الأجندة الوطنية والأجندات الأخرى

> سيف العسلي:

> من الواضح أن هناك من يحاول أن يستغل الديمقراطية الناشئة في اليمن ليروج لأجندات غير وطنية خاصة به. ولأن وضع اليمن لا يتحمل إهدار الوقت والموارد في الانشغال بهذه الأجندات التي أقل ما يقال عنها أنها غير وطنية وصادرة من قبل القوى الانتهازية والفاسدة.

تتمحور هذه الأجندات غير الوطنية حول السعي لتهديد الوحدة الوطنية وإجهاض الديمقراطية ومفاقمة الأزمات الاقتصادية. ويتم تسويق هذه الأجندات تارة تحت الحفاظ على الدين وتارة تحت حماية القبيلة وتارة تحت التحديث وتارة تحت لافتة محاربة الفساد وتارة تحت المطالبة بالحقوق. ويتم التعبير عنها بوسائل متعددة أهمها تهييج الرأي العام وتشجيع الاضطرابات وشن حملات التشويه ضد اليمن و تخويف المستثمرين وتغذية الثارات واختلاق المواجهات بين المواطنين وبعضهم البعض وبينهم وبين الدولة واستغلال الهفوات وتضخيم الاختلالات. فبالإضافة إلى الآثار الضارة لهذه الأجندات على عملية التطوير والبناء في الداخل فإنها تفتح أبواباً للتدخل الأجنبي الذي لا يكون في الغالب إلا لمصالح أجنبية قد لا تتفق بالضرورة مع المصالح الوطنية.

لكن لحسن حظ اليمن فإن لديها أجندة وطنية واضحة مدعومة بقيادة سياسية واعية. تتمثل الأجندة الوطنية التي تتبناها القيادة السياسية بزعامة فخامة الأخ الرئيس حفظه الله في الاستمرار بتطوير العملية الديمقراطية وتطوير الاقتصاد اليمني والحفاظ على استقلال ووحدة اليمن. لايشك أحد بصعوبة تنفيذ هذه الأجندة في ظل الظروف الاقليمية والدولية الحالية الأمر الذي يتطلب تضافر جهود كل اليمنيين الوطنيين.

يجب أن يستمر تطوير العملية الديمقراطية لأنها الضمانة الأساسية لتحقيق الاستقرار السياسي المتسدام في الأجل المتوسط و الطويل. ويجب إفشال جهود ذوي الأجندات غير الوطنية لعرقلة ذلك من خلال تعمدهم خلق بؤر عدم الاستقرار.

إن إفشال هذه المحاولات يحتم على اليمنيين الوطنيين مساندة القيادة السياسية من حيث التصدي للأكاذيب والتضليل الذي تمارسه القوى الانتهازية ضد الثوابت الوطنية. ينبغي أن يتم ذلك من خلال الآليات الديمقراطية ذاتها. فممارسة مبدأ حرية التعبير سيعمل على ترشيد نفسه بنفسه. فإذا ما استخدمه البعض لنشر الكذب والتضليل فإن على اليمنيين الوطنيين استخدامه لدحض ذلك.

وبما أن الصدق أقوى من الكذب لأن تأثيره على النفس أقوى ولأن أنصاره أكثر فإن ما يبث من كذب وتضليل سوف يتلاشى بشكل تلقائي من خلال تفنيد اليمنيين الوطنيين له. وفي هذه الحالة فإنه سيتم الحفاظ على الممارسات الديمقراطية بل وسيتم تطويرها.

إن اليمن يحتاج إلى سرعة تطوير اقتصاده بهدف توفير وظائف للعاطلين وزيادة مستويات الدخل الحقيقي. إن تحقيق ذلك يتطلب القيام بعدد من الاصلاحات الصعبة والمؤلمة. إن عملية تشجيع الاستثمار وجذبه يتطلب إصلاح القوانين وزيادة كفاءة المؤسسات الحكومية وزيادة كفاءة القطاع الخاص.

من الواضح أنه لا يمكن تحقيق ذلك وبالسرعة المطلوبة إلا إذا تم التوقف عن إثارة الاضطرابات والاعتصامات وافتعال المواجهات مع قوات الأمن. ولتحقيق ذلك فإن على اليمنيين الوطنيين عدم الاستجابة للشعارات التي يرفعها ذوو الأجندات غير الوطنية بهدف التشكيك بالثوابت واللحمة الوطنية.

إن جذب الاستثمارات يتطلب التطبيق الصارم للقوانين واللوائح، ومن الواضح أنه لا يمكن أن يتم ذلك بالشكل المطلوب في ظل أجواء الاحتقانات والتشكيك والدعاية المغرضة الهادفة لتشجيع الخارجين عن القانون تحت دعاوي رفع الظلم والمطالبة بالحقوق. فلا حقوق بدون احترام القانون واللوائح.

إن توفير وظائف للعاطلين وحماية الحقوق يتطلب القيام بعملية إصلاح شامل للقضاء وللخدمة المدنية وللنظام المالي والنقدي. من الواضح أنه لا يمكن تحقيق ذلك بدون التخلي عن التعصب الحزبي فإذا كانت بعض الأحزاب تعتبر أن أي إجراء يتخذ ضد قواعدها و مناصريها ظلماً بعض النظر عن اتفاقه مع القانون والمصلحة العامة أو عدم اتفاقه. لا يمكن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بدون توفر قدر معقول من الحيادية. ولاشك أن مطالبة أصحاب الأجندات غير الوطنية بتسيس الوظيفة العامة لا يساعد على القيام بالإصلاحات الضرورية في الخدمة المدنية. إن تشويه أهداف وغايات بعض الإصلاحات المالية والنقدية من قبل هؤلاء يجعل من الصعب القيام بها. ولاشك أن ذلك لا يعمل على تهيئة المناخ المناسب للاستثمار و النهوض الاقتصادي.

إن تعمد بعض أصحاب الأجندات غير الوطنية إشغال القيادة السياسية بقضايا مثل آثار حرب عام 1994م وتصحيح مسار الوحدة وتقاسم السلطة وإثارة النعرات الانفصالية والمناطقية والمذهبية ودغدغة العواطف وإثارة الرعب وغير ذلك من الممارسات غير المسؤولة لا يساعد على توفير المناخات المناسبة للقيام بالاستثمارات الضرورية بهدف حسين مستوى المعيشة للمواطنين.

إن دغدغة عواطف الناس ومن خلال تعمد أصحاب الأجندات غير الوطنية تغييب الحقائق أو طمسها وممارسة التضليل على الناس لا يطعم جائعاً ولا يوفر وظائف للعاطلين بل أنه قد يترتب على ممارسات كهذه هروب رؤوس الأموال وانخفاض مستوى التعليم و الصحة وغير ذلك من الأضرار.

إن إشغال أجهزة الدولة بالتعامل مع الأجندات غير الوطنية سيترتب عليه زيادة الأعباء غير الضرورية التي يتحملها الوطن بشكل عام والفقراء من أبنائه بشكل خاص.

إن الحفاظ على الوحدة والديمقراطية والسعي لتطوير الاقتصاد اليمني يجب أن لا يرتبط بأي مطالب مهما كانت وجيهة. ذلك أنه لا توجد أي تجربة إنسانية خالية من الخطأ قل ذلك أو كثر. فالمطالب المستمرة بتصحيح أي اختلالات التي قد تظهر بحكم القصور الذاتي أو بسبب عملية التطوير نفسها يجب أن تكون بمنأى عن هذه الأجندة الوطنية وخصوصاً أن القيادة السياسية في بلادنا تقبل بالنقد وبالرأي الآخر وتقدم على معالجة الأخطاء على الرغم من محاولة بعض أصحاب الأجندات غير الوطنية التشكيك بذلك والسعي لإفشالها.

إن ذلك يحتم على اليمنيين الوطنيين فضح وإفشال خطط ذوي الأجندات الخاصة المتناقضة مع المصالح الوطنية والتي تهدف إلى القضاء على الوحدة وإيقاف المسار الديمقراطي وتكريس التخلف الاقتصادي. إن ذلك يتطلب تلاحم القيادة السياسية وأبناء اليمن الخيرين لتحقيق ذلك مهما حاول ذوو الأجندات غير الوطنية شغلهم عن ذلك.

إن أفضل طريقة للتعامل مع هذه الأجندات هي التفاف الوطنيين اليمنيين حول القيادة السياسية وأجندتها الوطنية من خلال تهميش وإهمال شعارات أصحاب الأجندات غير الوطنية. إن ذلك يعني أن على اليمنيين الوطنيين المستفيدين من الأجندة الوطنية أن لا يقفوا محايدين، فإن عليهم الانحياز إلى الأجندة الوطنية والدفاع عنها. لأن عدم القيام بذلك سيترتب عليه تباطؤ عملية تنفيذ الأجندة الوطنية وبالتالي إلحاق فادح الأضرار بجميع اليمنيين بمن فيهم أصحاب الأجندات غير الوطنية أنفسهم. فالبديل عن ذلك هو الفقر والبطالة والتخلف بكل أشكاله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى