لمحة على جسور عدن .. جسور على بحار وأخرى على مياه أمطار وأهل عدن تغنوا بها

> «الأيام» محسن عبده قاسم:

>
بقايا الطريق وآثار الجسر القديم في صيرة
بقايا الطريق وآثار الجسر القديم في صيرة
يجري العمل حالياً في مشروع توسعة الطريق البحري المتعارف عليه طريق الجسر الرابط بين جولتي ريجال بخور مكسر وكالتكس المؤدية إلى الشيخ عثمان وعدن الصغرى، هذه التوسعة تأتي ضمن مشاريع تطويرية تشهدها مدينة عدن في ظل القيادة الحكيمة للأخ الرئيس علي عبدالله صالح وبمتابعة واهتمام مستمرين من الأستاذ أحمد الكحلاني محافظ عدن رئيس مجلسها المحلي.

يعود شق الطريق البحري إلى الفترة بين 1957-1954 وارتبط بتشغيل شركة مصفاة الزيت البريطانية B.P التي بدأت إنتاجها في 29 يوليو 1954.. وعند نشأتها في نوفمبر 1952م كانت الشركة قد عملت جسراً يوصلها إلى الضفة الأخرى من البريقة حيث المساحة المخصصة لقيام منشآتها.

كان الطريق البحري عبارة عن خط واحد لسيارتين ذهاب واياب على جهته اليمنى للآتي من كالتكس مدت أنابيب الوقود الآتية من المصفاة إلى الخزانات في رصيف المعلا وميناء التواهي، ولضمان استمرارية تدفق المياه إلى أحواض الملح جرى بناء جسر لهذا الغرض، ومع ازدياد حركة المواصلات على خط الطريق خاصة بعد ظهور مدينتي المنصورة و(الاتحاد) الشعب، جرى بين 1966-1964 العمل على تعبيد خط مواز لسابقه عليه جسر هو الآخر.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الوصول إلى الشيخ عثمان من كريتر والتواهي كان يتم عبر خط المطار (المجراد) ومساره يبدأ من العقبة/الدكة/ جولة ريجال ماراً في (الشابات) العروض مخترقاً المطار من جانب مبنى خطوط عدن الجوية ADEN AIRWAYS، اليمنية اليوم وهناك كانت نقطة (خشبة) تتوقف أمامها السيارات عند إقلاع وهبوط الطائرات!! بعدها يتواصل السير إلى جسر صغير /المملاح/ معسكر (الليوي) ليك لاين (عبدالقوي حالياً) فالدخول إلى الشيخ عثمان. على ذكر طريق المجراد فإن الأستاذ تمام باشراحيل إذا ما أراد من الأستاذ نجيب يابلي التواصل معه هاتفياً يمازحه بالقول: سوي طار من المجراد!؟.. في إشارة إلى كلام أهل عدن أيام زمان، والطار مقصود به الهاتف، حديث عبر الأثير، أما المجراد فيعني منطقة خورمكسر وكانت قديماً أرضاً جرداء.

جسر خشبي عند جبل حديد!

بالعودة إلى تاريخ مدينة عدن، ورد في ص 68 من كتاب (العقبة) إصدار دار الهمداني لطيب الذكر الراحل الحاضر الأستاذ عبدالله أحمد محيرز (.. أما الخارطة التي يذكرها ولستد، ويظهر فيها هذا الممر الذي يربط عدن بالبر، فلعلها الصورة التي رسمت لهذا الموقع ويظهر فيها البحر وقد غمر هذه الفجوة وتسرب إلى جنوب جبل حديد وعلى الفجوة جسر خشبي يربط مابين جبل حديد والسلسلة المجاورة له مظهراً جبل حديد كأنه جزيرة).

جسر صيرة

يفيد الأستاذ عبدالله أحمد محيرز طيب الله ثراه في ص 25-24 من كتابه (صيرة) الصادر عن جامعة عدن : (اعتمد القدماء على القوارب لتزويد السفن بالمؤن، ونقل البضائع منها إلى الفرضه وإمداد حاميات القلاع على جبل صيرة، إلا أنهم بنوا - بين وقت وآخر - ممراً ترابياً، أو حجرياً بين البر والجزيرة تسهيلاً لهذه المهمات).

(وبني ممر كهذا في فترة معاصرة لبامخرمة، ولعله شاهد بناءه أيام ولاية مرجان الظافري على عدن. من المحتمل أن يكون إحدى هذه الاستعدادت والتحصينات التي قام بها تحسباً لهجمات البرتغال. وذكر بامخرمة استحداث هذه الممشى بمناسبة عمليات المماليك الحربية في صيرة، ومقاومة أهل المدينة لها كان ذلك في سنة 1516/922 بعد ثلاث سنوات من هجوم البرتغال عندما وصل الأمير سلطان الرومي إلى صيرة بمراكبه، ورمى على المدينة بالمدافع دون طائل. فمكت في البندر يومين. ثم نزل بعساكره لمحاربة البلد إلى الممشى الذي «جعلوه» الدولة متصلاً بصيرة فخرج إليه عسكر البلد» لكن ممر كهذا- معرض لأمواج البحر وعوامل التعرية - لابد وأن يزول إذا لم تمتد له يد العناية. وبالفعل لم يمض أقل من قرن حتى اختفى. فلم يره «دين بروكيه» في 1614، بل كتب أنه شاهد الجنود وقت الجزر يخوضون الماء لاجتياز هذه المسافة بين البحر والجزيرة وأمكن للقوارب الشراعية أن تطوف حول الجزيرة).

(أما بعد الاحتلال البريطاني فقد بنى الإنجليز هذا الممشى الحجري الذي يربط الجزيرة بالبر يتوسطه جسر صغير يربط بين مياه معجلين وبقية الخليج وامتد إلى نهاية الجزيرة موازياً لسفحها، وقد بقي إلى اليوم قد نالت منه الأمواج وعوامل التعرية والإهمال والبلى).

الجسر الذي يربط التواهي بجولدمور
الجسر الذي يربط التواهي بجولدمور
جسر المكسر

في عددها 404 الصادر في 6 سبتمبر 1961 نشرت صحيفة «القلم العدني» موضوعاً للأستاذ المؤرخ حمزة علي لقمان ورد فيه:(خورمكسر اسم قديم ذكره المؤرخون قبل مئات السنين والخور كان مكسراً مشققاً. وكلمة «مكسر» ننطقها في هذه الأيام بفتح الميم وتسكين الكاف وفتح السين والنطق القديم الصحيح هو بكسر الميم وتسكين الكاف وفتح السين. وكانوا يسمونها خور المكسر. وكانوا يطلقون هذا الاسم على المحل الذي نجد فيه الجسر الذي يمر من تحته ماء البحر إلى حقول الملح. أما الجسر نفسه فعمره أكثر من ألف سنة وكان اسمه قنطرة المكسر جرت فوقه وحواليه معارك حربية متعددة وتهدم عدة مرات وأعيد بناؤه من جديد لأنه كان الوسيلة التي تربط عدن بالبر).

جسر جولدمور

بعد احتلال عدن بسنوات أصبحت التواهي مركز قيادة الإدارة البريطانية، فقد صارت الميناء بعد أن كان في صيرة وهي مقر للوالي المندوب السامي والسكرتارية التي تدير شؤون المستعمرة.. لذا جرى تعبيد كثير من الطرقات في المرتفعات الجبلية المطلة على البحر حيث تقع أهم المنشآت ومنازل كبار المسؤولين بل وصل الأمر أن يشيد جسر يربط المدينة بالساحل الذهبي «جولدمور»..توقفت الحركة عليه في الثمانينات بعد أن شق نفق من التواهي وآخر من القلوعة يؤديان دور الجسر الذي أصبح أثراً بعد عين.

جسور على مياه أمطار

تحت عنوان «حادث اصطدام» نشرت «فتاة الجزيرة» إحدى أولى صحف عدن في عددها رقم 2 بتاريخ 89 يناير 1940 ص6:(حوالي الساعة السابعة والدقيقة الخامسة من يوم الجمعة مساءً وقع اصطدام بين السيارة نمرة 2990 ودراجة نارية، كانت الدراجة قادمة من ناحية البحر نحو جسر سانت ماري والسيارة قادمة من الجهة المقابلة وحصل الاصطدام أمام المنارة التي بقرب المحكمة). اسم هذا الجسر مأخوذ من اسم الكنيسة التي كانت على الربوة المطلة على مجمع البنوك وهي كنيسة (سانت ماري) نسبة للسيدة العذراء مريم عليها السلام وهو جسر خشبي يربط بين الزاوية التي يقع عليها فرع البنك الأهلي أروى وبين أول شارع محمد علي لقمان عند تقاطع كريتر، وكانت مياه السيول تمير أسفله عبر السائلة إلى بحر صيرة. كما كان هناك جسر خشبي آخر، بحسب ما أفاد المتقدمون في السن - يربط مابين الطرف الذي تقوم عليه سينما برا?ين والجهة المقابلة لمكتب الاتصالات تمر أسفله مياه السيول الآتية من محيط العقبة مارة بطريق أبان نحو السائلة أسفل البنوك ومن ثم إلى البحر.

طريق الجسر-الطريق البحري
طريق الجسر-الطريق البحري
جسر صيرة والغيرة

عادت بي الذاكرة وأنا أسطر موضوعي هذا لأغنية «المي والرملة» التي صاغ كلماتها الشاعر الرقيق أحمد الجابري وشدا بها لحناً الموسيقار أحمد قاسم:

باذكرك بالبحر/ والليل في صيرة

وأخاف على ذا الجسر/ يفلت من الغيرة !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى