ردفان الأبية

> د.هشام محسن السقاف:

> لا يمكن التبرير للعنف المفرط الذي حدث في احتفالات 13 أكتوبر في ردفان، وراح ضحيته شباب بعمر الزهور وإصابات متعددة، إلا بأن الفعل نتاج عقلية جاهلة تشبعت بالتعبئة الخاطئة ضداً على قطاعات عزيزة من شعبنا، وعلى قيم الديمقراطية والقانون التي جاءت كثمرة جهد ومعاناة عاشها الشعب في الشطرين قبل الوحدة محروماً منها، مما استوجب أن تكون الديمقراطية صنو الديمقراطية وصمام أمانها.

وخيراً فعل فخامة الأخ الرئيس باعتبار قتلى المنصة في ردفان الثورة شهداء، وتوجيهه النيابة العامة في لحج بالتحقيق في ملابسات الحادث ليتم تقديم الجناة للقضاء العادل ونيل جزائهم، وكذلك هو الأمر في الحوادث الأخرى التي سقط فيها ضحايا في عدن والضالع وحضرموت، فما دامت الديمقراطية هي سقف تحركات هؤلاء المواطنين واحترامهم للقوانين السائدة فإنه من الخطأ مواجهتها - وهي السلمية - بكل هذا العنف والرصاص القاتل، حيث يستغرب المرء أن يذهب الحقد إلى توجيه عيارات ثقيلة من الرصاص وفي أماكن قاتلة في الأجساد! لماذا لا توجه إلى المظاهرات إن حدثت خراطيم المياه المضغوطة والتعامل معها بالهراوات؟ سؤال يجب أن يوجه للدوائر المعنية بهذه الأجهزة، حتى لا يغرس في عقل الجندي أو رجل الأمن أن هؤلاء المحتشدين انفصاليون كفرة يجوز قتلهم، ولأننا بمثل هذا التصرف نكون قد زرعنا الفرقة والانقسام في نفوس أبناء شعبنا، فالمعتصمون جزء عزيز من هذا الشعب، وكذلك هي المؤسسة العسكرية والأمنية التي لا يبخل أفرادها بدمائهم للدفاع عن سيادة الوطن من الأعداء، وما يحدث ليس عدواناً على الوطن من عدو غاشم، بل هو احتشاد مشروع داخل إطار البيت اليمني للتعبير عن مطالب معينة، ورفض لسياسات معينة.

وكما سمعنا فإن المنظمين للاحتفال في ردفان لم يسمحوا لبعض الأصوات النشاز أن تسيء للوطن والوحدة والثورة، ومن ثم لذلك المشهد الجماهيري الذي يمجد تاريخ هذه الثورة التي انطلقت من جبال ردفان الشماء قبل أربعين ونيف من السنين، ودخلت التاريخ باعتبارها من أعظم الثورات في القرن العشرين، بتخطيطها ومشاركة الجماهير فيها واتساع مداها من الريف إلى المدينة والعكس، حيث سطرت ملاحم قلّ أن تكرر في حرب العصابات وحروب المدن، وبالذات في مدينة عدن، ولا تضاهيها إلا الثورة الجزائرية والفيتنامية، وشارك فيها إلى جانب الرجال النساء والطلبة والشيوخ.

سلاماً لشهداء ردفان وعدن والضالع وحضرموت وكل اليمن، ومجداً لردفان الأبية الباسلة التي قال فيها الشاعر الكبير عبدالله هادي سبيت:

هنا ردفان في قلب كل ثائر

ومن لب القبائل والعشائر

هنا ردفان في قلب العساكر

وقد هجمت على قصر البشاير

هنا صناه حداً وجددناه عهداً وحققناه وعداً

فعشنا عيش أحرار الضمائر

هنا ردفان هنا ردفان

هنا ردفان من عقلي ولبي

هنا ردفان من روحي وقلبي

هنا كوخي هنا أهلي وصحبي

هنا وطني الكبير وكل حبي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى