عدالة التوزيع قبل يمننة الوظائف

> صالح علي السباعي:

> كثيراً ما نسمع عن مصطلح يمننة الوظيفة من قبل الأخوة المسئولين في وزارة النفط، وكأن ما يحصل في المناطق النفطية من صراع على الوظائف وصل إلى إزهاق الأرواح في منطقة عسيلان (شبوة) وأودى بحياة ما يقارب 17 شخصاً، كأن هذا السفك للدماء بسبب اليمننة، وعندما تكتمل اليمننة ستنتهي هذه المآسي ويتوقف الصراع على الوظيفة النفطية. هذا هروب من مواجهة الواقع الذي يعيشه سكان المناطق النفطية الذين بحت أصواتهم وهم يشكون حرمانهم من حقوق يفترض أن تعطى لهم أسوة ببقية مناطق النفط في الكثير من دول الجوار التي أشار إليها النائب الفاضل (محسن باصرة) في مقال سابق نشر في «الأيام» تحت عنوان (النفط نقمة أم نعمة) صرخ فيه بأعلى صوته دون أن يتلفت إليه أحد، وكأنه كان يصرخ بين المقابر، مع أن الرجل تحدث عن كوارث ومآس يعيشها سكان هذه المناطق، وأنهم لم يجنوا من النفط سوى تدمير البيئة وانتشار السرطان واللوكيميا، إضافة إلى تلوث المياه وهروبها من الآبار.

وما يريد الناس قوله لمن يهمهم الأمر، أن بعض المفردات وبعض الجمل لم تعد تطرب آذان الناس ولا تفرحهم، وأن يمننة الوظائف من وجهة نظر البعض ما هي إلا (قَبْيَلَة) الوظائف النفطية، حيث إن معظم العاملين في هذا القطاع هم من قبائل المتنفذين فيه، وما بعض الشعارات إلا كلمة حق أريد بها باطل، وليس هناك من داع لتذكير الحزينة البكاء، وهم في الواقع ليسوا ضد اليمننة ولا حتى ضد العامل الأجنبي، على اعتبار أن الناس أخوة، كلهم لآدم وآدم من تراب، وبغض النظر من أين أتى هذا الإنسان أو ذاك، فهذا لا يهم، فقد تعايش سكان هذه المناطق مع بشر من مختلف بقاع العالم، قبل أن يصل العالم إلى هذا التداخل والتقارب الحاصل اليوم، وهم يتمنون الخير لكل الناس، ولكن قبل ذلك يتمنون الخير لأنفسهم، فلايعقل أن يحرم هؤلاء الناس من فرص التأهيل والتدريب ومن أبسط الوظائف، ويضربون بالرصاص على أبواب الشركات في عقر دارهم!

ونقول لهم ابتسموا اليمننة قادمة، ودون أن يتحرك المسئولون لإزالة الغبن عنهم أو إنصافهم.

وعلى المسئولين أن يعرفوا أن عصر الشعارات والوعود العرقوبية بإصلاح الأمور يفترض أن يتوقف، وأن يبدأ زمن عدالة التأهيل والتوزيع للوظائف، وإعطاء أبناء هذه المناطق حقوقهم، وهذا ليس صعباً على المسئولين لو صدقت النوايا وابتعد المتنفذون عن التمسك بشعار (جوِّع كلبك يتبعك) لأن الكلب تحت تأثير الجوع قد يذهب إلى آخر يقدم له الغذاء ويترك صاحبه الأناني.

وقديماً قالوا (من أراد كل شيء خسر كل شيء!).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى