قصة حياة التشيكي ندفيد

> «الأيام الرياضي» متابعات:

> في بلد ممتلئ بالموهوبين الرياضيين .. وخاصة في كرة القدم في مكان يأكل ويشرب ويتنفس الناس فيه الإبداع الرياضي .. وفي مسابقة هي الأصعب في العالم والأكثر قوة وحماسة .. وفي دوري النجوم فيه الكثيرون والإثارة فيه غير طبيعية.. في كل هذا.. تتنوع النجوم في أشكالها و طريقة إبداعها..تتنوع في مزاياها وصفاتها الكروية ومواهبها.

وبين كل هؤلاء يبزغ نجم شعره كأنه خيوط الشمس الصفراء في رابعة النهار.. ملامحه التي قد يعدها البعض جميلة والآخر مخيفة توحي بشخصية هذا اللاعب الكبيرة.. هذا اللاعب هو نيدفيد نجم فريق اليوفي وملهمه.. والذي كلما مر به الزمن يتفوق على نفسه ويكمل لوحات الإبداع التي رسمها ومازال يرسمها مع منتخب بلاده وناديه الملقب بالسيدة العجوز.

من هو نيدفيد ؟

لاعب في جمهورية التشيك (تشيكسلوفاكيا) ونادي اليوفي.

من مواليد الثلاثين من شهر أغسطس لعام 1972م.. يبلغ طوله 177 سنتيمتر.. ووزنه 70 كيلوغراما.. مركزه الكروي هو خط النص ( جوكر ).. يمتاز بالتركيز العالي في الملعب.. والتسديد بالقدمين بشكل رائع يصعب معه معرفة القدم الأساسية لديه .. لياقة عالية جدا.. قوة بدنية هائلة..لا يكل ولا يمل.. هداف رغم أن مركزه متوسط الميدان .

هوايته لعب التنس وهو متزوج وله طفلان والغريب أن إسم ولده أيضا Pavel Nedved

نيدفيد يبدأ مشواره الاحترافي

بدأ الزئبقي كما يحلو لعشاقه أن يسموه مسيرته الناجحة جدا مع إحدى فرق بلاده المغمورة وهو فريق دوكلا وهو في التاسعة عشرة من عمره .. والغريب أنه ومن أول مواسمه لعب عددا كبيرا من المباريات نسبة للاعب مبتدىء.. فقد لعب في هذا الموسم وهو موسم 91/ 92م (19) مباراة سجل خلالها 3 أهداف فقط.

نيدفيد في سبارتا براغ

عربون هذا الموسم الناجح لـ نيدفيد هو الانتقال لنادي سبارتا براغ الذي لعب له نيدفيد لمدة 4 مواسم..أي من موسم 92/93 وحتى موسم 95 / 96.. لم يكن أداءه عاديا رغم أنه لم يسجل أي هدف في موسمه الاول.. لكنه أثبت للجميع تطور مستواه من موسم لآخر..فبعد الموسم الاول الذي لعب فيه 18 مباراة لم يسجل فيها أي هدف..لعب في موسمه الثاني 23 مباراة سجل خلالها 3 اهداف.. الموسم الثالث زادت عدد مبارياته التي لعبها لتصل الى 27 مباراة نجح في تسجيل 6 أهداف خلالها.

وفي أحد مواسمه سجل فيه 14 هدفا في 30 مباراة لعبها.. ولعل لغة الارقام تبين المستوى الذي يتطور فيه نيدفيد .. فمع كل موسم يلعب مباريات بشكل أكبر ويسجل بشكل أكبر.. ومعدل التهديف واضح جدا.. ويكفي النظر للموسم الاخير لنرى أن نسبة التهديف تقارب بشكل كبير 50 % من عدد المباريات التي لعبها وهذه النسبة تعادل نسبة هداف كبير يلعب في خط الهجوم.. فماذا نقول عن لاعب وسط يلعب في الأساس في مركز الجناح الأيسر ويسجل هذا الكم الهائل من الاهداف؟

بخصوص البطولات الاوربية ففي خلال جميع المواسم لعب 19 مباراة سجل فيها 5 أهداف.

نيدفيد يتألق في لازيو

هذا التألق.. وهذا الابداع.. بل هذا الفتى الموهبة أغرى رئيس نادي لازيو آنذاك السيد كراجنوتي رجل الاعمال المليونير الشهير الذي أعلن نيته في جعل نادي لازيو من أندية النخبة في التعاقد معه.. فانتقل النجم الزئبقي نيدفيد من ناديه القديم سبارتا براغ الى أحد الاندية العريقة والقوية الايطالية وأحد اندية العاصمة نادي لازيو.. تم ذلك في عام 96 / 97 بمقابل مادي يساوي مليون ونصف.

ورغم كل ما كان معروفا عن موهبته وفطرته الكروية السليمة إلا أن مستواه في نادي Lazio كان اكبر من المتوقع.. فالدوري الايطالي لا يرحم.. وكم من نجم حفر قبره بنفسه عندما انتقل للكالشيو.

ومن أول مواسمه ( 96/97) اللازيالية عرف نيدفيد ايطاليا القوة والمتعة.. ايطاليا الاصابات.. ايطاليا العنف والخشونة.. إيطاليا المنعة الدفاعية..إيطاليا الاداء الرجولي.. ايطاليا بكل إيجابياتها و سلبياتها الكروية.. و أفهمها بأنه نجم قادم لا محالة.

جرس الانذار الذي دقه نيدفيد كان قويا جدا.. فقد سجل 7 أهداف وهو لاعب جناح أيسر ولعب ما يساوي 32 مباراة أي أنه تخلف عن إثنتين فقط!!!

4 مواسم أخرى تلت هذا الموسم ليصبح المجموع خمسة مواسم.. ففي موسمه الثاني مع لازيو لعب الزئبقي 26 مباراة سجل فيها 11 هدفا وبلغة الارقام هذا هو موسمه المفضل مع لازيو في المستوى.

وفي الموسم الثالث تراجع مستواه ليلعب 21 مباراة فقط سجل فيها هدفا وحيدا.. ليعود في موسم 99/2000 ليقود فريقه مع رفيقيه فيرون ونيستا أعمدة فريق العاصمة آنذاك إلى تحقيق ثلاثية ايطاليا الشهيرة( الاسكوديتو والكأس الايطالي والسوبر الايطالي) سجل فيها 5 اهداف في 28 مباراة في مباريات السكوديتو، وعلى فكرة .. تحقيق الثلاثية في ايطاليا انجاز لم يسبق تحقيقه سوى على يدي الـ يوفي و نادي سمبدوريا العريق.

وبعد موسم ناجح جدا قام نادي لازيو بصفقات ضخمة جدا مثل شراء هرنان كريسبو النجم الارجنتيني بمقابل 54 مليون ( رقم قياسي يدفع لمهاجم).. وهذا الإنفاق الهائل أثر على هذا النادي.. وأجبره على بيع ترسانة من نجومه المميزين جدا ومنهم نيدفيد رغم تسجيله 9 أهداف في 31 مباراة في موسمه الاخير مع لازيو وهو موسم 2000/2001 وهي نسبة جيدة جدا.. 45 مباراة أوربية كانت حصيلة مبارياته مع لازيو أوربيا.. أما حصيلة الاهداف فهي تساوي 12 هدفا.

قصة الانتقال للسيدة العجوز

ضعف المركز المالي لـ لازيو و تراكم الديون و خسائره الواقعية والافتراضية الكبيرة التي وصلت الى 140 مليون أغرت نادي السيدة العجوز بشراء أحد عباقرة نادي العاصمة.. وهو نجمنا نيدفيد الذي دفع من أجل عيونه ما يساوي 35 مليون دولار .. وهنا أذكركم بالمبلغ الذي طلبت منكم حفظه وهو شراؤه بمليون ونصف فقط.. أي أن المبلغ تضاعف اإلى ما يزيد على الـ 20 مرة!

انتقال الزئبقي من نادي العاصمة الى يوفنتوس كان أمرا مثيرا.. خصوصا أنه كما يقال أن نادي العاصمة لم يكن يود بيعه.. وأنه كان رافضا لذلك ومما يؤكد هذا الكلام أن اللاعب كان للتو مجدد عقده مع النادي لمدة 5 سنوات.. إلا أن نادي الـيوفنتوس فاوض اللاعب سرا وكسب موافقته مما جعل نادي العاصمة مضطرا لبيعه.

نيدفيد برر تركه لـلازيو بطريقه غير متوقعة ومفاوضته اليوفي بدون علم ناديه وبشكل أغضب السيد كراجنوتي بقوله أنه يود الانضمام لنادي يقدر مكانته و إمكانياته بشكل أكبر وقال أن لازيو لا يعتبره سوبر ستار وأن اليوفي هو المكان المناسب له.. هذا الكلام اعتبرته بعض الأوساط غرورا من النجم الزئبقي.. ولكني أعتقد أن نيدفيد أثبت على الاقل أنه كان محقا في الانتقال لليوفي النادي الذي حاول تلبية كل مطالب اللاعب المادية مما أشعر اللاعب أن هذا النادي يؤمن بقدراته الخارقة والضخمة حق الإيمان وإن كنت أعتقد أنه أخطأ في طريقة الانتقال.

ومما يجعل الصفقة أكثر إثارة أن نيدفيد كان البديل المرتقب للنجم زيدان في اليوفي صاحب المهارة الفريدة وأفضل لاعب كرة حاليا..وبرأيي وبصراحة لقد خدم نيدفيد اليوفي أكثر من زيدان!! ولغة الأرقام هي الدليل الواضح والبرهان الذي ليس به شك.

نيدفيد في السيدة العجوز

بدأ نيدفيد مشواره مع اليوفي بمستوى باهت وضعيف لما يقارب العشر مباريات.. ربما كان سبب ذلك الفرق الكبير بين الأسلوب اللازيالي الجميل والممتع في اللعب والتكتيك اليوفاوي الذي يصل لقمة الملل أحيانا.. ولكن بعد ذلك بدا نيدفيد بتقديم مستويات رائعة مع اليوفي ولعب في موسمه الاول مع الفريق ما مجموعه 32 مباراة سجل فيها 4 أهداف.. مساهمته الكبيرة كانت سببا رئيسا لفوز فريقه بالسكوديتو آنذاك ..واستمر نيدفيد في موسم 2002/2003بتقديم مستواه الرائع مع فريقه فلعب 29 مباراة سجل فيها 9 أهداف.. وحقق مع فريقه موسما ناجحا استثنائيا فقد حقق الدوري الايطالي للسنة الثانية على التوالي و حل ثانيا أوربيا خلف غريمه نادي الـميلان .. وفي هذه المباراة كانت مأساة الزئبقي لأنه لم يلعبها بسبب إنذاره في مباراة قبل النهائي ضد ريال مدريد التي سطر فيها نيدفيد مع رفاقه ملحمة بل مجزرة كروية لنجوم الريال!..بعد المباراة توجه الصحفيون إلى الزئبقي الذي انهار بالبكاء وجعل رأسه بين كفيه يكفكف بها دموعه .. ومن ثم ذهب هاربا من أسئلة الصحفيين التي لاتزيده إلا حسرة على الذهب الأوروبي الذي لم ينله حتى الساعة.. هرب إلى غرفة الملابس!!

مما يزيد نيدفيد ألما وحزنا أنه بطل اليوفي في هذه المسابقة .. وسجل أهدافا حاسمة ومهمة في مرمى الريال والبارسا وغيرهم.. وبدونه بدا الفريق عاجزا حتى في صنع الخطر إلا في فترات قليلة جدا على مرمى الغريم ميلان الايطالي.. بخصوص البطولات الاوربية فقد لعب 22 لقاء مع اليوفي سجل فيها 5 أهداف كلها في موسمه الاخير ..وفي أحد المواسم شهد مستوى الزئبقي انخفاضا حادا .. رغم تسجيله لأكثر من هدف وفوزه بجائزة الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة فرانس فوتبول الشهيرة لأفضل لاعب كرة قدم في العالم بحسب اختيارها .. مما يعقد وضع نيدفيد وحسرته أن فريقه خسر دوري أبطال أوروبا هذا العام أيضا في مباراة انتقامية فاز فيها ديبورتيفو على اليوفي ذهابا وإيابا بهدفين يتيمين.

مسيرته مع المنتخب التشيكي

ظهر لأول مرة نيدفيد في منتخب التشيك الوطني ضد المنتخب الايرلندي في عام 1994 وكانت هذه مباراته الوحيدة مع المنتخب في ذات العام .. و في عام 1995 كان ظهوره الدولي الثاني ضدّ النّرويج .. ثم استمر في اللعب لمنتخب بلاده حيث لعب 13 من 15 مباراة دوليّة الأمر الذي حمله مسؤولية كبيرة رغم أنه أصغر لاعبي منتخب بلاده عمرا .

بعد تمثيله منتخب بلاده في بطولة أوروبا و تسجيله هدفاً في إيطاليا وتألقه مع فريقه سبارتا براغ أصبح نيدفيد أحد أفضل المطلوبين في سوق الانتقالات الأوربية.. وفاز به نادي لازيو الايطالي كما أسلفنا.

عام 2000 كان موسما هاما لـنيدفيد فقد أصبح كابتن المنتخب في تلك السنة.. واختير أفضل لاعب تشيكي.. هذه الجائزة حصل عليها الزئبقي لأربعة مواسم، وهو مرشح لزيادة نصيبه منها بشكل كبير!!.. وعموما له مع منتخب بلاده 61 مباراة سجل فيها 15 هدفا.. البطل نيدفيد أكد أكثر من مرة أنه سيعتزل وهو في الثالثة والثلاثين من العمر.

أهداف نيدفيد

نيدفيد وبرغم كونه لاعبا يلعب في خط المنتصف.. إلا أنه يجيد لغة الأهداف وبإتقان منقطع النظير للاعب يلعب في مركزه فهو يسدد بكلتا القدمين ويسجل بهما.. ويضرب بالرأس بشكل لا بأس به.. وهذا مما جعله من اللاعبين الحاسمين والمهمين الذي لا تخفى بصماتهم وأثرهم في فوز فريقهم ونجاحه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى