بــصــمـة ضــعــف

> منى عوض باشراحيل:

> «المدرسة مؤسسة تربوية وتعليمية، وهي عنوان للهيبة والوقار وقلعة للأمان النفسي والبدني، عنوان للعلم والحرية والمعرفة والقيم الدينية والأخلاقية، وعنوان لطهارة اليد والعقل والقلب واللسان وقيم الاستنارة، وتترك بصمة عزيزة في عقول ووجدان الأجيال فيتذكرون بعد حين أحلى أيام حياتهم».

صحيفة «الأيام» العدد(5243) مقال د. سمير عبدالرحمن شميري

في الصفحة الأولى من العدد نفسه خبر وصورة لتلميذ ضرب على يد معلم.. أليست مفارقة تستحق لحظة تأمل.

هذه الصورة تتكرر يومياً في مدارس كثيرة ولكن القليل من الأهالي يتجرأ بالشكوى، فلماذا يا ترى اختلفت رسالة هذه المؤسسة التربوية أولاً والتعليمية ثانياً، هل لاختلاف أساليب التربية الأسرية وتعرض الطفل لمختلف المثيرات السمعية والبصرية، وبالتالي اختلاف مفهوم المدرسة لديه، أم أن جوهر هذه المشكلة يكمن في المعلم الذي فقد مصداقية أدائه للرسالة التربوية والتعليمية وفقد وقاره بالجلوس مع الطلاب جلسات غير مهمة وتبادل النكات والمزح غير المجدي والتمادي بالألفاظ وأحيانا حتى باليد، أم هي ظروف الحياة التي ضاقت به فيخرج حجم معاناته في هذا الطالب؟!.. بالتأكيد هناك المزيد من الأسباب .

ولكن أياً كان الطالب، شقياً، غبياً، مهملاً، مستفزاً .. فإن ذلك لا يعطي للمعلم الحق بضربه بهكذا أسلوب.. هل فقد المعلم كل الأساليب التربوية التي تعلمها والتي اكتسبها من خبرته في معاملة هكذا طلاب حتى يلجأ إلى الضرب؟ وما رأي الإدارة المدرسية وإدارة التربية في هذه المشكلة ؟! أعتقد وهي مجرد وجهة نظر أن مثل هؤلاء المعلمين، تحتاج إدارة التربية والتعليم إقامة دورات مكثفة تخضعهم من خلالها إلى إعادة التأهيل، وأيضا إخضاعهم للفحص النفسي، ومن ثم مراقبة عملهم بعد هذه الدورة والفحص.

لا أقصد المبالغة في الموضوع، ولكني أعود إلى موضوع الدكتور سمير، الذي اتخذته مقدمة لموضوعي هذا، فالمدرسة هي المؤثر الأكبر بعد الأسرة في القدرات الإبداعية للإنسان والطالب على وجه الخصوص، فما الذي ستتركه من بصمة يا أستاذ سمير مدرسة بلا وقار ومعلم بلا معرفة؟ .. وأي أجيال ستتخرج من أيدي معلم يبطش بها جسدياً ونفسياً؟ وهذه الثانية أشد خطورة، بمعنى تأثير البطش النفسي على الطالب والملاحقة بالشتائم وتقليل الشأن، مما يزرع داخله الاضطراب والدونية وعدم الثقة بالنفس، فأي مبدع ينتظر المجتمع غير الإبداع اللاأخلاقي الذي نرى بوادره اليوم في كل مكان من الشباب المراهق وحتى الأطفال، نرى اختلاف السلوكيات والابتعاد عن الدين والقيم الخاصة بهذا المجتمع الفقير في كل شيء إلا بها، فما بالنا إذا فقدت .. كيف سيكون حال هذا المجتمع بعد عشر سنوات فقط بوجود هذه النخبة الضارة فيه، النخبة الذي تحمل مسئولية خروجها إلى المجتمع بهذه الصورة البشعة الاسرة والمدرسة قبل أي مؤثرات أخرى؟! كيف سنطلب من شاب صاحب مشية أنثوية أن يبني، وكيف سنطلب من شاب صاحب أظفار طويلة وشعر حتى الأكتاف أن يصون عرضه، وكيف سنطلب من شاب يهز وسطه أن يحمي الوطن.. وكيف وكيف وكيف؟؟

المجتمع القادم في خطر حقيقي، يجب استفزاز الأسرة للعودة إلى التمسك بالدين والقيم، واستفزاز كل معلم أن يحترم إنسانية هذا الطالب ويتجنب في تعامله معه ما يمكن أن يترك داخله بصمة ضعف يحملها في مرحلة حياته القادمة .

الحديث يحتاج إلى الكثير من التفاصيل والكثير من التعمق، ولكن الإيجاز ضروري هنا بحكم حجم المساحة المتاحة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى