دوشكا يا وطن

> عبدالقوي الأشول:

> أرواح ودماء الناس ليست رخيصة، ورصاصات الدوشكا وأطقم الجند واستهتار القاتل بالضحية الأعزل لا تمثل حماية للوحدة، وردفان التي امتلأت ساحة احتفالاتها بعيد ثورة 14 أكتوبر المجيدة بحشد جماهيري ضخم لا تخطئه أعين العقلاء ولا تلغيه حماسة وخطب المتزلفين ممن تطل رؤوسهم في مثل هذه الظروف لتسويق أنفسهم ممن لا يتورعون عن الحديث نيابة عن المجتمع رغم أنهم في الأصل لا يمثلون إلا أنفسهم.

وإلى كل من يقللون من شدة الحراك السياسي نشير إلى احتفالية ردفان كنموذج لحجم مارد المحافظات الجنوبية الذي تنكرونه، وكما كانت أطقم القتل ورصاصات الدوشكا عاجزة عن إخراس الأصوات المعبرة عن رفض سياسية إلغاء كياننا الجغرافي والبشري في حضرموت والضالع وعدن وأبين وشبوة، تبدو اليوم فاضحة فيما تكشف من نتائج فعلها المشين بإزهاق أرواح أربعة من أبناء ردفان ظلماً وعدواناً ناهيك عن عدد الجرحى المرتفع.. وأين؟ تحت منصة الاحتفال بعيد الثورة الأكتوبرية وعيد الفطر، المنصة التي يفترض أنها منصة تكريم لردفان وللجنوب الذي شكلت استجابته وتلاحم خنادق كفاحه الأسطوري ملحمة انتصار للوطن وكرامته.

ظلماً وعدواناً قتلوا ثم يمنحون صفة الشهادة، رغم أن الأولى أن تصان أرواحهم ونفوسهم التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق.

إثر حادثة قتل الأربعة في ردفان وجرح ما يزيد عن 14 شخصاً أدهشني أحدهم حين قال: سنظل وبإصرار نمارس طرق التعبير السلمي إزاء ما نعاني من ظلم، فليمارسوا القتل كيفما يشاؤون، وليقتلوا من يريدون، فذلك لا يثني إرادتنا بمواصلة ممارسة حقوقنا على تراب وطننا، وحق العيش بكرامة على ربوعه، لسنا أقلية عليها أن تقبل الذوبان في محيط من يختزلون مطالبنا بهذا القدر من التسفيه والمغالطة. في حين تساءل أحدهم قائلاً: إذا كانت السلطة لا تخشى الحرج من حجم هذه التظاهرات والاعتصامات لماذا تسعى إلى قمعها ومنعها وممارسة تعتيم إعلامي على تلك الفعاليات؟ والسؤال: هل تنجح السلطة في ظل تقنيات العصر المتجاوزة لسياسات الإعلام الموجه والمسيطر عليه في عزل هذا الحراك السياسي وإخماد جذوته المتقدة أم أن الأمر إلى حين؟

إن أولوية الحفاظ على الوحدة ليست بالضرورة أن تقترن بالمكاسب غير الشرعية وغير القانونية التي حققها البعض تحت مسمى الوحدة، كما ليس بالأمر الحتمي أن تقترن معالجة الاختلالات البارزة بإزهاق أرواح الأبرياء سواء في ردفان أم صعدة أم حضرموت والضالع وعدن وأبين، ولعل تجارب كثيرة ماثلة في العديد من البلدان تشير إلى عدم إمكانية ثني الطرف الأعزل بقوة السلاح وبوطأة البطش، واليمن في مثل هذه الظروف بحاجة ماسة لمنطق العقل وحقن الدماء والنأي عن الشعور بزهو القوة التي لا تستقيم في أجوائها المحتقنة مبادئ العدل والمساواة، ولا تمثل صمام أمان للوحدة إلا إذا سلمنا بكونها نتاج حرب صيف 1994م متجاوزة حقوق الطرف الآخر حتى الثمالة آملين ألا توغل رحى حصد الأرواح أكثر مما يجب، وألا تفرط شهية الدماء نحو المزيد، وألا نجد أنفسنا في محافظات الجنوب بين نار الأطقم وجحيم الفتاوى والخطب التي يرى أصحابها في وجودنا عائقاً أمام اشتهاءات الابتلاع لحقوقنا بل وحتى وجودنا العارض من وجهة نظرهم المريبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى