من وحي لقاء عيدي:اليمن ملكنا كلنا والوحدة حقنا جميعاً

> علي صالح محمد:

> في ليالي رمضان البهية تجد الروح ملاذها الآمن وزادها الوفير في مشاعر السكينة والهدوء والتقرب إلى الخالق بالمزيد من الذكر والعبادة وأعمال الخير لتكتسب النفس صفاء روحانياً وتطهراً مميزاً يضاف إلى الطهارة الجسدية التي تؤمنها الحكمة الربانية من الصيام في هذا الشهر الكريم من كل عام.

وبعد هذه الأجواء يهل عيد الفطر المبارك ليجد الناس الفرصة لممارسة طقوسهم الجميلة وتعزيز صلة الرحم بذوي القربى ، و عادة تبادل التهاني والتمنيات لبعضهم وفي مثل هذه المناسبات وخلال أيام العيد يجدون الفرصة المؤاتية للقاء بعضهم البعض، بعد أن فرقتهم الأيام لفترات من الزمن تطول أو تقصر, لتجمعهم الأيام مجدداً مع أوراق القات المزدهرة وأحاديث الساعة ذات الاهتمام .

وفي واحدة من هذه الأيام اتفق أن التقى أكثر من 85 شخصاً من الرفاق والأصدقاء والزملاء من الشخصيات السياسية وبالذات من رعيل المناضلين الذين كان لهم دور بارز في تحرير الجنوب من الاحتلال الإنجليزي ، وعدد من الشخصيات الاجتماعية والقياديين البارزين والمثقفين ومن العسكريين المتقاعدين والموقوفين والصحفيين من الأحزاب ومدراء عموم مديريات وأعضاء مجالس محلية في منزل الأخ سالم صالح محمد مستشار رئيس الجمهورية في يوم الخميس الموافق 2007/10/18.

والمؤكد أن مثل هذا التداعي لمثل هذه اللقاءات يحمل دلالات وأبعاداً مهمة ليس من الزاوية الإنسانية بين بشر فرقتهم الأيام ومشاغل الدنيا ، مع أنه ينبغي أن يلتقوا بين الحين والآخر ، لكن من زاوية التداعي المرتبط بالإحساس الوطني الحريص الذي يجمع مثل هؤلاء الناس كصناع حقيقيين للأحداث في اللحظات الصعبة حين يتعرضون للخطر أو يستشعرون بقدومه ، ليعبروا عن رؤاهم ومشاعرهم المتميزة بكل وضوح ، كرجال متميزين خبرتهم الأحداث وامتحنتهم معارك النضال بحلوها ومرها ، ولم يعد لديهم في مثل هذه اللحظات سوى تقديم النصح والمشورة والرأي السديد، بعد أن أصبح أغلبهم في موقع الإهمال والنسيان، مع أنهم من قوى الثورة الحقيقيين ولهذا فلا غرابة أن يتميز خطابهم بنبرة الحنق الممزوجة بالحسرة والأسف إزاء ما آل إليه مصير نضالهم الطويل، وبالرغم من الأنين الصامت الكامن بين ضلوعهم ،لكنك تقرأ في نبراتهم وآرائهم تلك العزيمة والإصرار على تجاوز المحن ومواجهة الأخطاء المدمرة، وهنا فإن أي كاتب سيجد فيما طرح من أفكار وآراء أو ملاحظات مادة قيمة لا يجوز إبقاؤها في جدران الذاكرة بل لا بد من نشرها وإن بإيجاز، لتأخذ مداها في العلن ،وجعلها في متناول الكل بلا رتوش أو تحفظ وبشفافية عالية لتصل إلى أسماع الجميع وكما طُرحت في اللقاء المذكور :

- هناك إهمال كبير للمناضلين وحقوقهم مفقودة وأصبحوا يعيشون شبه متسولين طحنهم الإهمال والغلاء .

- الأراضي المصروفة تتعرض للنهب، والتسويف في تنفيذ التوجيهات أو أحكام القضاء ،كما هو الحال مع من صرفت لهم من ضباط الشرطة أو الاستثمار ولم يحن الحديث بعد عما تم صرفه من أراض تأتي في حساب الأجيال القادمة .

- هناك ممارسات فردية ومؤسسية خاطئة تسيء للوحدة منذ عام 1994 بما فيها الحرب ، والناس مع الوحدة ومن يقف ضدها ويعرضها للخطر هم من يمارسون الأخطاء باسمها ، والوضع القائم لا يعكس الوحدة الحقيقية بل يعكس نتائج حرب 1994 ، لا يوجد فينا من يريد تمزيق الوطن لأننا من أقام الوحدة وسعى من أجلها بقناعة راسخة في وجداننا، والخوف يجب أن يكون ممن يسيئون إليها بممارساتهم اليومية وإساءاتهم المستمرة للناس، كما حصل مؤخراً من اعتقال و قمع وقتل للمعتصمين العزل في عدن والضالع والمكلا وردفان وما حصل من اعتقال لحسن باعوم وناصر النوبة وأحمد القمع وآخرين تم الإفراج عنهم ، وأيضاً عملية خطف أحمد بن فريد الذي رمي لتأكله الذئاب والكلاب، فهل حوكم من يمارس هذه الأفعال وفي حال عدم المحاسبة الصادقة فإنهم يسيئون للوحدة التي يدعونها.

- لولا المؤسسة العسكرية (الجيش والشرطة وأمن الدولة) في الجنوب وموقفها الداعم لما تمت الوحدة، ومنذ 1994 وحتى اليوم يعاقب رجال القوات المسلحة والأمن، ولعل أكبر خطأ ارتكب من قبل النظام هو الخطأ نفسه الذي ارتكب في العراق حين حلت القوات المسلحة والمؤسسات الأمنية.

- مطالبنا سلمية حتى اليوم وستظل ومع الوحدة وبالمقابل يجب أن تعاد إلى الوحدة روحها الحقيقية من خلال إنهاء نتائج حرب نتائج 1994 عبر الحوار الحقيقي حتى يستعاد التوازن الحقيقي للوحدة.

- الحركة الشعبية الرافضة لمساوئ النظام والبعيدة عن مسار ونشاط الأحزاب هي التي ستفرض عملية التوازن وهي حركة إيجابية لصالح الجميع في إطار النظر إلى مفهومها ومعانيها البعيدة عن الحزبية والعقائدية ومن الأفضل التعاطي معها بإيجابية بدلاً من رفضها، والتعامل معها بسلبية أمر يؤدي إلى انتصار من يسعون إلى انتصار الخطاب الهادف إلى تقسيم الوطن باتجاه تنفيذ المخطط الصهيوني في المنطقة على اسس دينية وطائفية وعرقية .

- التشطير زرع في النفوس إثر حرب 1994 لنصبح شعبين في وطن ولربما نصبح شعوبا في وطن ، وقبل ذلك كانت المشاعر وحدوية حيث كنا شعباً في نظامين.

- أوامر وتوجيهات الرئيس لا تنفذ من قبل الأجهزة وهذا يسيء إليه ولدينا ما يؤكد ذلك .

- الأحكام القضائية لا تنفذ وما ينفذ سوى ما يريده المتنفذون فقط .

- مبادرة الرئيس نرحب بها ونرحب ببقائه في السلطة والمشكلة هنا هي في نظام الحكم فهل يقبل الرئيس بنظام الحكم الرئاسي بكامله أم أن المبادرة والتعديلات الرئاسية هي فقط لقطع الطريق على أحزاب المشترك للوصول إلى الحكومة ؟

- نحن مع الرئيس ليستمر بالحكم إلى ما لا نهاية ولكن على أساس أن يكون هناك نظام حكم فيدرالي يقسم اليمن إلى أربعة أقاليم لكل إقليم حكومة منتخبة و بحر وجبل وصحراء وموارد سيادية .

- الثوابت تغيرت والمتغيرات أصبحت هي الثوابت، بدليل فرض الجبايات ومصادرة أراضي الغير دون وجه حق وتغيير عقود الملكية وعقود التأجير من 99 عاما إلى 33 عاما وللقادمين بأوامر من خارج المحافظة يصرف لهم عقود ملكية شبه مجانية، ولكي نحترم الثوابت على الحاكم أن يحترمها أولاً ومن ذلك القوانين والقرارات القائمة التي صدرت .

- هناك حلول لمشاكل بعض المتقاعدين في القوات المسلحة ووزارة الداخلية ولكن هناك إجحاف مستمر من قبل قيادة الأمن السياسي التي ترفض تنفيذ أي أمر ليواصل عقاب المنتمين لجهاز أمن الدولة باستمرار منذ الحرب وحتى اليوم ولم ينصف أحد .

- قضية المقعدين قسرا والموقوفين منذ حرب 1994 حتى اليوم هي قضية سياسية بامتياز ولا يجوز النظر إليها باعتبارها قضية حقوقية بسبب الوصول حد الأجلين والإحصائيات المنشورة مؤخرا لا تلامس الحقيقة والمنطق السياسي والقانوني ، وإذا كان ولا بد من اعتماد ذلك فعلى المسؤولين أن ينشروا أيضاً إحصائية بعدد من بقي في المؤسسات العسكرية والأمنية ممن كانوا يحتلون مناصب قيادية منذ 1994 من كافة المحافظات ، وأن ينشروا عدد المنتسبين إلى الكليات والمعاهد العسكرية أيضا ،وأسماء وانتماء الذين يحتلون المناصب القيادية في كل المحافظات ، وأن ينشروا كشفاً بأسماء قيادات الوحدات العسكرية والأمنية بدءاً من قيادات المناطق إلى المحاور إلى الألوية إلى الكتائب ، إلى مدراء العموم والمحافظات في وزارة الداخلية والأمن السياسي ووزارة الداخلية ولا ننسى هنا الحرس الجمهوري والأمن المركزي والشرطة العسكرية والأمن القومي .

-منزل الشهيد ثابت عبد- وهو قائد عسكري يمني اشترك في الدفاع عن النظام الجمهوري في الشمال والجنوب - لم يزل محتلاً من قبل أحد ضباط الحرس الجمهوري وكذا منزل الطيار علي محمد النقيب وعبدالهادي ديان ود. ناصر اليزيدي و آخرين .

-المطلوب المصداقية والجدية في حل المشاكل السياسية وبدون إجراء مصالحة وطنية شاملة ستظل الأمور عالقة.

-الجنوب أصبح متنوعاً ولم يعد للاشتراكي هيمنة عليه ، والخوف أصبح على الوطن الكبير من ممارسات من بيدهم القرار وليس ممن يقع عليهم الإثم، وبدون الاعتراف بالمشكلة لا يمكن الوصول إلى الحل ومشكلة النظام أنه لا يريد أن يعترف بالواقع ومتغيراته ، والتعامل مع الجزئيات يقتل التعامل مع المضمون ، المشكلة هي عودة الروح إلى 22من مايو وعودة روحها لن تتم إلا من خلال العودة إلى اتفاقيات الوحدة واتفاقيات الشراكة ، وإنهاء آثار حرب 1994, حتى تستمر الوحدة التي نكون جزءاً منها كشركاء وليس كرعية مهمشين ومهانين وغرباء فوق أرضهم وفي ديارهم .

-الحوار يجب أن يرتقي إلى أشكال أرقى يأخذ بالاعتبار ما يعتمل في الواقع وليس ما يدور في الغرف بين الأحزاب، والمطلوب الآن هو الاعتراف بأن هناك قضية جنوبية وعلى السلطة أن تعترف بهذه المشكلة وتحاور أصحابها مباشرة بلا مكابرة أو هروب إن أرادت التعامل بعقلانية ومنطق مع ما يجري، ولو بحد أدنى مثل ما يجري مع من يختطفون أو يتقطعون الطرق مع أنهم هم في نظرنا جميعاً خارجون عن القانون ، ولأن قضيتنا أعم وأشمل وأكثر عدالة فعلى النظام أن يكف عن التعميم بتجاهلها أو التقليل من أهميتها أو بقمعها .

- قبلنا الوحدة ضد التشطير ومآسي التشطير إن شمالا أم جنوبا على أساس أن تقوم دولة النظام والقانون القائمة على المؤسسات الكفيلة ببناء النظام وتحقيق العدل بين الناس ، لهذا فإن المطلوب هو إعادة وحدة النفوس قبل وحدة الأرض ، أحد المستثمرين يقول جئنا لنستثمر في أرضنا فإذا بالمتنفذين يستثمرونا .

- يوجد تسييس وخوف وتعبئة مضادة لما يجري في الجنوب الأمر الذي يخلق فجوة في المعالجة مثلا التعامل مع الحراك الشعبي الذي يواجه بعسكرة واضحة ومفرطة بينما الحراك القبلي يواجه بالوساطة والحلول .

- ما حصل في المناطق الجنوبية وفي ردفان مؤخراً يعتبر تصعيداً غير مبرر مع أن الحركة ذات طابع سلمي وهو ما أكده نجاح المهرجان رغم الحشود الكبيرة واستفزاز السلطة ومحاولة إعاقة قيامه ،الأمر الذي يؤكد أن النظام عاجز عن ما يطرحه ليس تجاه الحراك في الجنوب ، بل تجاه الاستحقاقات اليومية من قبل النظام تجاه الناس في عموم اليمن لأن النظام يعاني في داخله من معضلة كبيرة أهمها سوء الإدارة والفساد والانغلاق على البعض بعيداً عن الاستفادة القصوى من الإمكانيات البشرية المجمدة والمقصية بقرار سياسي ، لهذا فإن الحراك الجنوبي هو ردة فعل إيجابية تجاه المظالم تأخذ طابعاً سلمياً بعيداً عن حركة الأحزاب ورسالة ينبغي بلسلطة أن تعالجها بشكل صحيح ولا بد من تصحيح الخطاب السياسي والإعلامي الذي يتفاني في تأجيج الاحتقان من خلا ل التجاهل و الاستخفاف والتخوين و التقليل من شأن ما يجري .

- يجب القبول ببعضنا البعض ولا يجوز الاستمرار في إرهاب الناس لأن الناس لديها القدرة على حق الدفاع عن النفس وفقاً للشرائع السماوية وحق الوجود على هذه الأرض في إطار مقاومة الظلم والباطل والناس مستعدة للموت من أجل مصيرها الخالي من مصادرة الحقـوق كمـا جرى منذ 1994 بما في ذلك ما جرى مؤخراً من مصادرة حق الوجود والحياة.

- على النظام أن يطلق المعتقلين السياسيين وبالتحديد حسن باعوم وناصر النوبة وأحمد القمع ، وان يتم إحالة من ارتكبوا جرائم القتل ضد المعتصمين في كل المدن الجنوبية إلى المحاكمة الفورية كما جرى مع قتلة الشيخ حمود الشرعبي.

- الدعوة إلى مؤتمر وطني لجميع الأحزاب والشخصيات لإنهاء ملف الصراعات وتأسيس مجلس وطني يعنى بوضع الأسس اللازمة لبناء الدولة الحديثة ونظام الحكم الملائم لتجنب المأساة المتوقعة بما في ذلك إعادة النظر في النظام الانتخابي الذي يحيد المؤسسة العسكرية ويكون لها تمثيلها وتمثيل كل الفئات الاجتماعية وفقا للقائمة النسبية.

بهذا المستوى من الوعي المسئول وبهذه الروح العالية من المسؤولية تجاه الوطن تحدث الجميع فكانت هذه خلاصة ما قالوه مع أن ذلك غيض من فيض ، على أمل أن تجد صداها لدى كل المعنيين من أصحاب القرار تجاه ما يطرح وإيجاد الحلول لمثل هذه المسائل المصيرية .

عدن الخميس 18 اكتوبر 2007

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى