لماذا يتخلى البعض عن ولائه وانتمائه الحزبي؟!

> علي الذرحاني:

> سؤال يطرح نفسه هذه الأيام ونحن نشاهد ونسمع عن استقالات جماعية وفردية مفارقة ومتخلية عن انتمائها وولائها الحزبي وكأن هذا السلوك سيتحول إلى ظاهرة معتادة بين أوساط أحزاب بلادنا التي يتفكك أعضاؤها ويتساقطون كأوراق الشجر في الخريف لتصبح هذه الأحزاب عارية في مهب الريح بسبب هذه الاستقالات المولية ظهرها لأحزابها غير عابئة بمصيرها وكأنه طلاق بائن لا رجعة فيه.

فما هو السبب من وراء هذه الاستقالات الجماعية أو الفردية لعلكم تعرفونه بل ويعرفه رجل الشارع البسيط الذي يستطيع اليوم أن يحلل ويشخص الوضع الراهن في بلادنا بحكم معاناته وتعامله مع هذه الأحزاب التي أصبح دورها غير فاعل وغير مؤثر وانتقل زمام الأمور من يدها إلى يد روح جماعية أخرى بدأت تتشكل من داخل المجتمع يجمعها هم مشترك غير التنظير الحزبي والتوجه الفكري أو التأطير الأيديولوجي الضيق أو المصلحة الأنانية وهذه الروح الجماعية الجديدة التي أخذت زمام المبادرة بعد أن فقدت ثقتها بمصداقية الأحزاب التقليدية وبعد أن جربت التعامل معها ورأت أنها عادة ما تختلف فيما بينها أكثر مما تأتلف فتركتها وتجاوزتها إلى غير رجعة مطالبة بحقوقها المشروعة. ورأت أيضاً بأن أعضاء الحزب الواحد لا يجتمعون على رأي جماعي واحد، فما بالك باتفاق الأحزاب مجتمعة على كلمة سواء أو كما يقال: على قلب رجل واحد وهذا هو ما شجع بعض الأعضاء الذين يحترمون أنفسهم ومبادئهم إلى الانسحاب من عضويتهم وانتمائهم الحزبي والانتقال إلى مكان آخر لعلهم يجدون فيه موقعاً مناسباً يستطيعون التحرك من خلاله بحرية وحركة فاعلة ومؤثرة ونشيطة.

قد يكون الكلام صحيحاً عندما نقول بأن للانتماء الحزبي وجهاً إيجابياً في السياسة لا في العقيدة، لكن الحزبية في بلادنا استغلت استغلالاً سلبياً ومصلحياً وزادت من عزلة بعض الأعضاء ذوي العقليات المنفتحة وجعلتهم يتقوقعون داخل أيديولوجيتها المحنطة وتأطيرها المهيمن الضيق والضاغط والقامع لدرجة إن تكلم أحد أعضاء الحزب بحرية بادره زملاؤه في الحزب:«أنت معنا أم معهم»!! هذا أحد الأمثلة التي تحدث داخل الحزب الواحد الموحد وبعض الأحزاب تقدم مصلحتها قبل مصلحة الوطن، وكأن مصلحة الوطن تتعارض وتتنافى مع مصلحة الحزب، وبعض الأحزاب تظن أنها تمتلك الحقيقة وأن وراءها الطوفان فتستبد بالأحزاب الأخرى وتقمعها وتتعامل معها بلغة الغلبة والقهر والطغيان والتجاهل والإلغاء وأحياناً تتهمها بالعمالة للخارج. من هنا يتركها ويهجرها ويستقيل عنها بعض أعضائها مفضلين البقاء في بيوتهم على الانتماء الحزبي المشبوه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى