الساحة المستباحة في أبين..أصبحت أثرا بعد عين وأطلالا ينوح عليها غراب البين

> «الأيام» شكري حسين:

>
ألعاب الأطفال توقفت بفعل عوامل التعرية
ألعاب الأطفال توقفت بفعل عوامل التعرية
قد يكون دافع الكتابة لدي عن ساحة الشهداء بأبين ولد ميتاً أو اضطررت إلى تنحيته جانباً وأضعف الإيمان أن يكون مؤجلاً.. لكن القدر ساقني إليها ذات يوم من غير عنوة عند محاولتي اختصار الطريق المؤدي إلى مكتب الشباب والرياضة حينها هزني الشوق- ليس على طريقة أبي طوق- ولكن للأيام الخالدة التي بلغت فيها الساحة مرتبة عالية من حيث الشهرة، صافحت على إثرها (أبين) علياء المجد وعانقت بسمعتها الثريا.

وموضوع الكتابة حول ساحة الشهداء بأبين، أحد المعالم السياحية والرياضية البارزة ليس في المحافظة آنذاك بل والوطن عموماً، يندرج تحت (تراجيديا) الألم المستوحاة من واقعها اليوم، وإن كان ثمة أمل يعيد لها بريقها المدفون تحت ركام التجاهل فيتمثل في توجه وزارة الشـباب والريـاضة والمحافظة نحو الاستفادة من الملعب الدولي لاحتضان بعض مباريات خليجي 20 التي ستستضيفها بلادنا كمـا هو مقرر في عام 2010 وهو ما يعني عودة الحياة إليها حيث ينمو الأمل ويكبر بمقدم المحافظ محمد صالح شملان الذي يلمس الجميع خطواته الجادة في إصلاح الكثير من الأمور العالقة، وسيحسب له إذا ما أعاد سيرتها الأولى أنه قد أحيا عظامها وقد صارت رميما.

بركة مياه آسنة تتوسط الساحة
بركة مياه آسنة تتوسط الساحة
المبتدأ والمنتهى

تعود المراحل الأولى لتأسيس ساحة الشهداء بأبين إلى بداية الثمانينات، وأنجزت تقريباً في عام 1983م استناداً إلى إنجاز الملعب الأولمبي لكرة القدم الذي افتتح رسمياً في هذا التاريخ وبحضور الاخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية أثناء زيارته لما كان يسمى بالشطر الجنوبي سابقاً.

وتحتل الساحة موقعاً مهماً في قلب العاصمة زنجبار إلى الجنوب الغربي منها وكانت على أيامها مزاراً سياحياً يؤمه الناس من مختلف المحافظات، ومدينة رياضية ومرجلاً ثقافياً، ومسرحاً مفتوحاً وإشعاعاً بهياً جالباً للفرح والمرح على مدار العام، يصل إلى قمته في الأعياد والمناسبات والليالي الملاح.

واستمدت الساحة شهرتها من حدائقها العامة وألعابها ومنتجعها وملعبها وصالاتها (إحداها دولية للبولينج وأخرى للسنوكر والبلياردو وثالثة للطاولة) في أوج تألقها.. إضافة إلى مقارها وشاليهاتها واستراحاتها ومنتجعها المائي ببلاجه الأبيض وسيراميكه (التركي) والخضرة التي تحيط بها من كل جانب وتتوسطها حديقة ملئت بأجمل زهور وورود الدنيا، وينتصب فيها شامخاً (نصب) الجندي المجهول كما هو الحال بأشجار (النارجيل) بعذوبة مائها الذي تحتويه جوزتها!

كل ذلك مجرد نتوف لذكريات بسيطة ظلت عالقة رغم تقادم السنين، لأن ما مر كان بقايا لمشاهد مستعجلة غير مستوفاة بحكم زيارتي النادرة إليها لبعد موقع سكني عنها.

ملحقات الساحة تحولت إلى مساكن خاصة
ملحقات الساحة تحولت إلى مساكن خاصة
إذاً تلك هي ساحة الشهداء سابقاً لكن ماذا عن حالها اليوم؟!

لقد تغيرت معالمها وتبدلت صورتها وخبا بريقها ونهبت مقتنياتها ودمرت مقارها وهدمت ساحاتها وطال العبث مسابحها وجميع حدائقها وذبلت أزهار وورود الياسمين فيها وتم السطو والاستيلاء على مرافقها، واستباح المتنفذون حرمتها وحولوها إلى أشلاء متطايرة هنا وهناك، وكأن ريحاً (صرصراً) قد مرت عليها، ولعل مظهرها اليوم ينطق بفصيح أحزانها.

عظمة الإنجاز وروعة الإعجاز

وما يزيد في عظمة الإنجاز آنذاك وروعة الإعجاز الذي تحقق أن صرح الساحة الكبير بكل محتوياته (الملعب الأولمبي، الحدائق العامة، الألعاب الترفيهية، المسابح الدولية، المسرح العالمي، الشاليهات والمطاعم والصالات الرياضية ونوافير المياه والإنارة.. وغيرها) جميعها أنجزت في عام واحد فقط! وهو دون شك ملحمة عظمى صاغ قصتها وكتبت تفاصيل روعتها (الأيادي) السمر لأبناء أبين الميامين، وعمل جبار لن تجد له مثيلاً في الوقت الحالي، لكن الإرادة وروح المسئولية عندما تكون حاضرة (تذوب) أمامها الصعاب وتتوارى عن طريقها المستحيلات خجلاً.. والناظر إلى واقع المشاريع اليوم وما يلحق بها من تعثرات كبيرة وسنوات إنجاز طويلة سيترحم دون شك على أيام الساحة الخوالي، إذ الواقع مفعم بالشواهد.

ألعاب الأطفال متوقفة وليس في المحافظة بديل لها
ألعاب الأطفال متوقفة وليس في المحافظة بديل لها
التحدي الأكبر

ينتظر محافظ أبين الجديد الأخ محمد صالح شملان تحدٍ من نوع آخر إذا ما صحت الأخبار التي يتداولها مواطنو المحافظة عن نية السلطة المحلية بالمحافظة في إعادة تأهيل الساحة ومرافقها بل وإرجاعها إلى سابق عهدها، ولعل أول عقبة ينبغي تجاوزها برباطة جأش وشجاعة فائقة هو إخراج (مغتصبيها) الذين حولوها إلى مساكن خاصة بهم تباعاً بعد مسلسل الفيد الذي أعقب حرب 1994م، وثانياً حتى إن كانت الساحة لاتزال تحتفظ بهيكلها العام من حيث المباني والحدائق والصالات إلا أنها تحتاج إلى عمل جبار يتمثل في مسح (تجاعيد) الزمن التي شوهت وجهها وحولتها إلى أشبه ما يكون بالعجوز الشمطاء التي قد شاب وليدها فغدت قبيحة للشم والتقبيل، دون إغفال أن من سبقوه قد سجلوا فشلاً ذريعاً في هذا الاتجاه، والأيام القادمة كفيلة بإماطة اللثام عن ما يجري وما ينبغي أن يكون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى