كركوك بين تقسيم وكراهية وقنابل .. هل تحدث مأساة عراقية جديدة؟

> كركوك «الأيام» آن بياتريس كلاسمان :

> خلت الكثير من منازل بغداد من سكانها الذين لاذوا بالفرار بعد أن سئموا من التفجيرات والقنابل أما في مدينة كركوك الواقعة شمال العراق يحدث العكس في الوقت الحالي,وتتم عمليات البناء على قدم وساق في هذه المدينة الساحلية الشمالية ولا يكاد عمال البناء ينتهون من العمل في مبنى حتى يربطون الاحزمة ويتسلقون مبنى آخر.

وتنتقل عائلة كبيرة جديدة إلى المبنى حتى قبل أن يتم الانتهاء من وضع زجاج النوافذ.

وعلى الرغم من هذه الاجواء المتفائلة لا يمكن القول أن هذه الحالة عامة في كركوك فالعائلات التي انتقلت إلى هذه المنازل الجديدة هي عائلات كردية وصلت إلى المدينة وسط شكوك وعدم ثقة وربما أيضا كراهية بادية للعيان من قبل جيرانهم من العرب والتركمان في الاحياء المجاورة.

وقليلا ما يرى المرء الجنود الامريكيين في شوارع كركوك مقارنة ببغداد حيث أنهم غالبا ما يقضون أوقاتهم خلف الحوائط الخرسانية لوحداتهم العسكرية المرتفعة للغاية والتي تجعل من الصعب على المسلحين الذين يهاجمون هذه الوحدات بين الحين والاخر بقذائف الهاون ، الوصول إلى أهدف داخل الوحدة.

أما في شوارع كركوك التي ينتشر بها التراب فيضطر سائق السيارة للسير بشكل متزلج بسبب الحواجز الموجودة على الطريق والتي تستخدم فيها براميل نفط قديمة وأكياس رمال وحديد خردة.

ولا يكاد يمر يوم دون أن يفجر المسلحون قنبلة أو يطلقوا النار على دورية للشرطة.

وربما يتم في هذه الايام الخريفية الدافئة تمهيد الطريق أمام مأساة جديدة في هذه المدينة ذات الكثافة السكانية المرتفعة فالساسة الاكراد في منطقة الحكم الذاتي شمال العراق يعتزمون إجراء استفتاء في كركوك ومحيطها قبل نهاية العام حول إنضمام المدينة ذات الثروة النفطية الكبيرة والقرى المحيطة بها لمنطقة الحكم الذاتي.

ولكي تأتي نتائج الاستفتاء على هوى زعماء الاكراد ، قاموا بتسهيل عمليات عودة العائلات الكردية إلى كركوك بعد أن طردوا منها خلال نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين كما يحاولون في الوقت ذاته دفع العائلات العربية التي جاءت إلى كركوك في ثمانينات القرن الماضي بتحفيز من الرئيس الراحل صدام حسين ، على مغادرة المدينة سواء بإستخدام المال أو الضغط.

وتسيطر الاحزاب الكردية رسميا على ثلاث محافظات وهي أربيل ودهوك والسليمانية ولكن يمكن في الوقت نفسه رؤية رجال أمن أكراد في الحواجز بشوارع بعض المحافظات المجاورة مثل نينوى والتأميم.

وعن هذا الامر يقول الشيخ برهان العاصي من مجلس محافظة كركوك: "يقوم الناس في أربيل بإحضار الاكراد من سوريا إلى كركوك حتى ينتهي الاستفتاء لصالحهم ، فهم يرغبون التحكم في نفط كركو ك لانهم بحاجة إليه لتحقيق حلمهم بكردستان الكبير".

ولم يشارك الشيخ برهان منذ عشرة أشهر في جلسات المجلس كنوع من الاحتجاج على التمييز ضد أعضاء المجلس غير الاكراد. ويعتزم الرجل وبعض زملائه مقاطعة الاستفتاء وقال: "سنقاوم" وأضاف بعد فترة صمت: "بكل الوسائل".

وأمام منزل السياسي العراقي إسماعيل أحمد الحديدي يوجد كارافان مليء برجال الحراسة نظرا لان السياسي صاحب وجهات النظر المعتدلة والذي يقوم بجهود وساطة بين الطوائف المختلفة معرض للمخاطر وفقا لمنطق "العراق الجديد".

ويشعر الحديدي نائب محافظ كركوك سابقا في الوقت الحالي ببعض الاحباط. وكان الحديدي قد تعرض لمحاولة إغتيال عام 2003 أدت لاصابته بجروح لكن هذا لم يفقده وقتها التفاؤل المشع منه.

ويخشى الحديدي الذي يتمتع بصلات قوية مع قادة أكراد في أربيل ألا يقتصر الامر في مدينته مستقبلا على إنفجار عبوات ناسفة بل يمتد إلى حرب أهلية حقيقية.

وقال الرجل: "لو كان الامريكيون احتلوا العرق بشكل صحيح فحسب ، أعني دون أحزاب وديمقراطية لكان الامر أفضل للجميع".

وأوضح الحديدي أن العراق عام 2007 ليس قادرا على حماية مواطنيه أو التصدي لمقاتلي حزب العمال الكردستاني على الحدود الشمالية.

وأضاف أن قوات الامن الكردية أو الجيش العراقي المتواجدين في المنطقة الكردية بشكل رمزي ليسوا في الوضع الذي يسمح لهم بالتصدي لغزو تركي محتمل.

وإختتم الحديدي قائلا: "العراق اليوم مثل قطعة الجيفة التي تحاول مختلف الطيور الجارحة الحصول على قطعة منها" ثم صمت وأخذ نفسا عميقا. (د.ب.أ)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى