أيتها المعارضة.. أين المفر؟! ..برنامج الرئيس أمامكم ورواسب الماضي خلفكم

> د.عبيد البري:

> النظام السياسي والمعارضة في اليمن شكل غريب ليس له مثيل في العالم، فالمعارضة هي معارضة بتسمية السلطة التي تعمدت أن تضعها في إطار جميل أسمته (التعددية السياسية) بحيث تتعدد الأحزاب والبرامج والأفكار والسياسات المتناقضة، وبالتالي تصبح أحزاباً مشتتة هزيلة، ووضعت لهذه التعددية مظلة جميلة أسمتها (الديمقراطية).

وبالمقابل تجد هذه المعارضة نفسها أمام حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يستمد قوته من قوة السلطة وخطابه خطاب السلطة، ومعروف عنه أنه لا يقدم رؤى سياسية ومبادرات تجعله جديراً بتحمل المسئولية الوطنية كحزب، ولكنه رهين ما يأتي من الرئيس من برامج وتوجهات يعمل بها ويناور من خلالها ويدافع عنها.. أي أنه حزب السلطة وتابع لها.

وبالرغم من أن تلك الأحزاب على الساحة تسمى أحزاباً معارضة إلا أنه لا يوجد بينها أي عامل مشترك، مهما حاولت أن توحد نفسها في (لقاء مشترك) أو (تكتل) أو غيره من تبادل الأدوار.. وفوق ذلك بدت لعبة القط والفأر واضحة عندما التقت، أحدها له رجل في المعارضة وأخرى في السلطة، كانت السلطة قد اعتبرته شريكاً أساسياً في مرحلة حاسمة، ثم أعلنته فيما بعد حزباً معارضاَ (ربما لغرض قد لا يكون له علاقة بنتائج الانتخابات) مع حزب آخر له برنامج سياسي مختلف تماماً، ومنقسم على نفسه، ليشكلا مع أحزاب أخرى صغيرة شكلاً موحداً للمعارضة!

أمام الوضع المتردي الذي وصلت إليه البلد فقد أصبحت هذه الأهداف في ظل ما يسمى (الديمقراطية والتعددية) عبئاً على الشعب الذي توقفت عجلة تطوره عند رفع الشعارات البراقة التي تدعو إلى التنمية والبناء من خلال خصخصة وطمس كل ما له علاقة (بالتشطير) بوجود هذه الأحزاب المتخبطة الخاضعة التي تفتقر إلى تبني القضايا الأساسية التي يعانيها المواطن.

وللإنصاف، فإن الحديث يدور هنا عن القيادات الحزبية الموجودة وليس الأحزاب السياسية بتاريخها، حيث لم تعد هذه القيادات خلال فترة ما بعد الوحدة قادرة على استيعاب المتطلبات المرحلية للأوضاع المستجدة، ناهيك عن النظرة للمستقبل، وهذا ينطبق على كل الأحزاب بما فيها حزب السلطة.

لقد أدى الفهم الخاطئ للتعددية الحزبية والديمقراطية بسبب التعبئة الخاطئة ونتيجة للأوضاع المتخلفة الموروثة التي لا يزال يعيشها الشعب اليمني في ظل هذه الديمقراطية المتاحة عند الانتخابات النيابية التي يتبع فيها الناخب حزبه لانتخاب (مرشحه!) بهدف الحصول على أكبر كتلة برلمانية لهذا الحزب أو ذاك دون مراعاة النوعية، إلى وصول أعضاء إلى مجلس النواب أثبتت التجربة السياسية عدم قدرتهم على فهم قضايا التشريع باعتراف القيادة السياسية صراحة!

وهذا واضح من التركيبة القائمة في مجلس النواب الحالي الذي انتخبه الشعب دون أن يسأل عن المؤهلات العلمية أو الخبرة السياسية التي غالباً ما يصرف عنها الناخب النظر عندما يعلم بأن المرشح المعني هو شيخ قبيلة أو تاجر أو صاحب نفوذ!

ونتيجة لعدم قدرة المعارضة على الوصول بالحوار البناء إلى السلطة حول القضايا المصيرية للشعب وبعد مرور سنين من المعاناة لهذا الشعب الغيور على حقوقه وكرامته، فقد سئم الرئيس والشعب معاً من سياساتهم الهزيلة، فظهرت إلى الوجود مؤسسات المجتمع المدني التي أولاها الرئيس اهتمامه برغم الغياب (المتعمد) للنقابات المعروف عنها تاريخياً على المستوى العالمي قدرتها على التعبير عن معاناة العمال والموظفين.

لقد خرجت الجماهير إلى الشارع لتعبر عن نفسها بنفسها ومعها مؤسسات المجتمع المدني بشكل اعتصامات وفعاليات سلمية حاملة يافطات المظلومين والمهمشين والفقراء المحرومين من حقهم وهو حولهم! إنه تعبير عن إرادة شعب في التغيير، فشلت المعارضة في تقديرها وفهمها!

لقد فاتت على المعارضة الهزيلة كل الفرص والاتفاقات التي تاهت فيها خلال السنوات الماضية عندما قرر الرئيس السير إلى الأمام ببرنامجه في التعديلات الدستورية رقم ...؟ وشكل السلطة التي تخول الرئيس الصلاحيات الأوسع، في حين تبقى المعارضة في زاويتها الأضيق إلى ما شاء الله.. فأين المفر؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى