محاذير حرية التعبير

> عبدالقوي الأشول:

> قد لا تدرك الأنظمة السياسية في مجتمعاتنا العربية.. مدى تأثيروسائل إعلامها الرسمي في تشكيل الرأي العام. ومع ذلك فهي لا تجد حرجاً في تسخير الإعلام الرسمي بصورة كلية للتعبير عنها وبما يثبت عنها الصورة الإيجابية المحضة التي لا تشكيك فيها.

من هنا بدا الإمساك بزمام وسائل وطرق الماضي نسقاً ونهجاً متجاوزاً ما فرضته ثورة العصر التكنولوجية بتخطيها العارم للحدود وبتحليقها الحر في كامل الفضاء الكوني، الاصطلاح الذي جعل العام يبدو قرية كونية واحدة.

ومفهوم الأنظمة السياسية في معظم بلدان العالم الثالث الفقيرة للإعلام ودوره والحريات الصحفية بصفة عامة.. لا يتجاوز مفهوم الديمقراطية والحريات التي لا تتجاوز صنايق الاقتراع وهي الصناديق ذاتها التي تحمل باستمرار نسب الانتصارات الساحقة للأحزاب الحاكمة ولا تأتي بجديد على الصعيد الحياتي عدا أنها تجدد تشريع الأنظمة الحاكمة لذاتها في مواصلة أو استمرارية البقاء في السلطة، طالما وهي بالمفهوم الظاهر أتت عبر إرادة شعبية ما جعل حرية الإعلام لديها مرتهنة بمدى خدمة هذه الوسيلة الإعلامية، وهذا الإعلامي أو صاحب الرأي في التعبير عن ما يتفق ورؤيتها.

الحال الذي تبدو معه مساحة الحرية المتاحة وغير المتاحة في آن ضرباً من المجازفة والمغامرة التي تجعل من هذه الأقلام محط دور فعل هستيرية لا حدود لها.. وغالباً ما يكون استحضار الماضي وإعادة رسمه في مشاهد الحياة اليومية.. تذكيراً بسماحة وسعة صدر أولياء النعم.

وضع ربما يفرض عليك قسراً إن كنت منتسباً لبلاط صاحبة الجلالة شحذ كامل هممك وصقل وعيك واستجلاء ما وراء الأفق وأي الطرق تؤدي إلى مسالك حميدة وسط حمى الخطب النارية ومانشيتات الإعلامي الرسمي، الذي يعزو إلى الأذهان قرب تحقيق كامل الآمال والطموحات.. لولاء هؤلاء النفر المعكرين لصفو الحياة بمجرد أن لامست اتجاهات رأيهم جزءاً من الحقيقة.. وحين يبلغ السيل الزبى وتضع بعض المنظمات الحقوقية استفساراتها.. عن تردي الحريات في مجتمعاتنا.. لا تتوانى الجهات المعنية عن إظهار بعض التعديلات على القوانين المتعلقة بالحرية الإعلامية، وهي القوانين التي لا تفعّل في الواقع.. الا أن احتام النقاش البيزنطي يعمي العيون عن اتجاهات أخرى أكثر أهمية.

عموماً وسط كل ما يجري تجد نفسك قسراً إما مع أو ضد وحتى اقتناعك بأن ممارسة الرقيب الداخلي الذاتي تفرض عليك العمل بمهنية وحيادية أخذاً في الاعتبار طبيعة الواقع السياسي والاجتماعي المستنفر ضد من يخرجون عن السياق.

واقع يفرض عليك محاذير وتقديرات تجعل الوصول إلى الحقيقة أمراً متعذراً.. إلا أن مثل هذا المنحى العقلاني لا يغفر لك عند من يرقبون أنفاسك وتذهب بهم ملكات التأويل المشفوعة بالأحكام المسبقة إلى اعتبار كل ما يصدر منك جناية مسبقة بحق الوطن والتنمية.

وكثيراً ما تستنفر أجهزة الإعلام الرسمي وأجهزة الإعلام الحزبي كامل قدراتها، عدها وعدادها لشن هجوم تجريحي تحريضي بحق أي وسيلة إعلامية حملت في مضامين ما نشرت ما يوحي من قريب أو بعيد بمخالفة أو تخطئة من لا أخطاء ولا شائبة تذكر في سجلاتهم الحياتية.

ومع كل ما تقدم مازلنا نسمع من معطيات الندوات والورشات الإعلامية ذلك القول الذي يؤكد على أهمية ملازمة الإعلام للعملية الإصلاحية المنشودة باعتبار تحرر الإعلام شرطاً لتحقيق جملة إصلاحات على مختلف الصعد الحياتية.. رغم أن حقائق الواقع تشير إلى ممارسات مختلفة ليس في مؤشرها ما يدل على مثل هذا الاتجاه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى