كــركــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

> مع بداية إجازة العيد السعيد ازدحمت مدينة عدن بالناس.. الفنادق والمطاعم والسواحل.. الناس كثيرون في كل مكان.. والحركة سريعة.. والسيارات تنطلق أسرع في الشوارع والطرقات العامة.. والناس ينظرون إلى بعض.. ولكن في نظراتهم نوع من الفتور.. فالناس في حيرة من أمرهم.. وكأنهم ضاعوا في وسط البلد.. والمكان الوحيد الذي يجمعهم هو سوق القات فقط.. فالدكاكين مغلقة.. والنفوس كذلك ضيقة ومغلقة ومقهورة من القات الذي باعوه في العيد بأغلى الأسعار.. من كان يتصور أن القات يمكن أن يقهر الإنسان ويشفط كل الفلوس من جيوبه؟.. هذه الورقة الخضراء أصبحت تتحكم في مزاج الناس وتستولي على فلوسهم أكثر من أي شيء آخر.. إنها الملاذ الأول والأخير الذي يلجأ إليه الناس من أجل أن يكون لهم (كيف) وكلام وضياع وقت.. وهروب من الحياة والزمن.

> والملاذ الآخر للناس في العيد هو البحر.. وخاصة العائلات من النساء والأطفال.. فهم يعشقون البحر ويجدون فيه الراحة والسعادة والصفاء والطمأنينة.. ولذلك يقضون معظم أوقاتهم وهم جالسون فوق الرمال الناعمة وأمواج البحر تزحف نحوهم وتتكسر عند أقدامهم.. وهم فرحون يضحكون ويلعبون و(يطفشون) بعضهم بعضاً بماء البحر الصافي الأزرق.. وفي الليل ينامون في الشواطئ الفسيحة.. وهبات النسيم تداعب خيالهم وشعورهم.. ويغمر الأمن والأمان نفوسهم بالبهجة والسرور.

> هذه هي عدن حضارة ومدنية عمرها أكثر من ثلاثة آلاف عام.. وهذه هو بحر عدن الذي يجيء إليه الناس رجالاً ونساء وأطفالاً من كل نواحي البلاد.. البحر الذي يهز عواطفهم ووجدانهم وهم يعانقون أمواجه التي تلامس أجسامهم.. وتبعث فيها النشوة والانتعاش.. وهذه هي عدن التي تحتضن كل الناس حباً فيهم وإشفاقاً عليهم وطمعاً في أن يحبوها كما أحبتهم.. وأن يشفقوا عليها كما تحنو عليهم.. وأن يضعوها فوق الرأس والعين.. كفاية أنهم أكلوها لحماً ورموها عظماً.

> وعدن هي التي ارتبطت وارتبط بها الناس من أكثر من ناحية.. فقد كانوا ينتقلون إليها من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة حتى يصلوا إليها.. فتضمهم عدن إلى صدرها الحنون.. ولم تكن لهم بلدة عزيزة عليهم مثلها.. وكل يوم ترى وجوه أبنائها ووجوهاً جديدة.. وكلهم عندها سواء.. كلهم كانوا أبناءها..لا فرق بين واحد وآخر.. وكانت كالفنار الذي يضيء في الليل ليهتدي إليها الهائمون في مسالك الحياة.. وكالمرآة التي تعكس ضوء الشمس في النهار لكي تنير الطريق للراغبين في حياة أفضل ومستقبل أجمل.. فقد اختارت أن تعيش من أجلهم بالعقل.. بالرغم أنهم اختاروا لها أن تموت بدون عقل.

> هذه هي عدن التي سوف تستقبل (خليجي عدن) في عام 1910م.. بالرغم من مناكفة ومعارضة الذين أحبتهم ولم يحبوها.. والذين يحاولون أن يضعوا العراقيل والعقبات أمامها.. وكأنهم لا يعرفون أو أنهم لا يريدون أن يعرفوا أن الذي اختار عدن لتكون مقر (خليجي عدن) هو فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية.. هو الذي اختار عدن.. وهو الذي أعلن بصراحة أن الدورة القادمة لكأس الخليج في عام 1910م سوف تقام في عدن.

> فهل هناك اعتراض على إرادة ورغبة الرئيس حول (خليجي عدن)؟!!..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى