تحريف المصطلحات اللغوية لتشويه الإسلام والعروبة

> امذيب صالح احمد:

> إن سياسات الهيمنة الاستعمارية الاستغلالية للشعوب في هذا الوقت تحاول تحطيم الأصول الدينية والقيم الاجتماعية لشخصية الأمة العربية والإسلامية حتى يسهل عليها تطويعها وتكييفها وقولبتها في إطار خدمة السياسات الاستغلالية للتوحش الرأسمالي التوسعي لهذه الهيمنة الإمبريالية الجديدة والاستكبار العالمي لأن الإسلام -حسب قول العقاد «هو دين التكافل الاجتماعي ودين تقديس الحرية ودين مقاومة المظالم والشرور ودين محاربة المذلة والاستعباد والاحتلال». إنه دين جهاد في سبيل العدالة الاجتماعية وهو بصحوته الراهنة سيقف قلعة منيعة أمام طغيان الرأسمالية المتوحشة بزعامة أمريكا التي تتقنع بالديمقراطية الليبرالية بعد سقوط «الشيوعية الأممية» بقيادة الاتحاد السوفيتي المنهار.

وعليه فلابد لهذه الإمبريالية ذات التوحش الرأسمالي ان توجه هجومها على «الإسلام الأممي» ديناً ودولاً بكل الوسائل الإعلامية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية التي مكنتها بها بعض مظاهر العولمة السيئة وساعدتها على بسط نفوذها في بعض الدول الإسلامية حتى تتحكم استراتيجيا عليها وعلى إمدادات النفط منها وتجعل من تواجدها فيها طوقاً حصارياً حول القوى الصاعدة في الشرق مثل روسيا والصين والهند واليابان وغيرها.

ومن الوسائل الإعلامية والثقافية في الحرب على العروبة والإسلام تحريف المصطلحات اللغوية لتشويه وتجريح العروبة والإسلام بالتلبيس والتدليس. فيقوم بعض المفكرين في الغرب من ذوي الأصول اليهودية وأمثالهم من المتصهينيين الفرنجة يجاريهم في ذلك بعض من العرب التغريبيين والمتفرنجين بتزييف الوعي العربي والإسلامي لدى الجماهير من خلال تحريف المعاني والمصطلحات الهامة المتعلقة بتكوين الهوية الوطنية والثقافية لشخصية الأمة العربية والإسلامية كأداة من أدوات الاستعمار والهيمنة الإمبريالية لأمريكا وأتباعها من المتحالفين معها وذلك لتمهيد وتبرير تحطيم مقومات الدول العربية والإسلامية وتسهيل تفكيكها والفتك بها واستعمارها اقتصادياً واجتماعياً بل وحتى احتلالها عسكرياً.

(1) صراع الحضارات بدلاً من صراع الطبقات:

فمصطلح «الصراع الطبقي» الذي صاغته الماركسية الغربية الأوروبية للصراع بين «الطبقة العاملة» وبين «الطبقة البرجوازية» قد حوله المستشرق الإنجليزي الصهيوني برنارد لويس رجل المخابرات البريطانية سابقاً والأمريكية حالياً في سبعينيات القرن العشرين، حينما استقدمته وكالة المخابرات الأمريكية للعمل معها، الى «صدام حضارات» وتحديداً بين حضارة الدين الإسلامي من جهة وبين حضارة الإمبريالية الأوروبية بزعامة أمريكا من جهة أخرى وشهر بهذا المصطلح رجل المخابرات الأمريكية المتفلسف صمويل هنتنجتن في كتابه «صدام الحضارات وإعادة بناء العالم»، الذي هو عبارة عن دليل نظري للمشروع الاستعماري الامريكي فصدام الحضارات هو الغزو والاحتلال ماديا و روحياً أما إعادة بناء العالم فهو الفوضى الخلاقة في الهدم وتفكيك الهوية فالكتاب يؤكد على استحكام العداء ووجوب الصراع بين الحضارة الغربية من جهة وبين الحضارة الإسلامية والحضارة الكونفوشية (الصينية) من جهة أخرى، والهدف الأساسي لهذا المصطلح هو طمس فكرة «الصراع الطبقي» في الفكر الأوروبي وتزييف وعي الرأي العام الغربي بنظرية الصدام والصراع مع أعداء الخارج الوهميين لإعادة إنتاج الاستعمار القديم وتحديث وسائله بالعولمة. بل انه في مصطلح صدام الحضارات محاولة للتشويش على قانون التدافع الإسلامي العام في كل المجتمعات الذي يجعل القوى الانسانية الخيره تدفع القوى الانسانية الشريرة في صراع مستمر حتى لا يعم الفساد على الأرض.

إن السبب وراء التفلسف لتبرير الصراع والعداء والعدوان من جانب الرأسمالية اللاإنسانية التي توحشت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي هو ان شريعة الإسلام مبنية على (الحق والعدل) أي على حقوق الإنسان وعدالة الحكم التكافلي للمجتمع الإنساني، أما الصين ففيها بقايا اشتراكية ماركسية ولذلك فهما لن يقبلا بهذه الوحشية للرأسمالية الليبرالية في تنظيم مجتمعاتهما وإخضاعها لعبودية قوانين السوق الاقتصادية في خدمة الدول الصناعية على حساب شعوبها المستضعفة. و قد وردت نظرية «صدام الحضارات» في كتاب المؤرخ البريطاني الشهير آرنولد توينبي الموسوم «مختصر دراسة للتاريخ» الذي ألفه في النصف الأول من القرن العشرين وترجمه الى العربية الأستاذ محمد فؤاد شبل عام 1960، وبما ان النظرية وردت في الباب التاسع تحت عنوان «الاتصال بين الحضارات في المكان» إلا ان الفصل كان عنوانه «عرض للمصادمات بين الحضارات المتعاصرة» أما العنوان الفرعي فهو (تلاقي مع الحضارة الغربية - الغرب الحديث والعالم الإسلامي). فالصورة التي رسمها لأهمية العالم الإسلامي هي نفسها التي ينطلق منها كتاب الحرب والغرب الحاليون. لكن توينبي كان يتحدث عن مصادمات بين حضارات متعاصرة لفترة مؤقتة بسبب عوامل الصعود التي تتحكم في نشوء الحضارات وموتها كما يراها ضمن فلسفته لدورات الحضارات البشرية في التاريخ ولكنه لم يتحدث عن صدام بين حضارة قوية تؤثر في العالم كحضارة العالم الغربي اليوم وبين حضارة كامنة رابضة فاقدة للقوة المادية كالحضارة الإسلامية. لكن فلاسفة المخابرات والتبرير الاستعماري يضطرون إلى تشويه الحقائق وتفسيرها بمقاصد الهيمنة والاستغلال لأن أهمية العالم الإسلامي بالنسبة لهم هي نفسها التي حددها توينبي في العبارات التالية: «ذلك لأن طالع العالم الإسلامي في المستقبل القريب، متوقف -على أي حال- على نتيجة اختبار القوة بين العالمين الغربي والروسي اللذين يطوقان العالم الإسلامي فيما بينهما. ولقد تعاظمت أهمية العالم الإسلامي في نظر هذين المتحاربين منذ اختراع محرك الاحتراق الداخلي». «فللعالم الإسلامي أهميته القصوى كمصدر للسلع الأساسية، وكمعبر للمواصلات الرئيسية. ويضم العالم الإسلامي ثلاثة مواطن من الحضارات الأربع الرئيسية في العالم القديم». «على إن أهم إضافة لموارد العالم الإسلامي الاقتصادية، جاءت نتيجة اكتشاف والانتفاع بمستودعات الزيت الكامنة في بطن أرض، لم تكن لها في يوم من الأيام، قيمة زراعية ذات شأن». «وقد أسفرت النتائج التي تلت التدافع نحو الزيت، عن وضع سياسي متوتر. طالما كان نصيب روسيا من تلك الغنيمة في القوقاز وأنصبة الدول الغربية الكبرى في إيران والبلاد العربية، تقع في نطاق سلسلة متصلة الحلقات».

إن «صدام الحضارات» عند توينبي هو صدام مؤقت وبين طرفين متكافئين حينما تختلف مصالحهما عند نقاط التماس، أما «صدام الحضارات» الحالي الذي تستخدمه قوى الهيمنة والاستعمار العالمي فهو صراع الى أجل غير مسمى وبين طرفين غير متكافئين هدفه استغلال الطرف الأقوى للطرف الأضعف ولذلك فهو ليس صداماً بل عدوان للكبير على الصغير ولتبرير ذلك استخدمت منظومة من المصطلحات بعد تشويهها مثل «الإرهاب» و«الاصولية الاسلامية» و«الظلامية» و«الشرق الأوسط» و«الشرق الأوسط الجديد» و«نهاية التاريخ» وغيرها للحرب على العرب والمسلمين ثقافياً وإعلامياً.ولمحو بقية آثار الفكر الثوري للشيوعية في العالم وخاصة إوروبا الغربية.

(2) أصولية العنف الغربي وأصولية فلسفة التشريع الإسلامي:

واستكمالا لمصطلح صدام الحضارات ظهر مصطلح الاصولية الذي استخدم في الغرب كوصف للفرقة الدينية المسيحية من كاثوليك أو بروتستانت التى تتمسك بالتراث وترفض التطور والتجديد والحداثة وترفض التسامح مع الآخر او قبوله وتحارب العلم وتؤمن بالعنف والقوة لفرض معتقداتها كما تؤمن بخرافات النبؤات التوراتية. وقد تطورت معاني الاصولية على مدى فترة تاريخية طويلة غير ان الذي ظهر منها في الغرب كما يقول رجاء جارودي: (ظهرت أم الأصوليات وهي الأصولية الصهيونية وتحت عباءتها ظهرت الأصولية الماركسية والأصولية الرأسمالية ومن باطن هاتين الاصوليتين ظهرت فكرة السيطرة على العالم الثالث في مطلع هذا القرن وكانت الشرارة الاولى لنشاط هذه الاصوليات هي اسقاط الخلافة العثمانية بتدبير الاب الروحي للاصولية الصهيونية تيودور هرتزل).

وبعد هذا التزاوج بين الاصوليات الدينية والسياسية في الغرب ظهرت الاصولية المسيحية الصهيونية التي تتظاهر باعتناق النبؤات التوراتية المبشرة بميلاد اسرائيل واستعادة أرض الميعاد وعودة المسيح ليحكم العالم ثانية من مسقط راسه بارض اورشليم القدس وهذه النبؤات هي البراقع التي تغطي الوجه الاستعماري الاستئصالي الغربي في فلسطين اليوم .

فلذلك لابد من إلباس تهمة الاصولية بكل ما تحمله من مفاهيم سيئة في التحجر والتطرف والتعصب والعنف على الاسلام والمسلمين كجزء من الحملة النفسية والثقافية بالتدليس والعولمة حتى تضعف فيهم روح الجهاد والمقاومة للعدوان والاستعمار التي يبثها الاسلام في نفوس المسلمين وحينما نقل مصطلح الاصولية الى اللغة العربية اعتباطاً كوصف للإسلام السياسي كان يقصد به في الظاهر الفكر الإسلامي المتطرف او المتحجر فالأصوليون المسلمون في نظرهم هم المتطرفون او المتحجرون الذين لا يريدون إلا رأيهم ويريدون فرضه بالقوة على الآخرين. غير ان ناقليه من التغريبين كانوا إما غافلين او مغرضين لأن المصطلح عند العرب والمسلمين له دلالات نبيلة ومقاصد سامية في جوهر الإسلام. فنحن نعلم ان تراثنا الإسلامي مليء بمصطلحات مثل أصول الدين وأصول العقيدة وأصول الشريعة وأصول الفقه وكثير غيرها غير ان أهم مصطلح في الفقه الإسلامي هو (علم الأصول) وهو ما يهدف أعداء الإسلام الى تشويهه وتدميره لأن الفقه او الشريعة الإسلامية كما يقول الفقيه الدستوري العظيم الدكتور عبدالرزاق السنهوري في كتابه الشهير (أصول الحكم في الإسلام) هي: «القانون الإسلامي او كما يسميه الفقهاء المسلمون (الفقه) أوسع نطاقاً من (القانون) في التشريعات المعاصرة. فالقانون بالمعنى الحديث في التشريعات الأوروبية يشتمل على قسمين هما: القانون العام والقانون الخاص.

أما الفقه الإسلامي فلا يقتصر على هذين الفرعين، بل هو أوسع نطاقاً من ذلك لأنه يدرس مسائل خارجة عن نطاق القانون بالمعنى المعروف في العصر الحاضر، كأحكام العبادات، والطهارة وبعض قواعد الصحة، وآداب السلوك والأخلاق. ثم ان الفقه الإسلامي لا يقتصر على دراسة الأحكام القانونية التي تدخل في نطاق (علم الفروع) بل انه يشتمل على شق آخر هو (علم الأصول) الذي يدرس مصادر التشريع (القرآن والسنة والإجماع والقياس وما إليها). ويبحث في طرق استنباط الأحكام الفرعية من تلك المصادر. كما ان الفقهاء يعتبرون دراسة العقائد علماً مستقلاً هو (علم الكلام)».

ولذلك فإن أي تحقير او ازدراء او انتقاص من مصطلح (الأصول) يعني السخرية من القرآن والسنة ومصادر التشريع الإسلامي الأخرى. أي إننا نحقر مصادر الشريعة الإسلامية من قرآن وسنة كما ننتقص من ديننا الحنيف فنسيء بذلك الى هويتنا الوطنية والإسلامية مجاراة لبعض السفهاء من مفكري الحداثة المقلدة والمعاصرة الشكلية. وللعلم فإن مذهب المعتزلة العقلاني في عمومه يقول ان للدين الإسلامي خمسة أصول هي (1) التوحيد (2) العدل (3) الوعد والوعيد (4) المنزلة بين المنزلين (5) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فكيف بنا نقبل بتشويه مصطلح استخدمه أكثر فقهاء المسلمين عقلانية.

ولقد نشأت مذاهب وفرق وملل ونحل في الإسلام على مدى التاريخ من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وسميت بأسماء كثيرة غير انها لم تستخدم أية مصطلحات سيئة لتشويه أصول الدين الإسلامي او تجريح مبادئه. إن المصطلحات الإسلامية لها دلالات عميقة في نفوس المسلمين ترسخت على مدى العصور وكل تشويه لها هو تشويه لهويتنا وشخصيتنا وحضارتنا وهناك العديد من المصطلحات التي لا داعي لذكرها الآن. فهم يحاولون طمس مصطلحات الثورة الأوروبية على حساب تشويه مصطلحات الإسلام وفق مخطط صراع الحضارات الاستعماري.

وقد تغلغلت مثل هذه المصطلحات المدسوسة الى حياتنا حين كانت حركات التحرر العربي في أوج صراعها مع الاستعمار الأوروبي والاستكبار العالمي وقاعدته العسكرية إسرائيل وحتى حينما كان النظام في مصر يختلف ويصطدم مع حركة «الأخوان المسلمين» فإن مناصري الحكم يستخدمون مصطلحات معادية.فانتشرت في السوق السياسي لتلك الفترة وصف «إخوانجي» لكل ناشط سياسي إسلامي وهو مصطلح ناقد في ظاهره لكن باطنه يقلل من قيمة العبارة القرآنية التي تقول (إنما المؤمنون إخوة) كما يشوه المفهوم القرآني للأخوة بين المسلمين ولذلك فهو لا يخلو من دس وتضليل إعلامي رغم انه كان متقولاً به من قبل أنصار القومية العربية. واليوم نسمع من بعض المشبوهين ذوي الميول الشعوبية الذين يطفو بهم السطح الإعلامي يصفون نصير القومية العربية بأنه «قومجي» للتقليل من مفهوم العروبة وازدرائها ما دامت ملازمة للإسلام. فتشويه كلمة القومية مثلاً هو تشويه لمفهومها الدلالي مما يثير الفتن والتفرقة بين الناس بتحريك مطالب ومشاكل للأقليات بدلاً من الانشغال بمواجهة التناقضات الكبرى التي يخلقها الصراع بين مصالح الوطن والشعب وبين مصالح قوى الهيمنة الخارجية. وبالمثل فإن كل تشويه لدلالة المصطلحات الاجتماعية له نتائج سيئة على الثقافة والهوية الوطنية للشعوب كما سيبين لنا لاحقاً.

(3) «نهاية التاريخ» للرأسمالية الليبرالية بدلاً من «حتمية التاريخ» للاشتراكية الماركسية:

وقد قام مفكر المخابرات الأمريكية الياباني الأصل فوكوياما بصياغة مصطلح «نهاية التاريخ» بدلاً من مصطلح «حتمية التاريخ» الماركسي ليؤكد ان التاريخ الإنساني انتهى بانتصار الرأسمالية المتوحشة أمريكياً وان حتمية التاريخ بانتصار الاشتراكية او العدالة الاجتماعية بمعنى خفي قد سقط نهائياً مما يعني ايضاً ان حركات التحرر الوطني والحرية من الهيمنة والتبعية في بقية الدول والشعوب المستضعفة لم يعد لها ان تحلم بالحرية او العدالة الاجتماعية بعد ان لقي «الدب الروسي» الشيوعي مصرعه في «مزرعة الحيوان» التي تخيلها الكاتب البريطاني الساخر جورج أويل في روايته المشهورة (Farm Animal).

وقد أصدر فوكوياما في إوائل تسعينات القرن العشرين كتاباً أسماه «نهاية التاريخ وخاتم البشرية» وترجمه الى العربية الكاتب حسين أحمد أمين حاول فيه التأكيد على ان الرأسمالية الليبرالية أي المتوحشة بوجهها الديمقراطي الليبرالي تمثل نهاية التاريخ في التطور الايدولوجي للانسانية والصورة النهائية لنظام الحكم البشري كما يتخيل هو ويوهم الآخرين بفشل كل النظريات والفلسفات المادية والروحية التي جاءت بها السماء او الأرض منذ آدم عليه السلام.

فالكتاب عبارة عن مسح شامل للنظريات والافكار والاحداث في المجال الفلسفي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي المنتقاة حسب مزاج المؤلف ونقده لها وفق منهج محدد سلفاً ونحو غاية معينة كما رسمتها له دوائر خفية لإصداره في وقت معين مزامن لإفلاس الماركسية وانهيار النظم الاشتراكية في أوروبا وتوابعها لأن الجهد الذي بذل في كثافة معلومات الكتاب كماً وكيفاً يدل على ان فريقاً من الكتاب قد ساعده في ذلك المسح الفكري الشامل فالتأليف قد أصبح صناعة في بعض الدول المتقدمة.

(4) وصف الجهاد بالإرهاب في مقاومة الاستعمار والاستبداد:

استغل الإعلام الأمريكي المتصهين حادثة تفجير الطائرات المشبوهة في برجي نيويورك عام 2001م لإطلاق مصطلح «الإرهاب» على كل عدوان مسلح إجرامي او على كل جهاد او مقاومة مسلحة ضد الاستعمار والاحتلال الأجنبي او على كل عمل اجتماعي اسلامي حتى يطغى هذا المصطلح بدلالته الجديدة في الوصف على مصطلحات حركات التحرير سابقاً في الفكر الإنساني التي سادت العالم وكانت ملازمة للثورات الوطنية او الاشتراكية خاصة. غير أن حصره الآن في نطاق العالم الإسلامي يدرجه ضمن مخطط صدام الحضارات المرسوم مسبقاً لدى دوائر الحرب في أمريكا.

وبما أن المصطلح بالإنجليزية هو «Terrorism» فإن الكلمة العربية التي طيرتها وسائل الإعلام وقتلتها ترديداً هي (الإرهاب) مع أنها ليست ترجمة صحيحة رغم ورودها في بعض القواميس (الإنجليزية - العربية). ورغم ان مجمع اللغة العربية في القاهرة أقرها كلفظ معرب حوالي منتصف القرن الماضي لأن وسائل الاعلام العربية المسموعة والمكتوبة أشاعتها بين الناس بسبب سيطرة الغرب الاعلامية التي كانت معادية لحركات التحرر الوطني وكان الاعلام العربي يردد ما تقوله كالببغاء. والذي أقره مجمع اللغة العربية بالقاهرة هو مايلي: (الإرهابيون:

وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف والارهاب لتحقيق أهدافهم السياسية). ان إثارة الخوف في الآخرين باستخدام العنف المادي ظلماً وعدواناً لا يمكن أن يعني الإرهاب بل ان كلمة الإرعاب هي الأقرب الى المعنى. فالقرآن الكريم الذي يعتبر أول مرجع للغة العربية قد أورد بعض مشتقات مصدر الكلمة في اثنتي عشرة آية هي:

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ?البقرة40/2?.

لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ?المائدة5/82 ?

قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ?الاعراف7/?116

وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ?الاعراف7/ 154?

وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ?الانفال8 /60??

اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ?التوبة9/31

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ?التوبة9/?34

وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ ?النحل16/ 51

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ الانبياء21/?90

اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ?القصص28/?32

ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ الحديد57/ 27?

لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ?الحشر59/ 13?

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى