نشيد الذئاب الحمر 3

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> الإهداء إلى المواطنين المعتصمين المرابطين في ساحة الشهداء في مدينة الحبيلين (ردفان) ** ثم ماذا بعد من النشيد؟ اسمع، وتأمل، وتذوق:

على وكر النسور هنا مواقعنا على ردفان

نثبت راية التحرير نرفع راية الإنسان

ونكتب للزمان قصيدة ذهبية الألوان

قصيدة حبنا لديارنا للأهل.. للأوطان

لقد أبدع المقالح في هذه السيمفونية الثورية، مثلما أبدع الثوار في ملحمتهم ولم يقع الشاعر في منزلق التقريرية والمباشرة الفجة والزعيق بل حافظ على فنية الفن وأدبية الأدب مع أن كثيرا من الشعر الثوري وقع في المباشرة والشعاراتية والانفعال المشبوب على حساب الفن فكان شعرا مرحليا، وعلى الرغم من أن الشاعر قد سمى قصيدته نشيدا فإنه لم يقع في أسر الغنائية العالية على حساب المضامين والصور الفنية، ومع هذا فإن أجمل ما في هذا النص هو إنسانيته ووطنيته وثوريته وعاطفيته المنغمة.

وعند الشمس ندفن كل يوم شمس قتلانا

ولا نخشى اقتحام النار.. وجه النار يخشانا

يكاد من الذهول الليل يصعق حين يلقانا

وتحتضن النجوم نشيدنا وتعيد نجوانا

لقد التقى في هذا المقطع كل من الشمس والنار والليل والنجوم، وهي رموز شفافة ليست عسيرة الفهم، فالشهداء يستحيلون إلى قطع من الشمس غداة دفنهم بكل ما تحمله هذه اللفظة من دلالات ورموز فهي نور ونار، كما أن الشهداء عائدون مع عودة الشمس بل ضوؤهم هو الذي يعود مع ضوئها المتجدد.

ونصل إلى المقطع الأخير من النشيد ذي المقاطع السبعة، ولهذا الرقم دلالته الدينية والرمزية فالأيام والسماوات والأرضون والطواف ورجم الجمرات وآيات الفاتحة وغير ذلك كلها (سبع).. يقول الشاعر:

غداً سنعود للسهل الحزين نعود للأطفال

ومن ردفان نحمل للشواطئ شعلة الآمال

ونطعم جوعنا للبحر نعطي للدجى الأسمال

غدا سنعود يا أحبابنا سنعود يا عمال!

هكذا يأتي المقطع الأخير السابع قاطعا بالنصر والعودة بعد التشرد والكفاح ولكنها عودة مظفرة واعدة تمثل بداية لمرحلة جديدة من البناء واستشراف المستقبل (فالسهل الحزين) يوحي بصعوبة المرحلة القادمة وثقل التركة، وكل من الأطفال والشواطئ والعمال رموز إلى اتساع رؤية الثورة وأهدافها في الزمان والمكان وإلى التكامل بين كل عناصر اللوحة الجغرافية والتاريخية لولا هذه الصفة السلبية التي أضفاها الشاعر على (البحر)، وكان يمكن توظيفه إيجابيا في هذه الأجواء المفعمة بالنصر والتفاؤل والإدراك والحب والأمل والوحدة، هذا المقطع الأخير كان استباقا شعريا لما سيحدث، وقد حدث فعلا بعد أربع سنوات من الكفاح، وها هو الشاعر لطفي جعفر أمان يصف ذلك اليوم المشهود يوم الاستقلال وقد تحقق:

على أرضنا بعد طول الكفاح

تجلى الصباح لأول مرّه

وطار الفضاء طليقا رحيبا

بأجنحة النور ينساب ثرّه

وقبّلت الشمس سُمر الجباه

وقد عقدوا النصر من بعد ثوره

لك المجد ردفان كم ثائرٍ

قذفت به لهبا يهدرُ

يطير على صهوات المنايا

وينتزع النصر لا يقهرُ

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى