ردفان تجدد الثمن للحرية

> علي محمد ثابت:

> لعمري و ما ضاقت بلاد بأهلها **ولكن أخلاق الرجال تضيق ..توافدت جماهير مديرية ردفان إلى عاصمتها الحبيلين لاستقبال ضيوفها من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني ووفود شعبية وناشطين في مجال الحريات وحقوق الإنسان، من محافظات الجنوب وما جاورها من محافظات الشمال، كجماهير شعبية تضم ثواراً ومناضلين ومن ارتبطت حياتهم بثورة 14 أكتوبر، لإقامة مهرجان شعبي احتفالي بالذكرى الرابعة والأربعين للثورة.. ولتحيي شهداءها ومناضليها وللتحدث عن مسيرة الثورة وما تحقق لجماهيرها من الطموحات والآمال العريضة من أجل إنسانية الإنسان وعيشه على وطنه بحرية وكرامة وعدل ومساواة ومشاركة فاعلة وإدارة شؤون وطنه، كأهداف سالت من أجلها دماء كثيرة، ومعاناة لسنوات طوال حتى تحقق الاستقلال عن الاستعمار البريطاني، وقيام الكيان الوطني في الجنوب، وما تلاها من مراحل وصولاً إلى واقع الحال اليوم بعد 44 عاماً من قيام الثورة وثلاثة عشر عاماً من حرب صيف 1994م وما هي صنوف المعاناة التي خلفتها الحرب وآثارها السلبية الممتدة في حياة أبناء ثورة 14 أكتوبر في الجنوب.

وما أروع ما قيل في المهرجان من كلمات تكرس الوفاء للثورة كأهداف وغايات وطنية وإنسانية والالتزام بالشرعية الديمقراطية والممارسة السياسية السلمية، والتأكيد على النضال بوسائل العصر وبصدور عارية ومن خلال الحراك السياسي الشعبي المدني المتحضر، وبطرح القضايا كاستحقاقات واقع معيش تؤكده الأوضاع التي وجد أبناء الجنوب أنفسهم فيها بفعل نهج الإقصاء والتهميش والحرمان من الحقوق والفرص في الحياة، وهو ما يضع واقع المواطنة المتساوية مغيباً في ظل تحول المنجزات إلى مكاسب خاصة، في حين أن المعاناة الجنوبية شملت حتى حقوق الشهداء والمناضلين.

وفي إطار هذه الاحتفالية الشعبية، التي تربط الثورة كحقيقة وتضحية بإنجازاتها الملموسة لأبنائها في مثل الوحدة والديمقراطية، وفي الذكرى الرابعة والأربعين يفرض على ردفان الثورة أن تدفع ضريبة جديدة لحريتها في الاحتفال مع جماهير الثورة .. أربعة شهداء وأربعة عشر جريحاً بيد قوات الأمن المركزي ورصاصهم الموجه إلى صدور عارية، في ظروف تكرس نهج الحرب وعسكرة الحياة السياسية المدنية، تعتمد القتل.. السجن.. والملاحقة في مواجهة المجتمع المدني، الذي يمثل عنصراً أساسياً في الحياة السياسية الديمقراطية، ويمتلك كل الحق في التعبير والمشاركة في ممارسة دوره الحضاري في التعامل مع ما يفترض أنه مؤسسات سلطة منتخبة على كل مستوياتها، للضغط السياسي المتحضر لمواجهة الاستحقاقات التي فرضتها السياسيات الخاطئة والفساد حتى أفسدت حياته وأوجدت اختلالات تجعل من الوقوف أمامها استحقاقاً لا يقبل إلا المواجهة المسؤولة من قبل كل مكونات النظام السياسي ومؤسساته التشريعية والقضائية والتنفيذية، ومن جانب المعارضة كوجه آخر للنظام التعددي المفترض عملياً أنه موجود، بدلاً من القمع لحركة الشعب الغاضبة والموقف السالب للمعارضة.

إن ذلك يجعل السلطة، وهي تواجه الحراك الشعبي بالقمع، على المحك في مواجهة ليس مع طرف سياسي بل مع المجتمع المدني، وهو ما يجعلها تواجه نقطة الصفر السياسي معها .. كما أنها تجعل المشروع الوطني الوحدوي الديمقراطي الذي انطلق في 22 مايو يتجرد من أي مضمون باستخدام العنف ضد الحراك السلمي في الجنوب.. وتجعل المعارضة تفقد مصداقيتها السياسية بافتقارها إلى الصلة الحقيقية بقضايا الوطن، وأبرزها قضية الجنوب، في هذه الفترة التي تكتسب طابعاً شعبياً.

إن الوطن يواجه المخاطر الحقيقية من السياسات الداخلية الخاطئة التي يصعب تعليقها على شماعات الخارج والتخوين والتآمر المفلسة.

والله والوطن من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى