لاجئون في أوطانهم

> نبيل العمودي:

> هذا العنوان مأخوذ من عبارة شهيرة قالها الفنان الكوميدي الرائع عادل إمام عند زيارته لمخيم اللاجئين الصوماليين في منطقة خرز بالصبيحة، عندما كان سفيراً للنوايا الحسنة، العام قبل الماضي، وتقول الرواية إن الفنان الكبير وهو متجه إلى مخيم اللاجئين بخرز شاهد على جانبي الطريق تلك القرى المتناثرة ذات الطابع البدائي القديم، وكانت هناك مجموعة كبيرة من رجال القبائل في سوق المخيم أمام بوابته يلوحون بأيديهم تحية لهذا العملاق الفني فلاحظ عليهم البؤس والشقاء وشظف العيش من خلال مساكنهم وملامح وجوههم الكالحة، وعند دخوله البوابة رأى أحوال اللاجئين الصوماليين الذين يتوفر لهم الحد الأدنى من الخدمات، فقال حينها عبارته المشهورة: «من اللاجئين دول وإلا دول؟» يقصد الصوماليون أم أبناء الصبيحة.

ومنذ مدة وأنا أبحث عن حقيقة ذلك وصحة هذه الرواية إلى أن التقيت بالزميل الأستاذ عبدالله الوحشي، وهو أخ عزيز من أبناء الصبيحة جمعتني به مقاعد الدراسة في كلية الحقوق جامعة عدن، الذي أكد لي صحة الرواية.. وقال: تلقى أبناء الصبيحة تطمينات من قيادات السلطة في المحافظة حينها، ونشرت وسائل الإعلام بأن الاتفاقية التي وقعتها الحكومة مع المفوضية تنص على أن الخدمات المقدمة للاجئين ستقدم لمن جاورهم من مواطني الصبيحة، لكن كان ذلك كلاماً فقط.. فالمواطن لا يزال حتى الآن محروماً من كل الخدمات لدرجة أن مستوصف اللاجئين يرفض قبول أي مريض يشارف على الموت من المواطنين، ومياه المواطنين تستهلك بآلاف من قبل اللاجئين. المواطنون لا يزالون دون مياه إلى جانب أن الأعمال والمقاولات وفرص العمل في المخيم منحت لغيرهم من أبناء المحافظات الأخرى وتم دمج الطلاب الصوماليين مع الطلاب اليمنيين في المدرسة التي بناها الشهيد سالمين رحمه الله، وهذا أدى إلى تسرب الفتيات اليمنيات من المدرسة، واكتسب إخوانهم الطلاب الثقافة الصومالية وإجادتهم للغتها أكثر من إجادة اللغة العربية، بالإضافة إلى مشكلة الأرض التي أصبح القائمون على المفوضية وقيادة السلطة في المحافظة وغيرهم من السماسرة يشيدون عليها البلوكات السكنية تلو البلوكات ويستفيدون من سعر هذه الأرض رغم أنها من أملاك الناس ومساقيهم وحدودهم القبلية...إلخ، وهذا ما يجعلنا في حيرة من الأمر.

بعد أن فرغ زميلي من حديثه المأساوي رأيت أن من الواجب كتابة هذا الموضوع بعد أن تخلت السلطة في محافظة لحج عن واجبها القانوني والإنساني على حد سواء، وهنا أقول يا سلطتنا الموقرة لا شك أنكم تفهمون ما قصده الفنان والسياسي عادل إمام، الذي أراد أن يقول لنا وبذكائه السياسي أن أبناء الصبيحة هم اللاجئون الحقيقيون في بلدهم.. لقد تحمل أبناء المحافظات الجنوبية وبصبر وعزيمة الظلم والجور الذي سقاهم إياه إخوانهم من أبناء المحافظات الأخرى الذين كانت أفعالهم في غالبها رعناء وسيئة أضرت بأواصر الأخوة ووحدة الوطن، فلقد نهبوا الأرض بالكيلومترات واستحوذوا على الوظائف وتمتعوا بالثروة والسلطة وتحملهم الناس من أجل الوطن ووحدته، لكن أن يصل الأمر إلى أن يصبح الناس أضحوكة ولاجئين في مساقط رؤوسهم فهذا ما لا يعقل. وعلى كل العقلاء في رأس السلطة السياسية وفي مقدمتهم فخامة الأخ رئيس الجمهورية أن يتدبروا ويتفكروا فيما قاله الفنان عادل إمام، هل يصبح آل البان والعزيبة والعقاربة والمصاعبة وآل قرو وأهل السويدان لاجئين في وطنهم بعد أن نهبت أراضيهم وأصبحوا بلا أرض؟!وهل لا بد علينا نحن أبناء المحافظات الجنوبية أن نسلم بأن علينا أن نعيش حياة اللاجئين في وطننا؟!

اللهم إنك تعلم أن إخواننا جردونا من كل ما نملك، وكلما دعوناهم إلى كلمة سواء أخذتهم العزة بالإثم.

اللهم اجعل لنا مخرج صدق مما نحن فيه. آمين!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى