على أبناء الجنوب، وازداد عزم أصحاب الحق على الاستمرار في الاحتجاجات السلمية، نعم الاحتجاجات السلمية ووفق الدستور والقانون وشرع الله إلى أن تعود الأرض والثروة لأصحابها .

تحية لكم يا أبناء ردفان، تحية إجلال وإكبار، ردفان كما كانت عبر التاريخ واليوم تحتل مكاناً عالياً فوق منصة التاريخ. وقيم أبناء ردفان وأفعالهم تظهر اليوم مثلما ظهرت عبر التاريخ .. وفي سنوات المحن الكبيرة .. كالإيمان بعدالة القضية التي يحملونها داخل جوارحهم والثبات والمقدرة على عدم الانحناء أمام المصائب. ثم وهكذا فبعد 44 عاماً من الثورة تراق دماء أشرف وأنبل شباب هذه الأرض لتضاف وجبات جديدة إلى جيش المقهورين في الجنوب. إنه وسام آخر على صدوركم يا أبناء ردفان يسجل جزءاً مشرفاً من تاريخ نضالكم الجسور.. فإلى جنة الخلد أيها الشهداء الأبطال عبدالناصر حمادة، شفيق هيثم حسن، محمد نصر هيثم العمري وفهمي محمد حسين الجعفري.

ختاماً نقول لأولئك الذين يطلقون الرصاص على مواطنين عزل وهم في ساحات الاعتصامات أو الاحتفالات إن لوطننا علينا حقاً أن نحميه ونصونه وإن لنفوسنا كرامة يجب أن نعتز بها .. ومن يريد منكم هتافاً فليسمعه من بين جوانحه ومن اغتباط ضميره وليس من أصوات الرصاص وأنين الثكالى وبكاء الأمهات .. وأن تتقوا ما تدخره الأيام لكم .. فلا ينفع الندم بعد القضاء والقدر .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى